استعادة تمثال بورقيبة بين الحنين والاستغلال السياسي

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
23 ابريل 2015
730EB22E-C109-449D-8179-05DF606EE610
+ الخط -

تباينت آراء الشارع التونسي حول نية السلطات التونسية وتحديداً رئاسة الجمهورية، إعادة نصب تمثال الزعيم الحبيب بورقيبة في شارع يحمل اسمه بالعاصمة تونس.

البعض رحّب بالفكرة باعتبارها اعترافاً بتاريخ زعيم قدّم كثيراً لتونس، وتخليداً لذكرى رئيس أحبّوه، وكان المحرّر من قيود الاستعمار والجهل، والبعض رفضها، لأن مشاكل البلاد أكبر بكثير من نصب التماثيل، في حين أشار بعضهم إلى أنّ المسألة ليست سوى توظيف سياسي، واستثمار لصورة الزعيم الراحل.

وكان مستشار الرئيس السبسي، محسن مرزوق، قد أشار إلى أن البلديات التي سُتنتخب قريباً، هي وحدها التي ستقرر ما إذا كانت ترى إعادة بعض تماثيل الزعيم بورقيبة إلى ساحاتها أم لا.

في وسط شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، كانت الحركة شبه كثيفة مع موعد خروج الموظفين من مقار عملهم، التقينا الطاهر حميدة (60 عاماً)، كان متحمساً وهو يتحدث عن بورقيبة "المجاهد"، هكذا يناديه، تأمل بصمت زاويةً ما في أقصى الشارع، وبدا كأنه يسترجع ذكريات الماضي أو يبحث عن مكان الزعيم، وقال إن الذاكرة عادت به إلى السبعينيات، عندما كان تمثال بورقيبة هنا.

وأضاف الطاهر: "لا يمحى من ذاكرتي، صنبة ("صنبة" تعني تمثال باللهجة التونسية) الزعيم في شارع الحبيب بورقيبة، حتى لو حاول البعض طمس التاريخ"، معبراً عن سعادته بعودة التمثال إلى مكانه، ليذكّر الناس والشباب بتاريخ تونس، وبما قدّمه الرجل للبلاد.


ووصف الفكرة بالإيجابية جداً، مبيناً أنه بمجرّد أن سمع تصريحات مستشار رئيس الجمهورية عن الموضوع كاد يطير من السعادة. ولم يخف طاهر أنّ هذه التصريحات أعادت السكينة والطمأنينة إلى نفسه، لأنه يحب بورقيبة ومتأثر بالفكر البورقيبي.

الهادي نمّوسي، رئيس محطة قطارات متقاعد، كان جالساً وسط شارع الحبيب بورقيبة يحتسي قهوته ويتأمل المارة، سألناه عن رأيه في عودة تماثيل بورقيبة، فقال إنّ هذه البادرة أقل ما يمكن تقديمه لروح الزعيم، وأضاف أنّ بورقيبة قدّم الكثير لتونس وأن تماثيل بورقيبة محببة لديه، تماماً مثل تمثال ابن خلدون الفقيه والفيلسوف.

وأضاف الهادي: "كل تونسي يحمل داخله الفكر البورقيبي، ومتأثر ببورقيبة، ونادراً ما نجد شخصاً يكرهه، فهو القائد والرمز، والرمز لا يموت، وهو ما يفسر عودته رغم التجاهل والنسيان في عهد الرئيس المخلوع. سيكون لوجوده في الشارع تأثيرات إيجابية على الناس مهما اختلفت ميولهم السياسية".

وأوضح أنّ الرافضين لعودة تماثيل بورقيبة، تحت مبررات دينية، هم في الحقيقة لا يفهمون الحضارة ولا الدين بشكل جيد.

في السياق ذاته، قال عبد الرؤوف (محام متقاعد): "لا أحد يمكنه محو الماضي والتاريخ، ولا يستقيم التوظيف السياسي للموضوع، لأن لكل فترة ميزاتها، لا يمكن لأحد توظيف بورقيبة سياسياً"، داعياً الباجي قائد السبسي للنظر إلى المستقبل والعمل برؤيا 2015، وليس الخمسينيات.

وأكدّ أنّ هناك ملفّات في تونس، أكثر أهمية من إعادة تمثال بورقيبة، كالتعليم ومقاومة الإرهاب، وشدد على أنّ نصب تمثال لن يضيف شيئاً لتونس، ولن يكون له أي تأثير، متسائلاً عن الفائدة من إعادة التماثيل؟


ولاحظت منية، أنّ عودة تمثال بورقيبة، لا تعدو كونها مجرد محاولات لاستمالة الشعب التونسي، وطريقة لاستقطاب محبي الزعيم، لأن بورقيبة محبوب لدى الشعب التونسي، مؤكدة أن التونسي يحنّ كثيراً إلى بورقيبة، وأن الرئيس التونسي الجديد لم يخرج من جلباب الزعيم، فهو يقلده في حركاته وخطابه، وها هو اليوم يريد إعادة التماثيل لاستغلالها سياسياً.

لكن الشاب العروسي (تلميذ)، يرى أن إعادة تماثيل بورقيبة لها رمزية ودلالة خاصتان، ففي شارع الحبيب بورقيبة يوجد تمثال ابن خلدون، وبالتالي ما الذي يمنع نصب تمثال بورقيبة؟، وأضاف أنّ بورقيبة قام بإصلاحات في مجالات عدة، كالصحة والتعليم وحقوق المرأة، معتبراً أن إعادة تماثيله مهمة.

واعتبرت سيرين (طالبة) أن بورقيبة رمز البلاد، ووجود تمثاله يعطي فكرة عن جزء مهم من تاريخ تونس وخصوصاً للسياح والأجانب الذين يزورونها، فالتمثال سيلفت نظرهم، وستكون فرصة للحديث عن تاريخ تلك الفترة.
أما حسان الطالب في السياحة والشغوف بالتاريخ، فيتمنى لو تعاد تماثيل "البيات" و"الباشوات"، لأنهم يمثلون فترة مهمة في تاريخ تونس، وفترة بعيدة لا يعرفها التونسيون ومن المهم التذكير بها.

ويرى رضا جماعي (موظف)، أنه لولا بورقيبة لما تحررت المرأة، وأنها بفضله قطعت أشواطاً على درب الحرية والتحرر، كما أن مجانية التعليم ساهمت في خلق جيل من المثقفين.
دلالات

ذات صلة

الصورة
فيلم قبل أن تولد

منوعات

من ذاكرة لا تسكتين وواقع تتلبّسه الملائكة والشياطين، عقدت عزة قصتها. خيوط متشابكة من الآمال والآلام والمخاوف والأحزان ونفحات من فرح ربما سيكبر، ظلّت القضية الجوهرية فيها "الهوية"
المساهمون