اقتصادات العالم الكبرى تتجه نحو الركود العميق

12 اغسطس 2020
مخاوف من موجة ثانية لكورونا تضرب الاقتصاد العالمي(Getty)
+ الخط -

تتجه اقتصادات العالم الكبرى نحو ركود عميق بعدما سجلت انكماشا كبيرا في الربع الثاني من العام الجاري مع تضاؤل فرص تحقيق انتعاش قوي في الربعين الثالث والرابع مع تجدد مخاوف بعض الدول من حدوث موجة ثانية من تفشي فيروس كورونا الجديد.

تداعيات كورونا

انكمش الاقتصاد الأميركي بأكبر وتيرة منذ الكساد الكبير في الربع الثاني من العام الحالي، إذ حطمت جائحة كوفيد-19 إنفاق المستهلكين والشركات، في حين يواجه التعافي الناشئ تهديدا من ارتفاع جديد في حالات الإصابة بفيروس كورونا.

وقالت وزارة التجارة الأميركية إن الناتج المحلي الإجمالي هوى بوتيرة سنوية بلغت 32.9 بالمائة في ربع السنة الماضي، وهو أكبر انخفاض في الناتج منذ بدأت الحكومة بحفظ السجلات في 1947.

وبالنسبة لمجمل العام 2020، يتوقع أن يبلغ الانخفاض 6.5 بالمائة قبل ارتفاع نسبته 5 بالمائة في 2021 ونمو أقل 3.5 بالمائة في السنة التالية، حسب تقديرات نشرها الاحتياطي الفدرالي الأميركي في بداية حزيران/يونيو.

وتوقع مكتب الميزانية بالكونغرس أن يرتفع عجز الميزانية هذا العام، التي تنتهي في 30 سبتمبر/ أيلول، إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3.7 تريليونات دولار، كما ارتفع الدين العام إلى 26.5 تريليون دولار حاليا.

وخفضت وكالة فيتش توقعاتها للتصنيف الائتماني للحكومة الأميركية إلى "سلبي" من "مستقر" بسبب العجز المتزايد في الميزانية، لكن الوكالة تحتفظ بتصنيفها العام عند أعلى مستوى "إيه إيه إيه".

اليابان تعاني

يتوقع الاقتصاديون انكماش الاقتصاد الياباني (الثالث عالميا) بوتيرة سنوية تبلغ 22 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي، وهو الأكبر منذ عام 1955، والتي ستعلن الحكومة أرقامها رسميا في وقت لاحق من الشهر الجاري.

وانكمش الاقتصاد الياباني بمعدل سنوي قدره 2.2 في المائة في الربع الأول من عام 2020، وعقب انخفاض بنسبة 7.2 في المائة في الربع السابق.

وأعلن البنك المركزي الياباني أن الاقتصاد سينكمش بنسبة 4.7 بالمائة في العام المالي المنتهي في آذار/مارس 2021، متوقعا انتعاشا في العام الذي يليه ومحذرا في الوقت نفسه من استمرار حالة الإرباك.

وتوقع البنك أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.3 بالمائة في العام المنتهي آذار/مارس 2022، قبل أن يسجل نموا بنسبة 1.5 بالمائة في العام المالي الذي يليه.

تراجع أوروبي

وتراجع الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، خلال الربع الثاني من العام الجاري بنسبة غير مسبوقة بلغت 12.1 بالمائة مقارنة بالربع الأول من العام الجاري، في ظل تفشي جائحة كورونا، وفقا لأرقام مكتب إحصاء الاتحاد الأوروبي (يوروستات).

ومقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، تراجع الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة 15 بالمائة، وفي الاتحاد الأوروبي بنسبة 14.4 بالمائة.

وانكمش اقتصاد ألمانيا (الرابع عالميا والأكبر أوروبيا)،  بنسبة 10.1 بالمائة في الربع الثاني، في أكبر تراجع له على الإطلاق، حيث قال مكتب الإحصاءات "هذا الانخفاض الأكثر حدة منذ بدء حساب الناتج المحلي الإجمالي الفصلي لألمانيا في 1970".

كما تظهر أرقام معدلة في ضوء العوامل الموسمية من مكتب الإحصاءات الاتحادي أنه على أساس سنوي تراجع الناتج المحلي بنسبة 11.7 بالمائة في الربع الثاني.

وانكمش الاقتصاد الفرنسي (ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو)، بوتيرة قياسية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بلغت 13.8 بالمائة في الربع الثاني.

وذلك هو الانخفاض الثالث على التوالي للناتج المحلي الإجمالي، في ركود بدأ في الربع الأخير من العام الماضي، حين قلصت إضرابات على مستوى البلاد 0.2 بالمائة من الناتج القومي.

كما تراجع إجمالي الناتج الداخلي الإيطالي بنسبة 12.4% في الربع الثاني من العام الجاري، 2020، مقارنة مع الربع الأول، وأظهرت بيانات المعهد الإيطالي للإحصاء (إيستات​)، أن إجمالي الناتج الداخلي تراجع 17.3% في الربع الثاني على أساس سنوي.

وخلال الأشهر الستة الأولى من العام، تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 14.3%.

ودخل الاقتصاد الإسباني في حالة ركود في الفصل الثاني من 2020 مع تراجع إجمالي الناتج الداخلي للبلاد بنسبة 18.5 في المائة بسبب وباء كوفيد-19، حسب معطيات نشرها، الجمعة، المعهد الوطني للإحصاء.

وبذلك يكون رابع اقتصاد في منطقة اليورو قد سجل تراجعاً لفصلين متتاليين في إجمالي الناتج الداخلي الذي تدهور بنسبة 5.2 في المائة في الربع الأول من العام الحالي.

وتتوقع الحكومة الإسبانية تراجع إجمالي الناتح الداخلي لعام 2020 بنسبة 9.2%، لكن مصرف إسبانيا ينتظر أن يبلغ هذا التراجع 15%.

وأدى الوباء إلى إلغاء مليون وظيفة في إسبانيا في الفصل الثاني، غالبيتها في الخدمات والسياحة.

انكماش متتال

وسجل الاقتصاد البريطاني انخفاضا قياسيا بلغ 20.4 بالمائة في الربع الثاني من العام الجاري، ووفقاً لبيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية، فإن سادس أكبر اقتصاد في العالم دخل في ركود بعد انكماش للربع الثاني على التوالي، حيث كان قد سجل انخفاضا في الربع الأول من هذا العام بنسبة 2 بالمائة.

وانكمش الاقتصاد الروسي 8.5 بالمائة على أساس سنوي في الربع الثاني، بعد النمو بنسبة 1.6% في الربع الأول.

في عام 2020 بأكمله، من المرجح أن ينكمش الاقتصاد الروسي بنسبة 4.5-5.5% قبل أن يعود إلى النمو في عام 2021، وفقًا للبنك المركزي الروسي، الذي توقع انكماشًا في الربع الثاني بنسبة 9-10%.

وسجل الاقتصاد الكوري الجنوبي تراجعا بنسبة 3.3 في المائة في الربع الثاني من هذا العام بالمقارنة مع الربع السابق ليسجل أقل مستوياته منذ الربع الأول من عام 1998، أي خلال مواجهة كوريا للأزمة المالية الآسيوية.

وذكر تقرير البنك المركزي الكوري حول إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في الربع الثاني من هذا العام، أن الصادرات الكورية انخفضت من السيارات والفحم والمنتجات النفطية وغيرها بنسبة 16.6 في المائة في الربع الماضي، وهي الأعلى على الإطلاق.

وفي هذا السياق توقع لي جو يول، محافظ البنك المركزي، أن تبلغ نسبة النمو الاقتصادي الكوري سالب 0.2 في المائة خلال هذا العام نتيجة للانخفاض الكبير في الصادرات ثم التعافي البطيء في الصادرات والاستهلاك.

ومع تسجيل حوالي سالب 3 في المائة من النمو في الربع الثاني من هذا العام من المرجح أن يتحقق توقع محافظ البنك المركزي الكوري.

الصين تفلت

وعلى عكس باقي الاقتصادات العالمية، فقد حقق إجمالي الناتج الداخلي الصيني (الثاني عالميا)، ارتفاعا بنسبة 3.2% في الربع الثاني من العام فأنعش النمو الاقتصادي، بعدما سجل أسوأ نتيجة له في مطلع العام حين كان وباء كوفيد-19 يشل البلد.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

والصين، حيث ظهر فيروس كورونا الجديد في كانون الأول/ديسمبر قبل أن ينتشر في العالم، هي أول دولة تعيد تحريك نشاطها الاقتصادي، وتعتبر بالتالي مقياسا للانتعاش الاقتصادي العالمي المرجو.

لكن وتيرة النمو الفصلي تبقى بعيدة عن المستوى الذي سجل لمجمل العام 2019 نحو 6.1 بالمائة وكان بالأساس الأدنى تاريخيا، لكنها تبقى أفضل من النمو في الربع الأول والذي كان سالب 6.8 بالمائة في ظل الوباء .

وانتعاش الاقتصاد ناجم، بحسب وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، عن "نجاح الصين في التعامل مع الفيروس" وسياسة دعم حكومي اتبعتها بكين.

وقالت المتحدثة باسم المكتب الوطني للإحصاءات ليو أيهوا، إن الاقتصاد الصيني واجه خلال الربع الأول بمجمله "تحديات خطيرة ناجمة عن كوفيد-19" داخل البلاد وخارجها في آن، موضحة أن النشاط الاقتصادي "ما زال يتعرض لضغوط".

وإذا كانت الصين تتعافى تدريجيا من الوباء، إلا أن ذلك يترافق مع تبعات اقتصادية هائلة حيث خسر ملايين الاشخاص وظائفهم، وهو عامل ينعكس بشكل فادح على الاستهلاك الداخلي.

وبحسب رئيس الوزراء لي كه تشيانغ، فإن 600 مليون شخص يمثلون حوالى نصف سكان الصين، يكسبون أقل من ألف يوان في الشهر (143 دولارا تقريبا).

المساهمون