14 فبراير 2018
اعتداء ضد حرية الصحافة... تهديد للمسلمين
صدم الاعتداء الذي وقع الأربعاء، 7 يناير/كانون ثاني في باريس، ضد المجلة الساخرة "شارلي إيبدو"، مع ارتفاع حصيلة ضحاياه إلى 12 قتيلاً على الأقل، الرأي العام الفرنسي والدولي. ما حصل ضربة لحرية الصحافة، وتهديد لكل من يجد نفسه، إن كان صحافيّاً أو ناشطاً ملتزماً، يقف ضد أي مجموعة من الرأي العام الوطني والدولي، بسبب مواقفه المختلفة. سيكون لأي حادث مماثل نتائج في فرنسا، ومن دون شك في أوروبا، عبر تعزيز خوف المواطنين الأوروبيين المسلمين، وتحويلهم كبش محرقة وأعداء.
لا نملك، حتى الساعة، معلومات عن خلفيات الاعتداء والمعتدين: هل يتعلق الأمر باعتداء غذّته مواقف المجلة التي سبق وتعرضت لتهديدات واعتداءات؟ هل هو اعتداء تقف وراءه مجموعات أجنبية، تنظيم الدولة الإسلامية أو القاعدة، من أجل "معاقبة" فرنسا على تورطها في العراق أو في مالي؟ ستحمل الأيام المقبلة توضيحات، ومن دون شك أجوبة، عن هذه التساؤلات. مهما يكن، لن يكون هناك أي تبرير لهذا العمل، مهما تكن الدوافع، أو المسؤولون أو المنفذون. لكن، ينبغي فهم السياق؛ لأن هذا الاعتداء قد يؤدي إلى ردود فعل خطرة داخل المجتمع الفرنسي.
منذ عقد على الأقل، لا تكف موجة الإسلاموفوبيا عن الازدياد والتجذّر داخل أوروبا. والدليل التظاهرات الأسبوعية في ألمانيا، والاعتداءات ضد المساجد في السويد، وضد الفتيات اللواتي يرتدين الحجاب الإسلامي في فرنسا. لقد أصبح الإسلام، بالنسبة لأغلبية من الفرنسيين، "تهديداً شاملاً" ضد "قيمنا" (أي القيم الغربية)، وضد السلام في الوقت عينه.
وبشكل متناقض، تعزز هذه الرؤية، في المقابل، تلك الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية أو المجموعات الأكثر تطرفاً التي تضع نفسها في سياق "صدام الحضارات" بين المسيحيين
واليهود من جهة، والمسلمين من جهة أخرى، حيث يتم تصوير هؤلاء باعتبارهم "موحدين" بسبب دينهم. تسمح هذه الرؤية بتجاهل الألف فارق الذي يفصل بين المسلمين أنفسهم، خصوصاً على المستوى السياسي: المواجهات بين السعودية والإخوان المسلمين مثل من بين أمثال عديدة. لا يؤسس الدين الإسلامي لخط سياسي واحد، حتى لو شكل الخلفية لخطاب ذي أساس سياسي. يمكننا، على سبيل المثال، قياس الفجوة التي تفصل بين حركة النهضة ومجموعة أنصار الشريعة في تونس لتبيان ذلك.
لكن، يعزز خطاب غربي معين، وخصوصاً السياسة الموجهة بشكل أساسي ضد الدول المسلمة- تركزت التدخلات الغربية، بشكل أساسي، في الدول المسلمة في العقد الأخير، يعزز الخيال القائل بإسلام سياسي تعود جذوره إلى القرآن، ويفسر العنف ضد "الكفار". قال الرئيس الأميركي، جورج بوش الابن، بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، "يكرهوننا بسبب ما نحن عليه، وما نمثله من حرية وديمقراطية، وليس بسبب ما نفعله". ورد عليه أسامة بن لادن بسخرية: "إذا كنا سنهاجم الدولة الأكثر ديمقراطية في العالم، سنهاجم السويد، وليس الولايات المتحدة الأميركية".
في خضم ما يسميه الغرب "الحرب ضد الإرهاب"، ينسى هذا الغرب أنّ ما يغذّي التطرف هو سياسة فعلية تمثلت في العقد الأخير في تدمير العراق، وسحق الشعب الفلسطيني، وهجمات الطائرات من دون طيار في اليمن والصومال التي أدت إلى عشرات الضحايا المدنيين. اعترف وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بهذا الأمر، حين قال، إنّ عدم حل القضية الفلسطينية تسبب في موت عشرات الأميركيين؛ لأنّ ذلك يغذي الحقد ضد القدر المكتوب لهذا الشعب.
ستكون هناك، دوماً، مجموعات متطرفة جاهزة للاعتداء على مدنيين. مواجهة هذه المجموعات تقع على عاتق الشرطة، وليس الجيش والتدخل العسكري. من أجل ضرب قوة هذه المجموعات، يجب على الدول الغربية أن تفرض بشكل أساسي على إسرائيل إنشاء دولة فلسطينية. كذلك عليها أن تسعى إلى مراجعة استراتيجيتها والدخول في نقاش حول أسس "الحرب ضد الإرهاب" التي أطلقتها الدول الغربية و"المجتمع الدولي"، بعد توسع تنظيم الدولة الإسلامية.
مع وضوح نتائج هذه الحملة (زيادة العنف حول العالم، تبرير الاعتداءات ضد الحريات، والتشريعات الجديدة المناهضة للإرهاب، وتفاقم التوترات المذهبية، والمزيد من التأييد للديكتاتوريات في الشرق الأوسط) ألم يحن الوقت للمراجعة؟ يجب التذكير، هنا، بأنّ موجة الربيع العربي في 2011-2012 أدت إلى تراجع نفوذ القاعدة وأفكارها المتطرفة؛ لأنّ الانتفاضات فتحت المجال أمام التحول السياسي والديمقراطي في الدول العربية. إذا أغلق هذا المجال الديمقراطي، لن يبقى سوى العنف.
لا نملك، حتى الساعة، معلومات عن خلفيات الاعتداء والمعتدين: هل يتعلق الأمر باعتداء غذّته مواقف المجلة التي سبق وتعرضت لتهديدات واعتداءات؟ هل هو اعتداء تقف وراءه مجموعات أجنبية، تنظيم الدولة الإسلامية أو القاعدة، من أجل "معاقبة" فرنسا على تورطها في العراق أو في مالي؟ ستحمل الأيام المقبلة توضيحات، ومن دون شك أجوبة، عن هذه التساؤلات. مهما يكن، لن يكون هناك أي تبرير لهذا العمل، مهما تكن الدوافع، أو المسؤولون أو المنفذون. لكن، ينبغي فهم السياق؛ لأن هذا الاعتداء قد يؤدي إلى ردود فعل خطرة داخل المجتمع الفرنسي.
منذ عقد على الأقل، لا تكف موجة الإسلاموفوبيا عن الازدياد والتجذّر داخل أوروبا. والدليل التظاهرات الأسبوعية في ألمانيا، والاعتداءات ضد المساجد في السويد، وضد الفتيات اللواتي يرتدين الحجاب الإسلامي في فرنسا. لقد أصبح الإسلام، بالنسبة لأغلبية من الفرنسيين، "تهديداً شاملاً" ضد "قيمنا" (أي القيم الغربية)، وضد السلام في الوقت عينه.
وبشكل متناقض، تعزز هذه الرؤية، في المقابل، تلك الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية أو المجموعات الأكثر تطرفاً التي تضع نفسها في سياق "صدام الحضارات" بين المسيحيين
لكن، يعزز خطاب غربي معين، وخصوصاً السياسة الموجهة بشكل أساسي ضد الدول المسلمة- تركزت التدخلات الغربية، بشكل أساسي، في الدول المسلمة في العقد الأخير، يعزز الخيال القائل بإسلام سياسي تعود جذوره إلى القرآن، ويفسر العنف ضد "الكفار". قال الرئيس الأميركي، جورج بوش الابن، بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، "يكرهوننا بسبب ما نحن عليه، وما نمثله من حرية وديمقراطية، وليس بسبب ما نفعله". ورد عليه أسامة بن لادن بسخرية: "إذا كنا سنهاجم الدولة الأكثر ديمقراطية في العالم، سنهاجم السويد، وليس الولايات المتحدة الأميركية".
في خضم ما يسميه الغرب "الحرب ضد الإرهاب"، ينسى هذا الغرب أنّ ما يغذّي التطرف هو سياسة فعلية تمثلت في العقد الأخير في تدمير العراق، وسحق الشعب الفلسطيني، وهجمات الطائرات من دون طيار في اليمن والصومال التي أدت إلى عشرات الضحايا المدنيين. اعترف وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بهذا الأمر، حين قال، إنّ عدم حل القضية الفلسطينية تسبب في موت عشرات الأميركيين؛ لأنّ ذلك يغذي الحقد ضد القدر المكتوب لهذا الشعب.
ستكون هناك، دوماً، مجموعات متطرفة جاهزة للاعتداء على مدنيين. مواجهة هذه المجموعات تقع على عاتق الشرطة، وليس الجيش والتدخل العسكري. من أجل ضرب قوة هذه المجموعات، يجب على الدول الغربية أن تفرض بشكل أساسي على إسرائيل إنشاء دولة فلسطينية. كذلك عليها أن تسعى إلى مراجعة استراتيجيتها والدخول في نقاش حول أسس "الحرب ضد الإرهاب" التي أطلقتها الدول الغربية و"المجتمع الدولي"، بعد توسع تنظيم الدولة الإسلامية.
مع وضوح نتائج هذه الحملة (زيادة العنف حول العالم، تبرير الاعتداءات ضد الحريات، والتشريعات الجديدة المناهضة للإرهاب، وتفاقم التوترات المذهبية، والمزيد من التأييد للديكتاتوريات في الشرق الأوسط) ألم يحن الوقت للمراجعة؟ يجب التذكير، هنا، بأنّ موجة الربيع العربي في 2011-2012 أدت إلى تراجع نفوذ القاعدة وأفكارها المتطرفة؛ لأنّ الانتفاضات فتحت المجال أمام التحول السياسي والديمقراطي في الدول العربية. إذا أغلق هذا المجال الديمقراطي، لن يبقى سوى العنف.