28 أكتوبر 2024
اعترافات ياسر عبد ربه
ماذا تبقى لنا، نحن الذين عارضنا اتفاق أوسلو، قبل أن يجف حبر التوقيع عليه، وحذرنا من نتائجه، بعد المؤتمر الصحافي الناري لعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ عقود، وأمين سرها المخلوع، ياسر عبد ربه.
أغلب الظن أن الرفيق ياسر صادر كل مفرداتنا التي تداولناها في هجاء "أوسلو" وما بعده، وزاد عليها إعلان موتها الأبدي، والتحذير من نتائج ما بعد جنازتها الباردة. ومن تحول السلطة الفلسطينية إلى "هيكل فارغ لحكم ذاتي محدود وهزيل، تمهيدا لإقامة نظام تقاسم وظيفي دائم بين السلطة والاحتلال".
تمتد اعترافات ياسر عبد ربه إلى زمن اتفاق أوسلو، متجاهلا مشاركته الفعالة فيها، لينتقد الاتفاق الذى أدى إلى اعتراف متبادل "غير متوازن أصلاً"، يقوم على الاعتراف "بحق إسرائيل في الوجود مقابل مجرد الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل لشعبنا"، معتبرا أنه انهار كليا "رهاننا على حل يؤدي إلى إنهاء الاحتلال عبر المفاوضات".
الموقف الثوري الجديد للرفيق ياسر، والذي نبت فجأة بعد عزله من أمانة سر اللجنة التنفيذية، بالطريقة المعاشة والمعتادة في الحالة الفلسطينية الراهنة، والمفتقدة للشرعيات السياسية والديمقراطية والقانونية. يمتد هذا الموقف، ليحذر من محاولة "ترميم ما قد تمزق، وسقط عبر الركض وراء مشروع جديد في مجلس الأمن، سوف يهبط بسقف حقوقنا الوطنية"، وأظهر (شجاعته) عبر ممارسة بعض ذيول المرحلة الثورية التي كان يتعلم بها النقد والنقد الذاتي، حين يفتح باب المراجعة، فيعترف "وبصراحة بأن خطتنا السياسية منذ أوسلو، وحتى الآن، فشلت فشلاً ذريعاً وتاماً، ولا يضيرنا الاعتراف بهذا من دون مكابرة". ودعا إلى إنقاذ المشروع الوطني وإيجاد "دعائم وروافع لتجديد هذا المشروع وحمايته".
ينسى السيد ياسر عبد ربه أنه قد سبق له منفردا القيام بمحاولة إيجاد دعائم لتجديد اتفاق أوسلو وحمايته، بتوقيع وثيقة جنيف مع يوسي بيلين، ضمن مجموعة محاولات واتصالات أخرى عديدة فاشلة، كانت تهدف إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من اتفاق أوسلو الساقط والمتهاوي، عبر تقديم مزيد من التنازلات للعدو.
وإذ يؤكد الرفيق العتيد، في معرض نقده المتأخر اتفاق أوسلو، أنه لم يكن يتضمن أي التزام بإنهاء الاحتلال عبر المفاوضات، من خلال مرحلة انتقالية تمتد إلى خمس سنوات، فلماذا، يا ترى، صمت بعد انتهاء السنوات الخمس، أزيد من عشرين عاماً إضافية، كان خلالها وقبلها من المتحكمين والفاعلين في صناعة القرار الفلسطيني؟ ومع أن بعضهم تنبه، في وقت مبكر، إلى عقم الاتفاق، ووصوله إلى طريق مسدود في السنوات الأولى منه، ومنهم الرئيس ياسر عرفات الذي لجأ إلى وسائل أخرى، في مقدمتها الانتفاضة، ودفع حياته ثمنا لهذا الموقف، فيما استمر ياسر ورفاقه من القيادة الفلسطينية المتنفذة في ركوب مركب "أوسلو" ومفاوضاته التي لا تنتهي حتى يومنا هذا، ومن دون أي أفق أو رؤية بديلة للخروج من هذا الواقع.
جميل أن تأتي هذه الاعترافات في هذا الوقت، وأن تأتي متأخرة خير من ألا تأتي. ولكن، إذا كنا هنا بصدد ممارسة النقد لتلك المرحلة، فأين هو النقد الذاتي، وما هي مسؤولية الرفيق ياسر فيها، ليس في مرحلة "أوسلو" وما تلاها، وإنما في ما سبق ذلك أيضاً، ومنذ كان ياسر عبد ربه الرجل الثاني في الجبهة الديمقراطية، يوم أن قامت الجبهة بدور حصان طروادة في الداخل الفلسطيني، واستغلتها قيادة فتح في تمرير برنامج التسوية ونهجها الذي بدأ منذ ما عرف ببرنامج النقاط العشر منتصف السبعينيات. منذ ذلك الوقت، تعهد ياسر عبد ربه، ورفاق له من مختلف الفصائل، تلك البذور الغريبة عن نضالات شعبنا العربي الفلسطيني، وتولوها بالرعاية والسقاية، وبالتراجع التدريجي عن الثوابت الوطنية، حتى أسفرت عن شجرةٍ لا تثمر، زرعوها في تربتنا، وأسموها "أوسلو".
المؤلم أن عدونا نعى "أوسلو" ودفنها عندما اجتاح مدن الضفة الغربية في أعقاب الانتفاضة الثانية، واستبدل بنودها ببرامج التنسيق الأمني، وخطتها بخطة دايتون، ما يجعل من تحذير ياسر عبدربه المتأخر، والممارس فعلاً، حول التقاسم الوظيفي بين السلطة والاحتلال في مكانه وموقعه.
في اعترافات عبد ربه شكل من الكوميديا السوداء المضحكة المبكية، فهو بعد كل هذا الكم من الاعترافات المذهلة، يبشرنا بأنه لن يترك مقعده في اللجنة التنفيذية التي خلع من أمانة سرها، ويدعونا إلى إطار قيادي موحد حتماً، سيكون هو جزءاً منه. وكأنه لا يكفيه، هو ورفاق دربه الذين حرفوا نضال الشعب الفلسطيني عن أهدافه الحقيقية أكثر من ربع قرن، ما جنته أيديهم من ويلات على شعبنا. وكأن انتقاد مرحلة بهذه النتائج الخطيرة، وعبر كل هذا المدى الزمني، مجرد ترف فكري، لا يتحمل صاحبه أي نتائج.
أقول: لا نريد منكم شيئاً، يكفينا اعترافاتكم بفشلكم المدوّي وبعقم سياساتكم، وهذا ينطبق على ياسر عبد ربه، وغيره ممن ساهم في هذه السياسات. فقط دعوا شباب القدس التي نجت من تنسيقكم الأمني يكملون هبتهم، ويحولونها إلى انتفاضة شاملة، مع دعاة المقاطعة وأبناء الضفة وغزة والشتات. أما أنتم، وقد جربنا كل حلولكم وأفكاركم، فنرجوكم، اليوم، الزموا بيوتكم واصمتوا وخذوا ما جنيتموه وانصرفوا.
تمتد اعترافات ياسر عبد ربه إلى زمن اتفاق أوسلو، متجاهلا مشاركته الفعالة فيها، لينتقد الاتفاق الذى أدى إلى اعتراف متبادل "غير متوازن أصلاً"، يقوم على الاعتراف "بحق إسرائيل في الوجود مقابل مجرد الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل لشعبنا"، معتبرا أنه انهار كليا "رهاننا على حل يؤدي إلى إنهاء الاحتلال عبر المفاوضات".
الموقف الثوري الجديد للرفيق ياسر، والذي نبت فجأة بعد عزله من أمانة سر اللجنة التنفيذية، بالطريقة المعاشة والمعتادة في الحالة الفلسطينية الراهنة، والمفتقدة للشرعيات السياسية والديمقراطية والقانونية. يمتد هذا الموقف، ليحذر من محاولة "ترميم ما قد تمزق، وسقط عبر الركض وراء مشروع جديد في مجلس الأمن، سوف يهبط بسقف حقوقنا الوطنية"، وأظهر (شجاعته) عبر ممارسة بعض ذيول المرحلة الثورية التي كان يتعلم بها النقد والنقد الذاتي، حين يفتح باب المراجعة، فيعترف "وبصراحة بأن خطتنا السياسية منذ أوسلو، وحتى الآن، فشلت فشلاً ذريعاً وتاماً، ولا يضيرنا الاعتراف بهذا من دون مكابرة". ودعا إلى إنقاذ المشروع الوطني وإيجاد "دعائم وروافع لتجديد هذا المشروع وحمايته".
ينسى السيد ياسر عبد ربه أنه قد سبق له منفردا القيام بمحاولة إيجاد دعائم لتجديد اتفاق أوسلو وحمايته، بتوقيع وثيقة جنيف مع يوسي بيلين، ضمن مجموعة محاولات واتصالات أخرى عديدة فاشلة، كانت تهدف إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من اتفاق أوسلو الساقط والمتهاوي، عبر تقديم مزيد من التنازلات للعدو.
وإذ يؤكد الرفيق العتيد، في معرض نقده المتأخر اتفاق أوسلو، أنه لم يكن يتضمن أي التزام بإنهاء الاحتلال عبر المفاوضات، من خلال مرحلة انتقالية تمتد إلى خمس سنوات، فلماذا، يا ترى، صمت بعد انتهاء السنوات الخمس، أزيد من عشرين عاماً إضافية، كان خلالها وقبلها من المتحكمين والفاعلين في صناعة القرار الفلسطيني؟ ومع أن بعضهم تنبه، في وقت مبكر، إلى عقم الاتفاق، ووصوله إلى طريق مسدود في السنوات الأولى منه، ومنهم الرئيس ياسر عرفات الذي لجأ إلى وسائل أخرى، في مقدمتها الانتفاضة، ودفع حياته ثمنا لهذا الموقف، فيما استمر ياسر ورفاقه من القيادة الفلسطينية المتنفذة في ركوب مركب "أوسلو" ومفاوضاته التي لا تنتهي حتى يومنا هذا، ومن دون أي أفق أو رؤية بديلة للخروج من هذا الواقع.
جميل أن تأتي هذه الاعترافات في هذا الوقت، وأن تأتي متأخرة خير من ألا تأتي. ولكن، إذا كنا هنا بصدد ممارسة النقد لتلك المرحلة، فأين هو النقد الذاتي، وما هي مسؤولية الرفيق ياسر فيها، ليس في مرحلة "أوسلو" وما تلاها، وإنما في ما سبق ذلك أيضاً، ومنذ كان ياسر عبد ربه الرجل الثاني في الجبهة الديمقراطية، يوم أن قامت الجبهة بدور حصان طروادة في الداخل الفلسطيني، واستغلتها قيادة فتح في تمرير برنامج التسوية ونهجها الذي بدأ منذ ما عرف ببرنامج النقاط العشر منتصف السبعينيات. منذ ذلك الوقت، تعهد ياسر عبد ربه، ورفاق له من مختلف الفصائل، تلك البذور الغريبة عن نضالات شعبنا العربي الفلسطيني، وتولوها بالرعاية والسقاية، وبالتراجع التدريجي عن الثوابت الوطنية، حتى أسفرت عن شجرةٍ لا تثمر، زرعوها في تربتنا، وأسموها "أوسلو".
المؤلم أن عدونا نعى "أوسلو" ودفنها عندما اجتاح مدن الضفة الغربية في أعقاب الانتفاضة الثانية، واستبدل بنودها ببرامج التنسيق الأمني، وخطتها بخطة دايتون، ما يجعل من تحذير ياسر عبدربه المتأخر، والممارس فعلاً، حول التقاسم الوظيفي بين السلطة والاحتلال في مكانه وموقعه.
في اعترافات عبد ربه شكل من الكوميديا السوداء المضحكة المبكية، فهو بعد كل هذا الكم من الاعترافات المذهلة، يبشرنا بأنه لن يترك مقعده في اللجنة التنفيذية التي خلع من أمانة سرها، ويدعونا إلى إطار قيادي موحد حتماً، سيكون هو جزءاً منه. وكأنه لا يكفيه، هو ورفاق دربه الذين حرفوا نضال الشعب الفلسطيني عن أهدافه الحقيقية أكثر من ربع قرن، ما جنته أيديهم من ويلات على شعبنا. وكأن انتقاد مرحلة بهذه النتائج الخطيرة، وعبر كل هذا المدى الزمني، مجرد ترف فكري، لا يتحمل صاحبه أي نتائج.
أقول: لا نريد منكم شيئاً، يكفينا اعترافاتكم بفشلكم المدوّي وبعقم سياساتكم، وهذا ينطبق على ياسر عبد ربه، وغيره ممن ساهم في هذه السياسات. فقط دعوا شباب القدس التي نجت من تنسيقكم الأمني يكملون هبتهم، ويحولونها إلى انتفاضة شاملة، مع دعاة المقاطعة وأبناء الضفة وغزة والشتات. أما أنتم، وقد جربنا كل حلولكم وأفكاركم، فنرجوكم، اليوم، الزموا بيوتكم واصمتوا وخذوا ما جنيتموه وانصرفوا.