اعتداءات جنسية على أطفال باكستان

27 ابريل 2019
تطاول الاعتداءات الذكور والإناث (مزمل ماتو/ Getty)
+ الخط -
في الفترة الأخيرة، ازدادت حوادث الاعتداء الجنسي على الأطفال في باكستان، وطاولت ربوع البلاد المختلفة، وأخذت منحى خطيراً، إذ أصبحت وسيلة تجارة لدى بعض العصابات الإجرامية. وعلى الرغم من القوانين الصارمة التي تحارب استغلال الأطفال، فإنّها غير فعالة، ولا تجد طريقها إلى التنفيذ، بالترافق مع ضعف الرقابة الحكومية.

نشرت مؤسسة "ساحل" المهتمة بشؤون الأطفال دراسة ذكرت فيها أنّ أحداث الاعتداءات الجنسية على الأطفال قد ارتفعت بشكل خطير، فهناك مؤشرات على أنّ عدد الحوادث غير المسجلة أكبر بكثير من تلك التي سجلت لدى المؤسسات المعنية، أو التي عرضتها وسائل الإعلام بصورة أو بأخرى، والسبب وراء ذلك تفاوت العادات والتقاليد التي تخفي المعلومات خوفاً من الفضيحة. وسجلت المؤسسة 3832 حالة اعتداء جنسي على أطفال خلال عام 2018، في عموم أنحاء باكستان.




وأكدت الدراسة أنّه خلال الأعوام الأخيرة باتت تلك الاعتداءات من أخطر المعضلات التي يواجهها الباكستانيون، وهي تتزايد باطراد، مشيرة إلى أنّ كلّ ما ادعته الحكومة والسلطات المعنية من العمل الجاد للحد من تفشي الاعتداءات، هو بلا جدوى، فهي لم تستطع أن تفعل شيئاً بعد. تشير المؤسسة إلى أنّ 55 في المائة من الأطفال المعتدى عليهم خلال العام الماضي هم من الذكور، و45 في المائة من الإناث. كذلك، فإنّ المناطق النائية تشهد اعتداءات أكثر من المدن، ولعلّ ذلك يعود إلى عدم وجود رقابة، بالإضافة إلى انتشار كثير من المشاكل الاجتماعية التي تؤدي بدورها إلى وقوع الحوادث على الأطفال بكثرة.

وأشارت مؤسسة "ساحل" غير الحكومية في دراستها، إلى أنّ معظم الاعتداءات الجنسية على الأطفال، وقعت من قبل من له علاقة بهم، من قبيل الأقارب وأصحاب المحال التجارية والمخابز القريبة من أماكن تواجدهم في البيت أو المدرسة. وتابعت أنّ حالات القتل بعد الاعتداء الجنسي وصلت إلى 92، ما يمثل انخفاضاً بنسبة 16 في المائة عمّا سجل عام 2017 الذي شهد مقتل 109 أطفال بعد الاعتداء عليهم.

الجانب الأكثر إثارة للقلق في تقرير المؤسسة هو أنّ كلّ يوم، تسجل فيه لدى مختلف الإدارات الأمنية 11 قضية اعتداء على الأطفال من مختلف الأنواع أكانت جنسية أم غيرها.
الاعتداءات الجنسية باتت تجارة للعصابات الإجرامية في باكستان. فعام 2015، نفذت عصابة إجرامية اعتداءات جنسية ضد 280 طفلاً، وسجلت نحو 400 مقطع فيديو خلال الاعتداء عليهم، بعضها بغرض ابتزاز المال. وطاولت الحوادث الأليمة مختلف أنحاء البلاد. واشتهرت حادثة وقعت في إبريل/ نيسان 2018، لطفلة تدعى رابعة، وهي في السادسة من عمرها، قتلت في مدينة كراتشي. واشتهرت حوادث أخرى عديدة في مدينة سرغوده بإقليم البنجاب، إذ نفذت عصابة إجرامية اعتداءات جنسية على الأطفال وابتزت المال من ذويهم بأشكال عديدة. وفي الآونة الأخيرة اشتهرت قصة الاعتداءات الجنسية على الأطفال في مدينة سوات إلى الشمال الغربي من باكستان، وهناك تقطن قبائل بشتونية متشددة ومحافظة، وكان الجاني، ويدعى أورنكزيب، يخطف الأطفال أولاً ثم ينقلهم إلى منزل خاص من أجل تجهيزهم للاعتداء عليهم، والغريب أنّ البعض كانوا يدفعون له المال مقابل الاعتداء على الأطفال الصغار، في ما يمثل جرماً إضافياً على الخطف والاعتداء الجنسي، وهو الاسترقاق الجنسي وتجارة الجنس بالقاصرين. في هذا الصدد، قال ذو الفقار خان، مسؤول شرطة سوات، في تصريح صحافي، إنّ الجاني كان يخطف الأطفال ويأتي بالشبان من أجل الاعتداء عليهم ثم يفرج عنهم، لكن بشرط أن يلتزموا الصمت وألاّ يخبروا أحداً بما حصل.

يشار إلى أنّ القوانين الباكستانية صارمة، لكنّ المشكلة الأساسية تكمن في تنفيذها، إذ أصدر البرلمان الاتحادي في باكستان في مارس/ آذار 2016 قراراً ينص على إجراء تغييرات في القانون الجزائي المتعلق بالاعتداءات الجنسية على الأطفال. القانون الجديد لم يجرّم فقط كلّ أنواع الاعتداء على الأطفال بل أيضاً قرر معاقبة الجاني بالسجن سبعة أعوام. مع ذلك، فإنّ هذا التشديد لم يؤدِّ إلى نتائج إيجابية بعد، فالاعتداءات تزداد بحسب الدراسة التي تعتبر أنّ المشكلة الأساسية هي في عدم تنفيذ القوانين، وضعف رقابة الحكومة، لا سيما في المناطق النائية.




في كلّ الأقاليم
في ما يتعلق بترتيب الأقاليم لناحية أعداد حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال عام 2018، فإنّ 63 في المائة من الحوادث وقعت في البنجاب، و27 في المائة في السند، و4 في المائة في خيبربختونخوا، و3 في المائة في إسلام أباد، و2 في المائة في بلوشستان، بالإضافة إلى 34 حالة في كشمير، و6 حالات في غلغت بلتستان.