تبدو دعوات قوى من المعارضة السياسية في الجزائر إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وإقرار هدنة سياسية واجتماعية لخمس سنوات، من أجل تحقيق توافق يتيح إخراج البلاد من الأزمة السياسية والاقتصادية الراهنة، وتلافي التهديدات والمخاطر الأمنية المحدقة بها بسبب توتر الوضع الإقليمي على الحدود الجنوبية والشرقية، حبراً على ورق في ضوء مجريات الحياة السياسية وانقطاع التواصل بين طرفي السلطة والمعارضة.
وحذرت حركة "مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب السياسية والإسلامية المعارضة في الجزائر، من الآفاق المسدودة أمام هذا البلد، ودعت السلطة إلى التعقل وإقرار خطة توافق ديمقراطية تسمح بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كل القوى السياسية، والاتفاق على هدنة سياسية واقتصادية. وقال رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، في افتتاح مؤتمر سياسي صيفي، إن هناك ثلاثة خيارات سياسية أمام السلطة الجزائرية في الوقت الحالي بسبب الوضع الاقتصادي الصعب وتفاقم المشكلات الاجتماعية ومخاطر الانفجار الداخلي والوضع الإقليمي المتوتر.
وأضاف أن الخيار الأول يتمثل في أن "يرشد النظام السياسي، فيقرر ويقود التوافق والتحول الديمقراطي بنفسه، ويسمح للجميع في المساهمة في تخليص البلد"، مشيراً إلى أن النظام "لن يجد فرصة أفضل من الانتخابات التشريعية المقبلة إن كان لا يريد أن يجلس مع المعارضة خارج المؤسسات". واعتبر مقري أن المعارضة توفر، في حال حصل ذلك، "ضماناً للانتقال السياسي والاقتصادي، بما يسمح بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كل القوى السياسية، والتوافق على هدنة سياسية واقتصادية لعهدة انتخابية كاملة على الأقل، وتحمل تبعات الإجراءات الصعبة للتحول الاقتصادي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج".
ومنذ شهر يونيو/حزيران 2014، تاريخ انعقاد أكبر تجمع سياسي لقوى المعارضة في الجزائر، ظلت المعارضة تطالب السلطة بإقرار مرحلة انتقالية والتوافق على محددات سياسية لتغيير الوضع السياسي والاقتصادي الهش والانتقال إلى مرحلة استقرار دائم وإعادة بناء المؤسسات السيادية. لكن السلطة وأحزابها الموالية ردت في أكثر من مناسبة على هذه المطالبات برفضها، واعتبرت أن الجزائر ليست بحاجة إلى مرحلة انتقالية على الرغم من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها. وتدرك قوى المعارضة، ومن بينها حركة "مجتمع السلم"، أن السلطة لن تقبل بمقترح حكومة توافق. من هنا يأتي الحديث عن خيارات أخرى حول مستقبل الوضع الجزائري.
في هذا السياق، يؤكد مقري أن أمام المعارضة خيارا ثانيا هو أن "تواصل التنسيق بينها للضغط على النظام السياسي ومواصلة العمل على تغيير موازين القوة بقدر ما تستطيع"، مشيراً إلى أن عامل الوقت يصب في صالحها في الانتخابات المقبلة. لكن مقري لفت إلى إمكانية تزوير هذه الانتخابات، الأمر الذي يعني أن الوضع سيراوح مكانه، وقال في هذا الصدد: "ستعيدنا إلى ما نحن عليه إن كانت مزورة، بل ستنجلي على وضع أشد على النظام السياسي بتأكيد فقدان شرعيته وانتقال المواجهة بينه وبين الشعب الجزائري حيث ستسقط الأوهام في وقت قصير"، مؤكداً أن مجلس النواب المرتقب، إنْ تشكّل على أساس التزوير، فإنه "لن يستهلك كل عهدته إذا تحققت التوترات المرتقبة التي تؤكدها مجمل الدراسات". وأضاف مقري أنه إذا "تآلفت المعارضة وصبرت على خلافاتها ستكون قادرة على إنقاذ البلد للقيام بتجربة ستكون أحسن من تجربة تونس في أسوء الأحوال، بالنظر لمصداقية المعارضة وباعتبار الخبرة المتراكمة من معاناة المأساة الوطنية ومعاناة التجارب العربية، وبالارتكاز على الخبرة المشتركة في التعامل بينها وفي التعامل مع خداع النظام السياسي".
اقــرأ أيضاً
وتحدث مقري عن خيار ثالث حول مستقبل الجزائر، قائلاً إن "هناك طريقاً ثالثاً تشتغل عليه حركة مجتمع السلم في كل الحالات، والتي عليها بشأنه مسؤولية أكبر إذا اجتمعت على الجزائر مصيبتان، مصيبة استمرار تسلط النظام السياسي ومصيبة انفراط عقد المعارضة بسبب الأنانيات والحسابات والتقديرات الخاطئة، وهو طريق الريادة السياسية"، في إشارة إلى خيار سياسي يتمثل بالعمل المنفرد و"الاعتماد الذاتي على قدرات الحركة والتواصل مع الشعب".
وفي ما يتعلق بدوافع هذا التوجه، قال رئيس حركة "مجتمع السلم" إن "الجزائر أمام حالة استثنائية غير مسبوقة مفتوحة على كل الاحتمالات"، معتبراً أنها تعيش "تحت سيطرة نظام سياسي رافض لكل نداءات العقل والحكمة رغم المستقبل الغامض الذي رسمه بريشته وحده". وذكر أن هذا النظام السياسي "تفرد باتخاذ قرار استخراج الموارد الطبيعية، وحوّلها من كنوز مخبأة مضمونة إلى كنوز متبخرة غير مضمونة"، مشيراً إلى أن قيمتها تجاوزت "أكثر من 1000 مليار دولار"، مما يعني، في نظره، أنه لو "استعملتها حكومةٌ راشدة لنهضت بها عشر دول وأكثر". انطلاقاً من ذلك، لفت مقري إلى أن "الدراسات تبين لنا اليوم مرة أخرى بأن النظام السياسي يتجه بنا مباشرة إلى الحائط، والجزائر تتجه إلى واقع مجهول، بسبب سياسات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الاقتصادية التي انتهت إلى الفشل بسبب استمرار حالة التبعية للمحروقات"، على حد قوله. والمشكلة تكمن، بحسب مقري، بعدم بناء قاعدة صناعية في الجزائر وفقدان الأمن الغذائي، وعدم تطوير الموارد البشرية والاحتياجات الخدمية. ولفت إلى أنه بدلا من تحقيق كل هذه الأمور، تطلق الحطومة "دعوات مخيفة للتقشف".
وإذا كانت الانتخابات البرلمانية المقبلة تمثل محطة رئيسة بالنسبة لقوى المعارضة لاختبار جديتها السياسية ومدى تجاوب الشعب مع قراءاتها للواقع السياسي ومقترحاتها السياسية، فإن التردد لا يزال يطبع مواقف أحزاب المعارضة بشأن المشاركة من عدمها، في هذه الانتخابات. لكن حركة "مجتمع السلم"، لا تزال تعطي "أهمية كبيرة للانتخابات التشريعية المقبلة على الرغم من الخيبة الحاصلة في مجال الحريات والغلق الممنهج للأفق السياسي، وعلى الرغم من تخريب المنظومة الانتخابية والتفرد بالتشريعات الدستورية وإحكام السيطرة على المنظومة الانتخابية والرغبة البادية في صناعة خارطة سياسية والاستبداد وتجسيد القوانين المفروضة في المجال الاقتصادي والثقافي والتربوي والاجتماعي"، وفق قول مقري.
إلا أن رئيس الحركة عاد وأكد أن هناك "عوامل متداخلة لا تزال تحكم اتخاذ قرار المشاركة أو المقاطعة. وقال "إننا ندرك تمام الإدراك بأن مسؤولية اتخاذ القرار بشأن الانتخابات التشريعية المقبلة كبيرة جداً، فالتسرع بالمقاطعة هو إعلان مبكر لقطع الأمل وما يتبع ذلك من إحباط وانكفاء يصعب ترقيعه، كما أن التعجل بالمشاركة يلزمنا بما قد تؤكد التطورات ضرره وبما لا يمكن تنفيذه"، مضيفاً أنه "ثمة محددات أساسية ستحسم القرار وهي ضمانات النزاهة والموقف الموحد للمعارضة بانتظار إجماعها إذ لا معنى للمقاطعة إذا لم تكن شاملة تؤلم النظام السياسي ولا تسمح له بالتلاعب على التناقضات".
في المحصلة، يمكن القول إن الجزائر تقف على أعتاب مرحلة سياسية بالغة الأهمية والخطورة، في وقت تعد فيه المعارضة لمقترحاتها السياسية، فيما تستعد السلطة لطرح خياراتها أيضاً، دون وجود أية فرص للحوار بين الطرفين.
وحذرت حركة "مجتمع السلم"، كبرى الأحزاب السياسية والإسلامية المعارضة في الجزائر، من الآفاق المسدودة أمام هذا البلد، ودعت السلطة إلى التعقل وإقرار خطة توافق ديمقراطية تسمح بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كل القوى السياسية، والاتفاق على هدنة سياسية واقتصادية. وقال رئيس الحركة، عبد الرزاق مقري، في افتتاح مؤتمر سياسي صيفي، إن هناك ثلاثة خيارات سياسية أمام السلطة الجزائرية في الوقت الحالي بسبب الوضع الاقتصادي الصعب وتفاقم المشكلات الاجتماعية ومخاطر الانفجار الداخلي والوضع الإقليمي المتوتر.
وأضاف أن الخيار الأول يتمثل في أن "يرشد النظام السياسي، فيقرر ويقود التوافق والتحول الديمقراطي بنفسه، ويسمح للجميع في المساهمة في تخليص البلد"، مشيراً إلى أن النظام "لن يجد فرصة أفضل من الانتخابات التشريعية المقبلة إن كان لا يريد أن يجلس مع المعارضة خارج المؤسسات". واعتبر مقري أن المعارضة توفر، في حال حصل ذلك، "ضماناً للانتقال السياسي والاقتصادي، بما يسمح بتشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها كل القوى السياسية، والتوافق على هدنة سياسية واقتصادية لعهدة انتخابية كاملة على الأقل، وتحمل تبعات الإجراءات الصعبة للتحول الاقتصادي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج".
في هذا السياق، يؤكد مقري أن أمام المعارضة خيارا ثانيا هو أن "تواصل التنسيق بينها للضغط على النظام السياسي ومواصلة العمل على تغيير موازين القوة بقدر ما تستطيع"، مشيراً إلى أن عامل الوقت يصب في صالحها في الانتخابات المقبلة. لكن مقري لفت إلى إمكانية تزوير هذه الانتخابات، الأمر الذي يعني أن الوضع سيراوح مكانه، وقال في هذا الصدد: "ستعيدنا إلى ما نحن عليه إن كانت مزورة، بل ستنجلي على وضع أشد على النظام السياسي بتأكيد فقدان شرعيته وانتقال المواجهة بينه وبين الشعب الجزائري حيث ستسقط الأوهام في وقت قصير"، مؤكداً أن مجلس النواب المرتقب، إنْ تشكّل على أساس التزوير، فإنه "لن يستهلك كل عهدته إذا تحققت التوترات المرتقبة التي تؤكدها مجمل الدراسات". وأضاف مقري أنه إذا "تآلفت المعارضة وصبرت على خلافاتها ستكون قادرة على إنقاذ البلد للقيام بتجربة ستكون أحسن من تجربة تونس في أسوء الأحوال، بالنظر لمصداقية المعارضة وباعتبار الخبرة المتراكمة من معاناة المأساة الوطنية ومعاناة التجارب العربية، وبالارتكاز على الخبرة المشتركة في التعامل بينها وفي التعامل مع خداع النظام السياسي".
وتحدث مقري عن خيار ثالث حول مستقبل الجزائر، قائلاً إن "هناك طريقاً ثالثاً تشتغل عليه حركة مجتمع السلم في كل الحالات، والتي عليها بشأنه مسؤولية أكبر إذا اجتمعت على الجزائر مصيبتان، مصيبة استمرار تسلط النظام السياسي ومصيبة انفراط عقد المعارضة بسبب الأنانيات والحسابات والتقديرات الخاطئة، وهو طريق الريادة السياسية"، في إشارة إلى خيار سياسي يتمثل بالعمل المنفرد و"الاعتماد الذاتي على قدرات الحركة والتواصل مع الشعب".
وفي ما يتعلق بدوافع هذا التوجه، قال رئيس حركة "مجتمع السلم" إن "الجزائر أمام حالة استثنائية غير مسبوقة مفتوحة على كل الاحتمالات"، معتبراً أنها تعيش "تحت سيطرة نظام سياسي رافض لكل نداءات العقل والحكمة رغم المستقبل الغامض الذي رسمه بريشته وحده". وذكر أن هذا النظام السياسي "تفرد باتخاذ قرار استخراج الموارد الطبيعية، وحوّلها من كنوز مخبأة مضمونة إلى كنوز متبخرة غير مضمونة"، مشيراً إلى أن قيمتها تجاوزت "أكثر من 1000 مليار دولار"، مما يعني، في نظره، أنه لو "استعملتها حكومةٌ راشدة لنهضت بها عشر دول وأكثر". انطلاقاً من ذلك، لفت مقري إلى أن "الدراسات تبين لنا اليوم مرة أخرى بأن النظام السياسي يتجه بنا مباشرة إلى الحائط، والجزائر تتجه إلى واقع مجهول، بسبب سياسات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الاقتصادية التي انتهت إلى الفشل بسبب استمرار حالة التبعية للمحروقات"، على حد قوله. والمشكلة تكمن، بحسب مقري، بعدم بناء قاعدة صناعية في الجزائر وفقدان الأمن الغذائي، وعدم تطوير الموارد البشرية والاحتياجات الخدمية. ولفت إلى أنه بدلا من تحقيق كل هذه الأمور، تطلق الحطومة "دعوات مخيفة للتقشف".
إلا أن رئيس الحركة عاد وأكد أن هناك "عوامل متداخلة لا تزال تحكم اتخاذ قرار المشاركة أو المقاطعة. وقال "إننا ندرك تمام الإدراك بأن مسؤولية اتخاذ القرار بشأن الانتخابات التشريعية المقبلة كبيرة جداً، فالتسرع بالمقاطعة هو إعلان مبكر لقطع الأمل وما يتبع ذلك من إحباط وانكفاء يصعب ترقيعه، كما أن التعجل بالمشاركة يلزمنا بما قد تؤكد التطورات ضرره وبما لا يمكن تنفيذه"، مضيفاً أنه "ثمة محددات أساسية ستحسم القرار وهي ضمانات النزاهة والموقف الموحد للمعارضة بانتظار إجماعها إذ لا معنى للمقاطعة إذا لم تكن شاملة تؤلم النظام السياسي ولا تسمح له بالتلاعب على التناقضات".
في المحصلة، يمكن القول إن الجزائر تقف على أعتاب مرحلة سياسية بالغة الأهمية والخطورة، في وقت تعد فيه المعارضة لمقترحاتها السياسية، فيما تستعد السلطة لطرح خياراتها أيضاً، دون وجود أية فرص للحوار بين الطرفين.