لم يلقَ تغيير مادة التربية الإسلامية في المغرب استحسان التنسيقيّة الوطنيّة لأطر وأساتذة مادة التربية الإسلامية، والتي وصفته بـ "المبتذل"، وقد جاء التغيير "جذرياً وليس وفق نظام تقويمي موضوعي، وحكمه التسرع والاستعجال". في المقابل، دافع آخرون عنه، خصوصاً أنه يتضمن تعابير يمكن أن يستخدمها التلميذ في حياته اليومية.
أعضاء التنسيقيّة انتقدوا أيضاً "الاستئثار والانفراد" في تغيير المنهاج، من دون اعتماد مبدأ "التشارك مع المتخصّصين من مدرّسين وجمعيات معنية". هذا "الارتجال" أدّى، بحسب التنسيقيّة، إلى "عدم صدور كتاب التربية الإسلامية للسلك التأهيلي (ثاني ثانوي) بعد، وتأخر صدوره لدى الصفوف الإعدادية والابتدائية، عدا عن عدم صدور التوجيهات التربوية المنظّمة للمنهاج الجديد، وعدم تحديد المذكرات الخاصة بالامتحانات".
يوضح مدرّس التربية الإسلامية، وأحد أعضاء التنسيقية، عثمان غفاري، لـ "العربي الجديد"، أن "صفة الابتذال ترتبط بعدم تقييم المنهاج السابق، وإجراء دراسة موضوعية للخلل ونقاط الضعف فيه". ويرى أن قرار التعديل أصدرته "جهات عليا، وجاء استجابة لضغوط دولية من دون سابق إنذار"، مضيفاً أن "التعديل ضروري لمواكبة المستجدّات على مستوى المجتمع والتعليم. لكن يجب إعداد المنهاج الجديد استناداً إلى دراسة".
ويشير غفاري إلى أنّ تغييراً جذريّاً طُبّق على المادة بشكلها ومحتواها وكل ما يتعلق بها، وقد اعتمدت على "منظومة المداخل بدلاً من الوحدات. يبدأ التلميذ دراستها من السنة الابتدائية الأولى وحتى السنة الأخيرة، وتقسّم إلى مداخل عدة، أولّها نظام التزكية (تصحيح العقائد)، ومدخل الاقتداء، ودراسة حياة الرسول والصحابة، ومدخل الاستجابة المتعلّق بالعبادات، ومدخل القسط (الحقوق والواجبات)، ومدخل الحكمة". ويشير غفاري إلى أن "التغيير إيجابي وفيه تناسق واستمرارية بين مختلف المراحل التعليمية".
ويؤكد غفاري أنّ التنسيقية ليست لديها "ملاحظات على مستوى الرؤية الجديدة التي يتضمنها المنهاج، بل الإقصاء والاستفراد بتعديل المنهاج من قِبل لجنة مشتركة ضمّت ممثلين عن وزارة التربية والتعليم ووزارة الأوقاف"، لافتاً إلى أن "التنسيقيّة تتحفظ على الارتجال في مراجعته وتطويره، وما يترتب عليه من اختلالات جوهرية". ويصف التعديل الذي استحدثت فيه اللجنة 12 مقرراً دراسياً بـ "العبث"، فضلاً عن "تأخّر صدور بعض المقررات، وعدم صدور الكتاب الخاص بالأساتذة".
من جهته، يؤكّد منسّق فريق تأليف مادة التربية الإسلامية، ربيع حمّو، لـ "العربي الجديد"، أنّه كان يفترض بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين، ووزارتي التربية والأوقاف، دراسة الخلل في المنهاج القديم وتجاوزه في الجديد، وهذا ما لم يحصل إذ وضعت المنهاج الجديد من دون تحديد الثغرات، ما أدى إلى التشكيك فيه رغم ارتباطه بالهويّة والمرجعية الإسلامية. حمّو يلفت إلى أنّ الأساتذة لم يحصلوا بعد على مقرّرات المنهاج، وهم حائرون وتائهون.
وجاء تعديل المادة استناداً إلى قرار ملكيّ وجّه إلى وزيري التربية والأوقاف بداية العام الجاري. في هذا السياق، يقول حمّو إنه يتوّجب على الوزارة أخذ الوقت الكافي لإعادة إنتاج الكتب الدراسيّة، وتعريف المفتّشين والأساتذة بالمنهاج الجديد، وتجريبه.
اقــرأ أيضاً
وعن سبب تأخّر صدور كتب الصفّ التأهيلي (أول ثانوي)، يقول حمّو: "لم تقدّم الوزارة المنهاج الثانوي التأهيلي للمؤلّفين حتى نهاية شهر يوليو/ تموز الماضي. هكذا، تجاوزت مرحلة المراجعة والمصادقة، وبقيت الطباعة والتوزيع، وهذا يستغرق وقتاً". وقد خالف المجلس الأعلى للتربية والتكوين ميثاقه، ويتضمّن أنّ أقصر مدّة لإنتاج الكتب المدرسية هي ثمانية أشهر على الأقل، في وقت استغرق "إعداد منهاج يشمل كلّ المستويات الدراسيّة شهراً، بالإضافة إلى مرحلة التعديلات التي استغرقت شهراً آخر أيضاً".
رغم كلّ ما سبق، يتطرّق حمّو إلى إيجابيّات المادة الجديدة، أبرزها "تركيز المادة على اكتساب القيمة الأساسية للدين والمتعلقة بالتوحيد، وتقديم منهاج منسجم وفق فلسفة موحّدة بدءاً من المرحلة الابتدائيّة وحتى المرحلة الثانوية التأهيلية، على عكس المنهاج السابق، والذي كانت المادة فيه تعطى من خلال ثلاثة مستويات (ابتدائي، إعدادي، ثانوي)". ويوضح أن "البرنامج الجديد متكامل في مفرداته".
أما المفتّش المركزي في المفتشية العامة لوزارة التربية، عبد الرحمن الرافقي، فينفي أن يكون التغيير مبتذلاً، لافتاً إلى أنّه قائم على "ترجمة الأقوال إلى أفعال تنعكس إيجاباً على شخصية الطفل المتعلم". ويضيف أن التغيير بدأ منذ العام 2011، حين قرّرت وزارة التربية الوطنية إجراء تغيير شامل على المنهاج المغربي في المدرسة الابتدائية ثم الإعدادية والتأهيلية، وكان يفترض أن يشمل التغيير وسائل التدريس والبيداغوجيا المعتمدة، لكنّ وزير التربية حينها، محمد الوفا، علّق الأمر إلى حين تجديد المناهج". ويضيف أن المنهاج كان مهيأً، والتغييرات التي حدثت مؤخراً لم تمس الجوهر بل طريقة تناول المحاور.
ويتابع الرافقي: "كانت هناك رؤية لتبسيط المفاهيم الدينية، التي ظلت تتداول منذ عهد الخلفاء الراشدين، واستخدام تعابير يمكن أن يفهمها الطفل ويطبقها في حياته".
اقــرأ أيضاً
أعضاء التنسيقيّة انتقدوا أيضاً "الاستئثار والانفراد" في تغيير المنهاج، من دون اعتماد مبدأ "التشارك مع المتخصّصين من مدرّسين وجمعيات معنية". هذا "الارتجال" أدّى، بحسب التنسيقيّة، إلى "عدم صدور كتاب التربية الإسلامية للسلك التأهيلي (ثاني ثانوي) بعد، وتأخر صدوره لدى الصفوف الإعدادية والابتدائية، عدا عن عدم صدور التوجيهات التربوية المنظّمة للمنهاج الجديد، وعدم تحديد المذكرات الخاصة بالامتحانات".
يوضح مدرّس التربية الإسلامية، وأحد أعضاء التنسيقية، عثمان غفاري، لـ "العربي الجديد"، أن "صفة الابتذال ترتبط بعدم تقييم المنهاج السابق، وإجراء دراسة موضوعية للخلل ونقاط الضعف فيه". ويرى أن قرار التعديل أصدرته "جهات عليا، وجاء استجابة لضغوط دولية من دون سابق إنذار"، مضيفاً أن "التعديل ضروري لمواكبة المستجدّات على مستوى المجتمع والتعليم. لكن يجب إعداد المنهاج الجديد استناداً إلى دراسة".
ويشير غفاري إلى أنّ تغييراً جذريّاً طُبّق على المادة بشكلها ومحتواها وكل ما يتعلق بها، وقد اعتمدت على "منظومة المداخل بدلاً من الوحدات. يبدأ التلميذ دراستها من السنة الابتدائية الأولى وحتى السنة الأخيرة، وتقسّم إلى مداخل عدة، أولّها نظام التزكية (تصحيح العقائد)، ومدخل الاقتداء، ودراسة حياة الرسول والصحابة، ومدخل الاستجابة المتعلّق بالعبادات، ومدخل القسط (الحقوق والواجبات)، ومدخل الحكمة". ويشير غفاري إلى أن "التغيير إيجابي وفيه تناسق واستمرارية بين مختلف المراحل التعليمية".
ويؤكد غفاري أنّ التنسيقية ليست لديها "ملاحظات على مستوى الرؤية الجديدة التي يتضمنها المنهاج، بل الإقصاء والاستفراد بتعديل المنهاج من قِبل لجنة مشتركة ضمّت ممثلين عن وزارة التربية والتعليم ووزارة الأوقاف"، لافتاً إلى أن "التنسيقيّة تتحفظ على الارتجال في مراجعته وتطويره، وما يترتب عليه من اختلالات جوهرية". ويصف التعديل الذي استحدثت فيه اللجنة 12 مقرراً دراسياً بـ "العبث"، فضلاً عن "تأخّر صدور بعض المقررات، وعدم صدور الكتاب الخاص بالأساتذة".
من جهته، يؤكّد منسّق فريق تأليف مادة التربية الإسلامية، ربيع حمّو، لـ "العربي الجديد"، أنّه كان يفترض بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين، ووزارتي التربية والأوقاف، دراسة الخلل في المنهاج القديم وتجاوزه في الجديد، وهذا ما لم يحصل إذ وضعت المنهاج الجديد من دون تحديد الثغرات، ما أدى إلى التشكيك فيه رغم ارتباطه بالهويّة والمرجعية الإسلامية. حمّو يلفت إلى أنّ الأساتذة لم يحصلوا بعد على مقرّرات المنهاج، وهم حائرون وتائهون.
وجاء تعديل المادة استناداً إلى قرار ملكيّ وجّه إلى وزيري التربية والأوقاف بداية العام الجاري. في هذا السياق، يقول حمّو إنه يتوّجب على الوزارة أخذ الوقت الكافي لإعادة إنتاج الكتب الدراسيّة، وتعريف المفتّشين والأساتذة بالمنهاج الجديد، وتجريبه.
وعن سبب تأخّر صدور كتب الصفّ التأهيلي (أول ثانوي)، يقول حمّو: "لم تقدّم الوزارة المنهاج الثانوي التأهيلي للمؤلّفين حتى نهاية شهر يوليو/ تموز الماضي. هكذا، تجاوزت مرحلة المراجعة والمصادقة، وبقيت الطباعة والتوزيع، وهذا يستغرق وقتاً". وقد خالف المجلس الأعلى للتربية والتكوين ميثاقه، ويتضمّن أنّ أقصر مدّة لإنتاج الكتب المدرسية هي ثمانية أشهر على الأقل، في وقت استغرق "إعداد منهاج يشمل كلّ المستويات الدراسيّة شهراً، بالإضافة إلى مرحلة التعديلات التي استغرقت شهراً آخر أيضاً".
رغم كلّ ما سبق، يتطرّق حمّو إلى إيجابيّات المادة الجديدة، أبرزها "تركيز المادة على اكتساب القيمة الأساسية للدين والمتعلقة بالتوحيد، وتقديم منهاج منسجم وفق فلسفة موحّدة بدءاً من المرحلة الابتدائيّة وحتى المرحلة الثانوية التأهيلية، على عكس المنهاج السابق، والذي كانت المادة فيه تعطى من خلال ثلاثة مستويات (ابتدائي، إعدادي، ثانوي)". ويوضح أن "البرنامج الجديد متكامل في مفرداته".
أما المفتّش المركزي في المفتشية العامة لوزارة التربية، عبد الرحمن الرافقي، فينفي أن يكون التغيير مبتذلاً، لافتاً إلى أنّه قائم على "ترجمة الأقوال إلى أفعال تنعكس إيجاباً على شخصية الطفل المتعلم". ويضيف أن التغيير بدأ منذ العام 2011، حين قرّرت وزارة التربية الوطنية إجراء تغيير شامل على المنهاج المغربي في المدرسة الابتدائية ثم الإعدادية والتأهيلية، وكان يفترض أن يشمل التغيير وسائل التدريس والبيداغوجيا المعتمدة، لكنّ وزير التربية حينها، محمد الوفا، علّق الأمر إلى حين تجديد المناهج". ويضيف أن المنهاج كان مهيأً، والتغييرات التي حدثت مؤخراً لم تمس الجوهر بل طريقة تناول المحاور.
ويتابع الرافقي: "كانت هناك رؤية لتبسيط المفاهيم الدينية، التي ظلت تتداول منذ عهد الخلفاء الراشدين، واستخدام تعابير يمكن أن يفهمها الطفل ويطبقها في حياته".