استنفار لمنع تسريب امتحانات العراق

27 يونيو 2019
البكالوريا هاجس التلاميذ والأهل (وسام العقيلي/فرانس برس)
+ الخط -

تشهد امتحانات الثانوية العامة في العراق، والتي تنطلق اليوم، أزمة سنوية كبيرة، مع تسريب الأسئلة في بعضها، وهو ما دفع وزارة التربية إلى تشديد الإجراءات هذا العام

عقب الفضيحة التي تسببت فيها مجموعة من الشباب الذين اخترقوا، العام الماضي، صفحة وزير التربية العراقي السابق، محمد إقبال الصيدلي، ونشروا الأسئلة الخاصة بامتحان مادة التربية الإسلامية للصف السادس الإعدادي؛ آخر مراحل الدراسة قبل الجامعية، قبل يومين من موعد الامتحان، تقاتل وزارة التربية حالياً من أجل منع تسرّب الأسئلة مجدداً، ومنع السخرية من عدم تمكّن الوزارة من الحفاظ على الملفات السرية المتعلقة بالامتحانات.




مصادر من داخل الوزارة، تقول لـ"العربي الجديد"، إنّها "أعلنت حالة الاستنفار، من أجل منع أيّ تسرب للأسئلة، وإبعاد جميع المتهمين بملف تهريب الأسئلة، مع زيادة عدد عناصر الحماية على المديريات التي تُخزّن فيها أوراق الأسئلة، وتحديداً المواد البسيطة مثل التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والتربية الإسلامية، لأنّها الأكثر عرضةً للتهريب". تشير المصادر إلى أنّ "تسرب الأسئلة الذي حدث العام الماضي، جاء من اللجان التي كُلفت بحمايتها، وقد جرى اختيارها بطريقة حزبية من الأمانة العامة لمجلس الوزراء". تتابع أنّ "الوزارة بلا وزير منذ نحو سنة، وهناك تخبط كبير في القرارات الإدارية الداخلية، بالإضافة إلى صراعات كبيرة بين المديرين العامين بشأن استغلال الفراغ الوزاري لتمرير بعض الصفقات المتعلقة بطبع كراريس الامتحانات والكتب المدرسية الخاصة بالمرحلة الابتدائية". وتلفت إلى أنّ "أحد أعضاء مجلس النواب، يمارس ضغوطاً كبيرة على الوزارة من أجل نيل صفقة طباعة الكتب المدرسية، وهو يملك مؤسسة إعلامية تبتز الوزارة منذ أشهر، وقد هدد الوزارة بصورة شفهية في زيارة سابقة له، بأنّه سيعمل على تهريب أسئلة البكالوريا في حال لم تقدم له التسهيلات الخاصة بنيل الصفقة، وهو ما دفع بعض المديرين إلى اتخاذ تدابير أمنية مكثفة لحماية الأسئلة".

برلمانياً، أكد، السبت الماضي، النائب رعد المكصوصي، أنّ مجلس النواب سُيشكل لجنة مراقبة خاصة لأسئلة الامتحانات، مؤكداً، في بيان، الأنباء التي تحدَّثت عن "عمل منظم لتسريب أسئلة الامتحانات، ووجود شبكات تتاجر في مستقبل التلاميذ. والبرلمان بحكم عمله سلطة تشريعية رقابية، سيتابع القضية، ويكشف ويحاسب المهربين، ويشكل لجنة من التربية النيابية وأعضاء اللجنة الدائمة، لمراقبة الأسئلة وضمان سلامة سرية الأسئلة ووصولها إلى المدارس" مع العلم أنّ الامتحانات ستبدأ في الأول من يوليو/تموز المقبل.

هل سيسعفه الوقت؟ (صباح عرار/ فرانس برس)












المرشد التربوي علاء العزاوي، يشير إلى أنّ "تسريب الأسئلة من الوزارة والدوائر التربوية الرفيعة التابعة لها، لا يتم بواسطة موظفين عاديين، إنما من قبل عناصر أمنيين تابعين للوزارة، إضافة إلى مديرين عامين، لهم سلطة، وكلمتهم مسموعة، وفي العادة تجري عملية تسريب الأسئلة من أجل إنقاذ أبناء بعض المسؤولين لترتيب الأجوبة النموذجية قبل الامتحانات، ثم تهرب إلى سماسرة يحصلون من خلالها على ملايين الدنانير العراقية". يتابع لـ"العربي الجديد" أنّ "ملف تسريب الأسئلة ليس جديداً، فمنذ عام 2003، تسعى أحزاب السلطة إلى ذلك بكلّ طريقة، فمرة عبر الرشوة التي تقدم لشخصيات نافذة في وزارة التربية، وأخرى يجري الحصول عليها عن طريق الابتزاز، أو تهديد اللجنة العلمية الخاصة بوضع الأسئلة والنماذج المعمول بها في الامتحانات. لكن، في السنوات الثلاث الأخيرة، برزت الحالة كثيراً، إلى أن وصلت إلى الفضيحة التي شهدتها الوزارة في العام الماضي". يؤكد "دخول المليشيات على خط نيل الأسئلة من أجل الاستفادة المادية من بيعها للتلاميذ بواسطة مجموعات على فيسبوك وتيليغرام، وقد بلغ سعر اختبار البكالوريا لمادة التربية الإسلامية العام الماضي، 10 دولارات أميركية يجري تحويلها عبر رقم الهاتف كرصيد شحن خاص بالاتصال".

إلى ذلك، يقول عضو في مجلس النواب العراقي إنّ "الواقع التربوي في البلاد يتعرض حالياً إلى أكبر مؤامرة، من أجل تجهيل جيلٍ كامل، مع استمرار الإهمال في القطاع التربوي والتعليمي. وقد تحولت الوزارة من مركزٍ علمي إلى ساحة للحرب السياسية والفساد المالي والإداري". يوضح لـ"العربي الجديد" أنّ "الأحزاب التي سيطرت على هذه الوزارة، فشلت في إدارتها، مع استمرار الصراع الحالي حول منصب الوزير الشاغر فيها".




من جهتها، وجّهت الوزارة مراكز الامتحانات بأخذ الحيطة والحذر، موضحة في بيان أنّ "الوكيل الفني لوزارة التربية، علي الابراهيمي، اكتشف وسائل إلكترونية جديدة للغش في مراكز الامتحانات". وأشارت إلى أنّ هناك "تقنيات إلكترونية، منها زرع جهاز عن طريق الشعر وحالات أخرى تجري بطرق متطورة إلكترونياً، والوزارة مستعدة لكشف جميع حالات الغش الإلكتروني، وذلك من خلال أجهزة كشف الغش المتطورة التي جرى توزيعها مسبقاً على مراكز الامتحانات".
المساهمون