يطوي الأردن اليوم الأحد صفحة سنوات طويلة من الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الباقورة والغمر، بعد انتهاء المدة الزمنية لنظام خاص سمح لإسرائيل باستخدامها، ضمن اتفاقية معاهدة السلام الموقّعة بين الطرفين في عام 1994 (وادي عربة) علماً أن الاحتلال كان قد سيطر على هذه الأراضي قبل سنوات طويلة من الاتفاقية. لكن استعادة عمّان للمنطقتين، لم تأتِ فقط بسبب الاتفاق، بل إن عوامل عديدة دفعت البلاد للسير بهذا الاتجاه، تبقى أبرزها الحراك الشعبي الأردني الذي شكّل أداة ضغط على النظام السياسي خلال العامين الماضيين، إضافة إلى الفتور الذي يشوب العلاقة بين الأردن والاحتلال في الفترة الأخيرة.
وتعود قصة الباقورة في محافظة إربد، إلى عام 1926، حين باعت الحكومة الأردنية لأحد الزعماء الصهاينة ويدعى بنحاس روتنبرغ، 6 آلاف دونم من أراضيها لاستخدامها في مشروع لتوليد الكهرباء، إلا أنه استخدم جزءاً من هذه الأراضي، فيما ذهب جزء منها للوكالة اليهودية، على الرغم من أن عقد البيع اشترط إعادة ما يزيد عن حاجته للأردن. وفي ذلك الوقت قاطع الكثير من أهالي محافظات الشمال الكهرباء التي ولّدها المشروع، قبل أن تتوقف المحطة عن العمل بعد قصفها في حرب عام 1948. وفي عام 1950 استولى جيش الاحتلال على 1390 دونماً من أراضي الباقورة، واكتفى الأردن حينها بتقديم شكوى لمجلس الأمن. وفي مفاوضات وادي عربة استعاد الأردن 560 دونماً من الباقورة، بينما وُضعت 830 دونماً تحت نظام خاص أشبه بالتأجير لإسرائيل لمدة 25 عاماً بعد أن ادعت أنّ لها حقوقَ ملكية خاصة فيها. فيما كانت الغمر الواقعة في محافظة العقبة، ضمن مئات الكيلومترات الأخرى التي احتلها الاحتلال عقب حرب 1967، إذ استولى مستوطنون على أراضٍ زراعية ومياه جوفية منذ عقود، بخرقهم حدود هدنة 1967 وعلى امتداد 128 كيلومتراً من الحدود طولاً، وبمساحة كلية تصل إلى 387.4 كيلومتراً مربعاً.
وبقي الوضع على ما هو عليه وصولاً إلى توقيع اتفاقية "وادي عربة" عام 1994 والتي سمحت وفق نظام خاص لإسرائيل باستخدام أراضي المنطقتين لمدة 25 عاماً. ونصّ أحد بنود الاتفاقية على أنه يحق لأي من الطرفين عدم تجديد الاتفاقية بعد مرور 25 عاماً، "شرط إبلاغ الطرف الآخر قبل انتهاء المدة بعام"، وبالتالي وفق هذا البند كانت الحكومة الأردنية تستطيع إبلاغ الجانب الإسرائيلي بعدم رغبتها التجديد في موعد أقصاه 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وإذا حدث ما هو خلاف ذلك يتم تمديد الاتفاقية تلقائياً لـ25 عاماً جديدة.
وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان نهاية الشهر الماضي، إن الجانب الإسرائيلي طلب التشاور وفقاً لما نصّت عليه المعاهدة، لافتة إلى أنه تم الدخول في مباحثات حول إنهاء الوجود الإسرائيلي ولم تكن حول التجديد، بل للانتقال من المرحلة والترتيبات السابقة إلى المحطة المقبلة. وشددت على أن قرار الأردن، والذي اتخذ بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قضى بإنهاء العمل بالملحقين الخاصين بالباقورة والغمر بشكل نهائي وقطعي، وأنه بانتهاء النظامين الخاصين بتاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 (حسب ما نصت عليه اتفاقية السلام)، لن يكون هناك أي تجديد أو تمديد.
ويعقد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، مؤتمراً صحافياً في منطقة الباقورة، غداً الاثنين، بمناسبة انتهاء العمل بالملحقين حول المنطقتين، وفق بيان صادر عن الوزارة، ليكون ذلك بمثابة إعلان رسمي من الحكومة الأردنية باستعادة المنطقتين. وأبلغت الحكومة الأردنية، وفق مواقع إخبارية إسرائيلية، الجانب الإسرائيلي بأنّها لن تسمح بدخول الإسرائيليين والمستوطنين أراضي الباقورة والغمر، بدءاً من اليوم الأحد.
ومع طي هذه الصفحة التي كانت في كثير من الأوقات مثار جدل بين السلطة والمعارضة في الأردن، لا يمكن إغفال الحراك الشعبي الأردني الذي شكّل أداة ضغط على النظام السياسي، لعودة الباقورة والغمر إلى حضنهما الطبيعي، وكيف يمكن أن تكون المعارضة للسياسات الحكومية سنداً، في التحركات السياسية والاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي. فقد جاء قرار العاهل الأردني عبدالله الثاني، قبل عام تقريباً بإنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام، متوافقاً مع الحراك السياسي الشعبي الذي أسس "الحملة الوطنية لاستعادة الباقورة والغمر" (أراضينا) بالتعاون مع القوى الوطنية والأحزاب والنقابات، وتكلّلت الجهود بتحقيق الهدف المنشود وهو قرار إنهاء الاتفاقية.
اقــرأ أيضاً
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني، نضال الطعاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هذا القرار كان على رأس أولويات العاهل الأردني، وهو ما اتفقت عليه كل المكوّنات السياسية الأردنية، بضرورة عودة الباقورة والغمر، موضحاً أن هناك انسجاماً وتطابقاً وتوافقاً أردنياً حول القرار. وأضاف: "لن تكون هناك رجعة أو مساومة، فالأردن قبل سنة من الآن، أبلغ عبر وزارة الخارجية الأردنية إسرائيل بضرورة عودة هذه الأراضي إلى السيادة الأردنية، واتّبع الوسائل السياسية كافة، سواء الضغط عبر الأصدقاء أو الحلفاء، باتجاه عودة الأراضي لوضعها القانوني الطبيعي".
ولفت إلى أن "عودة هذه الأراضي تأتي بعد تحدٍ كبير، لا سيما بعد إعلان (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو نيّته ضم غور الأردن وشمال البحر الميت إلى الكيان المحتل"، معتبراً أن "عودة هذه الأراضي رسالة واضحة تلامس التوجه والقرار السياسي الأردني". وأشار إلى أن علاقة الأردن مع إسرائيل يشوبها نوع من عدم الثقة بالجانب الآخر، بسبب التصعيد الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، سواء في قضية الأسرى والمعتقلين الإداريين، أو قضية غور الأردن، وهذه تحديات كبيرة تواجه عملية السلام والعلاقة مع إسرائيل، لافتاً إلى استدعاء عمّان السفير الأردني في تل أبيب غسان المجالي.
ولا يمكن النظر إلى هذا القرار الأردني بعيداً عن الفتور الذي يشوب العلاقات الأردنية الإسرائيلية الشائكة في الفترة الأخيرة، والتي لا تبدو أنها مقبلة على انفراجة، حتى بعد إطلاق سراح الأسيرين عبد الرحمن مرعي وهبة اللبدي الأربعاء الماضي، بعد توتر دبلوماسي تُوّج باستدعاء الأردن سفيره غسان المجالي للتشاور، ومع استمرار التهديدات الأردنية، لا سيما من مجلس النواب، بإعادة النظر باتفاقية السلام (وادي عربة) بين الطرفين. ومنذ حادثة مقتل أردنيين وإصابة إسرائيلي في إطلاق نار في السفارة الإسرائيلية في عمّان قبل نحو عامين، لم تعد العلاقات إلى سابق عهدها، خصوصاً في ظل تهرب الحكومة الإسرائيلية المستمر من خيار الدولتين وفرض سياسة الأمر الواقع في القدس المحتلة.
وقال المحلل السياسي الأردني حسن البراري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن أهمية هذه الخطوة تكمن في عدم تراجع الأردن عن قراره بعودة هذه الأراضي إلى الوضع القانوني الطبيعي، خصوصاً في ظل تراجع إسرائيل عن بعض الاتفاقات ومنها على سبيل المثال قناة "البحرين" (بناء قناة مياه تربط البحر الأحمر بالبحر الميت)، مشيراً إلى أن هذه الأراضي (الباقورة والغمر) التي احتُلت من قبل إسرائيل عامي 1950 و1967، هي أرض أردنية، وأكدت اتفاقية السلام وهي وثيقة قانونية أنها أراضٍ محتلة، وأن السيادة عليها للأردن.
ولفت البراري إلى أن "إصرار الأردن على تنفيذ هذه الاتفاقية في ظل العربدة الإسرائيلية وسياسة التوسع، والانكشاف في العلاقات الإسرائيلية العربية، وتحالف دول عربية مهمة مع إسرائيل، يمنح القرار رمزية سياسية مهمة". وأوضح أن أراضي الباقورة والغمر لا ترتبط بأهمية استراتيجية كبيرة لدى الجانب الإسرائيلي، ولكنها تتعلق بمصالح مزارعين إسرائيليين يستغلون هذه الأراضي، لافتاً إلى أن ردود الفعل الداخلية في إسرائيل لم تكن كبيرة، خصوصاً أن الاتفاقية نصت على عدم مبيت هؤلاء المزارعين في هذه الأراضي، ويمكن حلها بتعويض الحكومة الإسرائيلية للمزارعين.
من جهته، قال المحلل السياسي، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أيمن الحنيطي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ عودة الباقورة والغمر رسالة إلى إسرائيل أن عملية السلام لا تسير في الطريق الصحيح، الذي يأمله الأردن، وعلى أساسها دخل معاهدة السلام مع إسرائيل، موضحاً أن عمّان عندما توجّهت لتوقيع معاهدة السلام كان هدفها الوصول إلى سلام عادل وشامل، لكن خلال السنوات الـ25 الماضية، خصوصا آخر 11 عاماً منذ تولي نتنياهو رئاسة الحكومة، أصيبت هذه العلاقات بتراجع كبير.
ولفت إلى أن "هناك رسالة واضحة جداً لإسرائيل، وهي إذا أردتم العيش في منطقة يسودها التعاون والسلام فلا بد من إعادة الحقوق إلى أصحابها، ومراعاة المعاهدات والمواثيق الدولية". وأشار إلى أن الإعلام والمحللين الإسرائيليين يلقون باللوم بشكل كبير على سياسة نتنياهو تجاه الأردن، متوقعاً أن يكون هناك تحوّل إيجابي في العلاقات الأردنية الإسرائيلية في حال إزاحة نتنياهو عن رئاسة الحكومة. وأضاف أن اهتمام الإسرائيليين بقضية الباقورة والغمر نابع بشكل كبير من الاهتمام بالعائلات الإسرائيلية التي تعتمد على هذه المناطق في استقرارها الاقتصادي، وهم يدركون أن سياسة نتنياهو تجاه الأردن لم تخدم المزارعين في هذه المناطق.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قال في تصريحات سابقة، إن "السيادة الأردنية معترف بها وممارسة على أراضي الغمر والباقورة"، مشيراً إلى أن "الأردن مارس حقه القانوني بإنهاء الملحقين ضمن بند موجود في اتفاقية السلام". وعن الملكيات والمشاريع في المنطقتين، قال الصفدي: "سيتم التعامل مع هذا الموضوع وفق القوانين الأردنية، وبما يحترم حقوق الملكية الخاصة، فنحن دولة قوانين ومؤسسات، ونحترم التزاماتنا الدولية، ونحمي مصالحنا، وحماية مصالحنا جزء منها يكون في التزامنا بالقوانين والاتفاقيات".
وتعود قصة الباقورة في محافظة إربد، إلى عام 1926، حين باعت الحكومة الأردنية لأحد الزعماء الصهاينة ويدعى بنحاس روتنبرغ، 6 آلاف دونم من أراضيها لاستخدامها في مشروع لتوليد الكهرباء، إلا أنه استخدم جزءاً من هذه الأراضي، فيما ذهب جزء منها للوكالة اليهودية، على الرغم من أن عقد البيع اشترط إعادة ما يزيد عن حاجته للأردن. وفي ذلك الوقت قاطع الكثير من أهالي محافظات الشمال الكهرباء التي ولّدها المشروع، قبل أن تتوقف المحطة عن العمل بعد قصفها في حرب عام 1948. وفي عام 1950 استولى جيش الاحتلال على 1390 دونماً من أراضي الباقورة، واكتفى الأردن حينها بتقديم شكوى لمجلس الأمن. وفي مفاوضات وادي عربة استعاد الأردن 560 دونماً من الباقورة، بينما وُضعت 830 دونماً تحت نظام خاص أشبه بالتأجير لإسرائيل لمدة 25 عاماً بعد أن ادعت أنّ لها حقوقَ ملكية خاصة فيها. فيما كانت الغمر الواقعة في محافظة العقبة، ضمن مئات الكيلومترات الأخرى التي احتلها الاحتلال عقب حرب 1967، إذ استولى مستوطنون على أراضٍ زراعية ومياه جوفية منذ عقود، بخرقهم حدود هدنة 1967 وعلى امتداد 128 كيلومتراً من الحدود طولاً، وبمساحة كلية تصل إلى 387.4 كيلومتراً مربعاً.
وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان نهاية الشهر الماضي، إن الجانب الإسرائيلي طلب التشاور وفقاً لما نصّت عليه المعاهدة، لافتة إلى أنه تم الدخول في مباحثات حول إنهاء الوجود الإسرائيلي ولم تكن حول التجديد، بل للانتقال من المرحلة والترتيبات السابقة إلى المحطة المقبلة. وشددت على أن قرار الأردن، والذي اتخذ بتاريخ 12 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قضى بإنهاء العمل بالملحقين الخاصين بالباقورة والغمر بشكل نهائي وقطعي، وأنه بانتهاء النظامين الخاصين بتاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 (حسب ما نصت عليه اتفاقية السلام)، لن يكون هناك أي تجديد أو تمديد.
ويعقد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، مؤتمراً صحافياً في منطقة الباقورة، غداً الاثنين، بمناسبة انتهاء العمل بالملحقين حول المنطقتين، وفق بيان صادر عن الوزارة، ليكون ذلك بمثابة إعلان رسمي من الحكومة الأردنية باستعادة المنطقتين. وأبلغت الحكومة الأردنية، وفق مواقع إخبارية إسرائيلية، الجانب الإسرائيلي بأنّها لن تسمح بدخول الإسرائيليين والمستوطنين أراضي الباقورة والغمر، بدءاً من اليوم الأحد.
ومع طي هذه الصفحة التي كانت في كثير من الأوقات مثار جدل بين السلطة والمعارضة في الأردن، لا يمكن إغفال الحراك الشعبي الأردني الذي شكّل أداة ضغط على النظام السياسي، لعودة الباقورة والغمر إلى حضنهما الطبيعي، وكيف يمكن أن تكون المعارضة للسياسات الحكومية سنداً، في التحركات السياسية والاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي. فقد جاء قرار العاهل الأردني عبدالله الثاني، قبل عام تقريباً بإنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام، متوافقاً مع الحراك السياسي الشعبي الذي أسس "الحملة الوطنية لاستعادة الباقورة والغمر" (أراضينا) بالتعاون مع القوى الوطنية والأحزاب والنقابات، وتكلّلت الجهود بتحقيق الهدف المنشود وهو قرار إنهاء الاتفاقية.
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني، نضال الطعاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن هذا القرار كان على رأس أولويات العاهل الأردني، وهو ما اتفقت عليه كل المكوّنات السياسية الأردنية، بضرورة عودة الباقورة والغمر، موضحاً أن هناك انسجاماً وتطابقاً وتوافقاً أردنياً حول القرار. وأضاف: "لن تكون هناك رجعة أو مساومة، فالأردن قبل سنة من الآن، أبلغ عبر وزارة الخارجية الأردنية إسرائيل بضرورة عودة هذه الأراضي إلى السيادة الأردنية، واتّبع الوسائل السياسية كافة، سواء الضغط عبر الأصدقاء أو الحلفاء، باتجاه عودة الأراضي لوضعها القانوني الطبيعي".
ولا يمكن النظر إلى هذا القرار الأردني بعيداً عن الفتور الذي يشوب العلاقات الأردنية الإسرائيلية الشائكة في الفترة الأخيرة، والتي لا تبدو أنها مقبلة على انفراجة، حتى بعد إطلاق سراح الأسيرين عبد الرحمن مرعي وهبة اللبدي الأربعاء الماضي، بعد توتر دبلوماسي تُوّج باستدعاء الأردن سفيره غسان المجالي للتشاور، ومع استمرار التهديدات الأردنية، لا سيما من مجلس النواب، بإعادة النظر باتفاقية السلام (وادي عربة) بين الطرفين. ومنذ حادثة مقتل أردنيين وإصابة إسرائيلي في إطلاق نار في السفارة الإسرائيلية في عمّان قبل نحو عامين، لم تعد العلاقات إلى سابق عهدها، خصوصاً في ظل تهرب الحكومة الإسرائيلية المستمر من خيار الدولتين وفرض سياسة الأمر الواقع في القدس المحتلة.
وقال المحلل السياسي الأردني حسن البراري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن أهمية هذه الخطوة تكمن في عدم تراجع الأردن عن قراره بعودة هذه الأراضي إلى الوضع القانوني الطبيعي، خصوصاً في ظل تراجع إسرائيل عن بعض الاتفاقات ومنها على سبيل المثال قناة "البحرين" (بناء قناة مياه تربط البحر الأحمر بالبحر الميت)، مشيراً إلى أن هذه الأراضي (الباقورة والغمر) التي احتُلت من قبل إسرائيل عامي 1950 و1967، هي أرض أردنية، وأكدت اتفاقية السلام وهي وثيقة قانونية أنها أراضٍ محتلة، وأن السيادة عليها للأردن.
ولفت البراري إلى أن "إصرار الأردن على تنفيذ هذه الاتفاقية في ظل العربدة الإسرائيلية وسياسة التوسع، والانكشاف في العلاقات الإسرائيلية العربية، وتحالف دول عربية مهمة مع إسرائيل، يمنح القرار رمزية سياسية مهمة". وأوضح أن أراضي الباقورة والغمر لا ترتبط بأهمية استراتيجية كبيرة لدى الجانب الإسرائيلي، ولكنها تتعلق بمصالح مزارعين إسرائيليين يستغلون هذه الأراضي، لافتاً إلى أن ردود الفعل الداخلية في إسرائيل لم تكن كبيرة، خصوصاً أن الاتفاقية نصت على عدم مبيت هؤلاء المزارعين في هذه الأراضي، ويمكن حلها بتعويض الحكومة الإسرائيلية للمزارعين.
ولفت إلى أن "هناك رسالة واضحة جداً لإسرائيل، وهي إذا أردتم العيش في منطقة يسودها التعاون والسلام فلا بد من إعادة الحقوق إلى أصحابها، ومراعاة المعاهدات والمواثيق الدولية". وأشار إلى أن الإعلام والمحللين الإسرائيليين يلقون باللوم بشكل كبير على سياسة نتنياهو تجاه الأردن، متوقعاً أن يكون هناك تحوّل إيجابي في العلاقات الأردنية الإسرائيلية في حال إزاحة نتنياهو عن رئاسة الحكومة. وأضاف أن اهتمام الإسرائيليين بقضية الباقورة والغمر نابع بشكل كبير من الاهتمام بالعائلات الإسرائيلية التي تعتمد على هذه المناطق في استقرارها الاقتصادي، وهم يدركون أن سياسة نتنياهو تجاه الأردن لم تخدم المزارعين في هذه المناطق.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قال في تصريحات سابقة، إن "السيادة الأردنية معترف بها وممارسة على أراضي الغمر والباقورة"، مشيراً إلى أن "الأردن مارس حقه القانوني بإنهاء الملحقين ضمن بند موجود في اتفاقية السلام". وعن الملكيات والمشاريع في المنطقتين، قال الصفدي: "سيتم التعامل مع هذا الموضوع وفق القوانين الأردنية، وبما يحترم حقوق الملكية الخاصة، فنحن دولة قوانين ومؤسسات، ونحترم التزاماتنا الدولية، ونحمي مصالحنا، وحماية مصالحنا جزء منها يكون في التزامنا بالقوانين والاتفاقيات".