استعارة "رواندية": فندق سورية؟

16 مايو 2014
فيلم عن شعب متروك للمذبحة (GETTY)
+ الخط -
أزمة رواندا التي لا يمكن أن تُختزل بفيلم سينمائي، وثّق جزءاً من مذابحها التي وقعت في العام 1994 فيلم "فندق رواندا" الذي عُرِضَ في العام 2004، وأخرجه تيري جورج.

الفيلم مقتبس من قصّة فندق "ميل كولين"، الذي يديره بطل الفيلم "بول" في فترة الحرب الأهلية بين قبيلتي "الهوتو" و"التوتسي". وعلى بعد أمتار خارج أسوار الفندق تدور المذابح المتبَادَلَة ليتحوّل الفندق إلى ملجأ لمن استطاع إليه سبيلاً. منهم عائلة بول وزوجته "تاتيانا"، التي تنتمي إلى "التوتسي"، والمغرمة بزوجها بول، المتحدّر من "الهوتو".

ثم يلجأ إلى الفندق ما تبقّى من دبلوماسيين أوروبيين في رواندا، وتدور سيوف المجازر بطريقة لا يتخيّلها عقل، مع صمت مطبق من المجتمع الدولي. وفي تلك الأيام يجتمع مجلس الأمن ثم ينفرط اجتماعه، ثم يجتمع، ثم يحلّ اجتماعه، ولا يبقى أمل ينقذ رواندا سوى بضعة قرارات تلحق العار بمن أصدرها، كإجلاء الرعايا الأجانب وترك ما تبقى من روانديين لمصيرهم.

أحد أبطال الفيلم هو مراسل صحافي لإحدى المحطات العالمية. يحمل كاميرته ويخرج من الفندق ليوثّق ما يحدث. وبعد عودته من تصوير مشاهد صدقّتها عدسته أكثر من دماغه البشري يستوقفه "بول" ليشكره "لأّنك قد نقلت ما يحدث لنا إلى العالم". فيجيب الصحافي متعاطفاً: "لكن لن يتغيّر شيء يا بول، فهذه الصور ستُبَثُّ في نشرة التاسعة، حيث بعض المتخمين الأميركيين يتناولون عشاءهم، سينظرون إلى التلفاز ويغيّرون ملامح وجوههم ممتعضين ويكتفون بالقول: تلك فظاعة، ثم يعودون إلى طعامهم".

هكذا تُرِكَت رواندا إلى مصيرها الذي أفضى إلى قتل أكثر من مليون إنسان، وسط تردّد شديد من الرئيس الأميركي بيل كلينتون في تلك الفترة، وصمت الأمم المتحدة، وقلق رئيسها "بطرس بطرس غالي".

تُرِكَت رواند إلى مصيرها حتّى استطاع الثوّار السيطرة على العاصمة "كيغالي" في العام 1994 وبسط سيطرتهم على أنحاء البلاد".

هو فيلم عن شعب تُرِكَ يواجه الإبادة والعالم يتفرّج. تُرِكَ بطريقة لا يتخيّلها سوى عقل "المواطن السوري". فلا يعرف الجرح إلا من به ألمُ. وكم تشبه سورية رواندا هذه الأيام.

المساهمون