كيف نستعد بشكل صحيح للعام الدراسي الجديد، كيف نعد أبنائنا نفسيا قبل العودة للمدراس، كيف نتعامل بشكل متوازن مع فكرة المدرسة، وكيف نتخلص من الأفكار المتطرفة عند الأهل حول محورية المدرسة في حياة الأبناء وما تأثير هذه الفكرة على شخصية الطفل.. كل ذلك نعرفه في حوارنا مع د. بتول خليفة أستاذ الصحة النفسية المُشارك في جامعة قطر.
* كيف نُعد الأبناء للعودة إلى الدراسة بشكل صحيح وسلس؟
في حقيقة الأمر أن الأسرة تعتبر الركيزة الأولى لعلاقات الطفل السوية، وخاصة في بداية حياته العملية، والمدرسة أول هذه الخطوات، لذلك على الأهل تقوية الدعائم ليكون صرح البناء لديه قوياً.
من خلال الأساليب التربوية السليمة التي تتبع مع الطفل المودة والتفاهم، والعلاقات المبنية على الشرح واعطاء المعلومات من الطرفين الوالد والوالدة، والمعتمدة على الاحترام المتبادل والتعاون والحب.
بمعنى آخر تقوم الأم أو الأب بشرح مفاهيم المدرسة، والغرض منها، ومدى المتعة التي سيجدها الطفل في ذهابه إليها، كذلك الفائدة، وتساعد الطفل في التفكير في المستقبل القريب والبعيد، وكيف سيبني علاقات اجتماعية مع الآخرين، ويحاول كلا الوالدان أن يبلوران مع الطفل طريقاً للحياة.
ويمكن للوالدين القول للطفل مثلا: لماذا هي المدرسة مهمة، وماذا تقدم للطلبة، يخبراه عن ذكرياتهم في المدرسة والأيام الجميلة التي مروا بها وكيف يتمنون العودة إليها، اجعله يشعر أن هذه الفترة من عمره جميلة جدا وهو كوالد يتمنى لو يعود إليها.
* هل توجد أمور معينة كالأنشطة أو غيرها يمكن ممارستها بهدف تشجيع الأبناء على المدرسة؟
نعم، هناك العديد من الأنشطة الجميلة والبسيطة التي يمكن للوالدين القيام بها مع طفلهما، مثل الذهاب إلى مراكز التسوق واختيار أغراض المدرسة بدون مبالغة وبتشويق للطفل، من خلال اختيار أدوات الدراسة مثل الأقلام والدفاتر، والتلوين، وكذلك التحدث عن القراءات المتنوعة والقصص، وتشجيع الطفل على الانضمام للنوادي في المدرسة أو في النوادي التي تكون مجاورة للمنزل، وتشجيع الطفل على أنه سيقوم بممارسة ذلك أيضا في المدرسة أو من خلال أنشطة المدرسة.
* ما رأيك في الأهل ممن يتخذون من بدء العام الدراسي كبداية لحرب جديدة.. فيرفعون التلفاز ويتيحون الألعاب بشكل قليل جدا؟
في حقيقة الأمر أن وسائل التكنولوجيا، والتلفاز، لا يمكن منعه عن ابنائنا، خاصة أنه في متناول الجميع حيث يمكنهم استخدام هاتفهم الخليوي في الحصول على كل ما يريدون مُشاهدته أو الاستماع إليه، والأهل الذين يقومون بذلك لم يستطيعوا أن يدربوا أبنائهم بصورة جيدة، ويكون تدريب الأبناء من خلال التحدث معهم عن المدرسة بشكل عام ومبسط.
* كيف يمكن تدريب الطفل بشكل عملي على بدء العام الدراسي الجديد دون مبالغة؟
خبر ودرب الطفل أن لكل شيء نظام، فهناك نظام في المنزل وفي المدرسة التي سينتسب إليها؛ نظام المنزل له قوانينه التي يجب عليه اتباعه، وبالطبع لابد من تدريب الطفل على ذلك فلا يمكن أن ينفع فقط الكلام ولكن يُدرب الطفل تدريجياً على ذلك حتى يصبح جزءاً لا يتجزأ من حياته، وكذلك تدريبه على قوانين الوقت الاستيقاظ، المُذاكرة، مُشاهدة التلفاز، اللعب مع الأخوة والأصدقاء.. الخ.
اقرأ أيضا:هل يصبح التعليم المنزلي بديلاً لمشكلات المدارس؟
وكذلك تدريبه على أن هناك نظام في الحياة هو المدرسة والاجازات وتدريبه على توقع متى تفتح المدرسة أبوابها وما هو جدوله أو كيف سيقضي وقته فيها وفي أي وقت يمكنه العودة إلى البيت. فلو تدرب الطفل على النظام سيقوم بتحديد اختياراته بنفسه.
* كيف تؤثر طريقة الآباء في تعاملهم مع أهمية المدرسة ومحوريتها وتفضيلها على كل جوانب الحياة الأخرى على شخصية الأبناء؟
الحياة تعامل، وخير تعامل الحوار والنقاش ما بين أفراد الأسرة بود ومحبة وعدم عصبية، ويكون الوالدين على يقين أن بعضا من أفكار أبنائهم تضيف إليهما وتعلمهما، بمعنى آخر أن الحياة تبادل وأن عليهما أن يتبادلون الخبرات مع أبنائهما، ويدربوهم على العمل معاً، مما يتيح للأبناء فرص التعبير عن الذات والحوار بدون خوف، وطرح وجهات نظرهم، دون التعرض للانتقاد من الوالدين أو من الأخوة، والذين يكونون في بعض الأحيان قساة على أخوتهم.
* ما رأيك في الأهل ممن يصلون الأجازة بالدراسة، فيستغلون الأجازة في تدريس الأبناء بعض المواد للعام الدراسي القادم؟
الأجازة فرصة للترويح والاستمتاع بكل ما هو جديد وجميل، والأجازة تجديد للطاقة والحياة، ويمكن أن تتخللها قراءة بعض الكتب المسلية والممتعة، ولكنها ليست للدراسة، يمكن للأهل أن يساعدا طفلهما في الانضمام للنوادي الثقافية والعلمية، والتي تعتمد على العمل وتزويد المهارات الحياتية والعملية، والمعرفة المبنية على العمل.
* ما الطريقة المثالية لعمل توازن بين الدراسة وعيش الحياة العادية لدى الأبناء؟
أن يساعد الوالدان الطفل على تحديد أولوياته في الحياة في المنزل وفي المدرسة، ويرتب شؤونه تبعا لذلك، بمعنى آخر وكما ذكرت سابقا أن يدرب الطفل على اتباع النظام، وهو الذي سيؤهله في الحياة لترتيب شؤونه وحياته. نظام المنزل، نظام المدرسة، نظام الدراسة، نظام المكافآت، نظام العقوبات وكل نظام له قوانينه.
* بعض الآباء يقلقون من أن يكون لدى أبنائهم مشاكل فيما يتعلق بالتحصيل العلمي.. كيف يتأكد الآباء أن أبنائهم يستطيعون التحصيل الدراسي كباقي زملائهم؟
إن تكرار الموقف بصورة مستمرة وملحوظة، هو دليل على أن هناك مُشكلة، والمُشكلة تكمن في تكرار نفس الموقف بصورة ملحوظة، وفي أوقات متكررة، لذلك على الوالدين أن يقوما بملاحظة الطفل، وتحديد متى تكرر السلوك وماذا حدث قبله وبعده، والذهاب إلى الاستشاري الأكاديمي أو الاجتماعي أو النفسي في المدرسة واطلاعه على الموقف لمساعدتهما في تقديم العون لهما، فقد يحتاج الطفل بعض المساعدات الأكاديمية وتزلل العقبات التي كانت تعترضه، أو أن يُصمم له برنامجا للتخفيف من حجم المشكلة، لذلك النصيحة للوالدين أن يستشيروا أصحاب الخبرة في حالة تكرار المشكلات لدى أبنائهم.
* ما رأيك في الأهل ممن يركزون فقط على الجانب الأكاديمي ويتجاهلون تنمية المواهب لدى أبنائهم وكذلك الاشتراك في أنشطة وغيرها؟
الجوانب الاجتماعية والثقافية والترفيهية تعيد الحيوية للأبناء وتجعلهم أكثر نشاطاً وقدرة على العمل، ويجب على الوالدين أن يضعا في اعتبارهما أن النشاطات التي يقوم بها أبنائهم تعمل على تنشيط الذاكرة والمخ ومراكز الأعصاب، كذلك الانجازات التي يحصدها الأبناء في قيامهم بهذه الأنشطة تنعكس على أدائهم الأكاديمي، وينتقل أثر التعلم إلى الجانب الأكاديمي.
* ما الهدف الذي يجب أن يضعه الآباء نصب أعينهم من الدراسة كل عام؟ هل يكفي تحصيل الدرجات النهائية على سبيل المثال؟
الهدف لابد أن يكون التعلم، لابد أن يكون الوالدين متابعين لمدى ما اكتسبه الطفل من تعلم وثقافة ومهارات بالإضافة إلى المعرفة والعلوم، وليس معنى أن يكون الطفل ذو درجات مرتفعة أنه قد اكتسب المعرفة والمهارة. المعرفة والمهارة لابد أن تُمارس بصورة مُستمرة في الحياة، وهذا لابد للوالدين من ملاحظته لدى أبنائهما.
* يكره كثير من الأطفال الذهاب إلى المدرسة بل ويتهربون بالتمارض والبكاء؟ ما سبب ذلك وكيف يتغلب الأهل على هذه الأمور؟
في حقيقة الأمر أن هناك شيء يجذب الطفل إلى المدرسة، أو أنه يكره الذهاب إليها لسبب ما، وعلى الأهل الحوار بصورة مستمرة مع الطفل، وليس استجوابه، بمعنى التحدث والكلام بصورة عامة، كما يجب على الوالدين سؤال الطفل عن المشاعر والأحاسيس التي تنتابه حيال الذهاب إلى المدرسة، إذ غالباً ما تكون هذه المشاعر ممزوجة بين الإثارة والخوف، ومناقشته فيما يشعر، ولا يسخر الوالدان من مشاعره أو يستخف بها، بل يخبراه أنها مشاعر طبيعية وأن كل الأطفال متوترون تقريباً لكن هذه المشاعر سرعان ما تزول باندماجه واندماجهم بالمدرسة.
الحوار ثم الحوار ثم الحوار مع الطفل حول الجوانب الإيجابيّة لذهابه إلى المدرسة؛ بأنها ستشغل وقته بما هو مفيد، ويمكنه أن يتعرف من خلالها على أصدقاء جدد يلعب معهم ويستمتع بالتحدث إليهم، كما يمكنه الانضمام إلى الأنشطة المتعددة التي تقيمها المدرسة.
* السؤال الأخير.. كيف نجعل المدرسة أمرا محببا للأطفال؟
عن طريق مُشاركة الطفل بعض الأنشطة في المدرسة واصطحابه مع أصدقائه، والذهاب في رحلات مدرسية وحتى مدرسية عائلية.
اقرأ أيضا:مريول المدرسة: مع أم ضد؟