استمرار الهدر كلمة سر انهيار الاقتصاد العراقي

13 ابريل 2015
انهيار الاقتصاد العراقي ينعكس سلباً على مواطنيه(أحمد الروبي/فرانس برس)
+ الخط -
لم تكن تحذيرات المركز العالمي للدراسات التنموية البريطاني، عن اتجاه العراق إلى الإفلاس في العام 2017، سوى صفارة إنذار لقرب انهيار الاقتصاد، خصوصاً أن نسبة العجز في الموازنة العامة بلغت أكثر من 50 مليار دولار.

وبحسب ما يراه مراقبون، فإن الاقتصاد العراقي ظل مرتبطاً بشكل كبير بالقطاع النفطي، كون
الأخير يمثل باب الموارد الأكبر، والوحيد أحياناً، في ضوء المعطيات والمؤشرات عن المساهمة الضعيفة التي تقدمها القطاعات الاقتصادية الأخرى، والتي لا تتجاوز 5% من إجمالي النشاط، وبالتالي فإن سهولة خرق الاقتصاد العراقي تبدأ من خلال ضرب القطاع النفطي.

تأثير أسعار النفط
يقول وزير النفط العراقي السابق عصام الجلبي إن التلاعب بأسعار النفط عالمياً يؤدي إلى خفض ميزانية العراق، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع المديونية، واليوم يدفع الاقتصاد ثمن هذه السياسة، خصوصاً أنه يعتمد بشكل أساسي على العائدات النفطية.

ويضيف الجلبي لـ "العربي الجديد": أنه وفقا لآخر البيانات عن أسعار النفط، فإن الإيرادات المتحققة من النفط العراقي تصل إلى 40 دولاراً للبرميل الواحد مقارنة مع سعر 56 دولاراً الذي اعتمدته اللجنة المالية البرلمانية في ميزانية 2015، ما يعني التسبب في خسائر كبيرة.

ويؤكد الجلبي أن حجم الإيرادات المتوقع لعام 2015 سيكون بحدود 42.3 مليار دولار وفق فرضية 40 دولاراً للبرميل مع وجود 2.9 مليون برميل للتصدير كمعدل عام، فيما تصل مخصصات الرواتب للموظفين والمتقاعدين إلى 43.2 مليار دولار، ما يعني أن العراق أمام أزمة حتمية.

تعطيل القوانين
يرى المستشار المالي لرئيس مجلس النواب محمد جواد الدوري، أن العد العكسي الحقيقي للانتكاسة الاقتصادية قد بدأ منذ نهاية 2010. ووفقاً لرؤية الدوري فإن تعطيل بعض القوانين المالية والاستثمارية أدى الى تسريع الانهيار الاقتصادي، معتبراً أن عدم تشريع قانون صناديق الثروة السيادية الذي يساهم في رفع مستوى الموثوقية باستقرار السياسات الاقتصادية في العراق أمام الشركات العالمية، أدى إلى هرب الاستثمارات على مراحل متلاحقة، وألحق خسائر كبيرة على كل المستويات.

ووفق الدوري، هناك إجراءات حكومية غير مدروسة، بدأت تظهر بشكل بارز، متأثرة بسياسة التقشف، منها إجراءات تخص القطاع المصرفي وتستهدف السياسة النقدية، أدت إلى ارتفاع أسعار الدولار أمام الدينار العراقي، الأمر الذي انعكس بدوره على زيادة أسعار السلع والبضائع، وإجراءات الزيادة بالضرائب والرسوم على الخدمات. ويتساءل الدوري باستغراب "أين هي الخدمة وجودتها لكي يدفع الناس مقابلاً لها؟".


يقول رئيس هيئة النزاهة السابق، القاضي رحيم العكيلي، إن "انتشار الفساد يعدّ العامل الرئيسي في إضعاف الاقتصاد، حيث أهدرت ثروات البلد وسرقت موارده من خلال ممارسات الفساد التي انتهجتها الأحزاب السياسية الفاسدة التي استولت على الحكم بعد عام 2003".

ويرى أن الكثير من المؤسسات التي أنشئت بعد عام 2003 كانت ثقباً أسود لإهدار المال العام، أهمها المؤسسات التي أنشئت باسم العدالة الانتقالية مثل هيئة دعاوى الملكية وهيئة المساءلة والعدالة ومؤسسة السجناء السياسيين. ويؤكد العكيلي "أن الإنفاق العسكري يشكل أيضاً الثقب الأسود الأكبر الذي ابتلع أموال وواردات العراق منذ الثمانينات على حساب القطاعات الأخرى الأكثر أهمية كالتعليم والصحة والبنى التحتية".

إلى ذلك، يشير برلماني عراقي سابق فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن خلق بيئة مضطربة يؤدي إلى تدمير الاقتصاد، وقد ظهر ذلك من خلال هروب الشركات النفطية العملاقة، مؤكداً أن غياب الإرداة السياسية في إعادة بناء الاقتصاد بعد السقوط، واعتماد البيروقراطية وتعقيد القرار الإداري، بالإضافة إلى البيئة التشريعية غير الداعمة للاستثمار، عوامل أنهكت الاقتصاد، وجعلته أسير العائدات النفطية فقط.

إقرأ أيضا: أسعار النفط العالميّة تخنق مستقبل الجزائر
المساهمون