لكنّ الأحداث الأخيرة التي شهدها كانون الأول/ ديسمبر ليست من ضمن الأرقام المدرجة في إحصائيات "مدى"، فقد زادت وتيرة الاعتداءات بشكل كبير ضد الصحافيين، إذ أصيب العشرات منهم بالأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع، وحالات كثيرة من الاختناق بالغاز، بالإضافة إلى منع التغطية والاعتداء الجسدي واللفظي، وتكسير معدات وحذف مواد.
يعود ذلك إلى احتدام المواجهات ما بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي خلال المسيرات الغاضبة التي تخرج تنديداً ورفضاً لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة، والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال.
ويؤكد مصور الوكالة الأوروبية للتصوير EPA، علاء بدارنة، لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك استهدافاً مباشراً بناءً على تعليمات من قبل ضباط الاحتلال، إذ يتم إطلاق الرصاص المعدني والقنابل الصوتية والغازية بشكل مباشر باتجاه الصحافيين، بناء على أوامر واضحة للجنود بمنع التغطية الصحافية وإيقافها".
وبحسب مشاهداته في المواجهات التي يغطيها بشكل يومي في الميدان، يقول بدارنة: "نحن ندرك أن هناك اعتداءات على الصحافيين تكون بسبب خطورة الموقف والمكان، إلا أن الأخطر من ذلك هو الاعتداء المباشر والاستهداف للطواقم الصحافية وهي ترتدي زي الصحافية".
وأصيب بدارنة خلال المواجهات التي اندلعت عند المدخل الشمالي لمدينة البيرة في الآونة الأخيرة، ووفق ما قاله، فإنه كان يقف مع ثلاثة صحافيين وطواقم الإسعاف في منطقة محايدة، بعيداً عن المتظاهرين، حيث تم استهدافه بقنبلة غازية أصابته بجروح وحروق في رقبته. وأشار إلى أن قوات الاحتلال استهدفت سيارات البث المعروفة لدى الجميع، وذلك لمنعها من التغطية.
وفي جمعة الغضب الثانية، أصيب ثمانية عشر صحافياً خلال تواجدهم في عدة نقاط تماس بالضفة والقدس. كذلك، احتجزت قوات الاحتلال طاقم تلفزيون فلسطين الرسمي وعدداً آخر من الصحافيين أثناء تغطيتهم لمسيرة خرجت للتنديد بقرار ترامب. ويقول مراسل "تلفزيون فلسطين"، أمير شاهين، لـ"العربي الجديد": "وقفنا في بداية الأحداث في منطقة محايدة بعيدا عن المتظاهرين وجنود الاحتلال، إلا أن الجنود أطلقوا علينا قنابل الغاز، وعقب ذلك وقف الجنود أمام الكاميرات ومنعونا من التصوير، واحتجزونا لمدة ساعتين".
ويشير إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت ثلاثة صحافيين واحتجزتهم لساعات، واعتدت عليهم وضربتهم بأعقاب البنادق، حيث أطلقت سراحهم بعد أن أفرغت هواتفهم وكاميراتهم من المواد المصورة.
أحمد طلعت حسن، وهو مصور حر يتواجد دائماً في الميدان لتغطية المواجهات، تعرض أيضاً لاعتداء من قبل أحد جنود الاحتلال، ويقول لـ"العربي الجديد": "أثناء تغطيتنا لمواجهات المدخل الشمالي لمدينة البيرة، وعندما أعدم الجنود الشهيد أيمن عقل، هاجموا الصحافيين والمسعفين، وأطلقوا النار بشكل عشوائي، وعندها قام أحد الجنود بالاعتداء علي، ما أدى إلى كسر الكاميرا الخاصة بي".
ويشير حسن إلى أن قوات الاحتلال تستهدف الصحافيين بشكل مباشر أثناء تغطيتهم للمواجهات، إذ إنها تطلق قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت باتجاههم كي تبعدهم عن منطقة المواجهات.