وأكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدري أبو بكر، لـ"العربي الجديد"، استشهاد الأسير السايح في مستشفى "آساف هاروفيه"، وقال: "لقد علمنا من محامين فلسطينيين ومصادر إسرائيلية استشهاد السايح".
وحول تسليم جثمان الأسير السايح لعائلته عقب استشهاده، قال أبو بكر: "لقد جرت العادة على عدم تسليم الاحتلال جثامين الأسرى الذين يستشهدون داخل سجونه".
من جانبه، أكد نادي الأسير الفلسطيني مساء اليوم الأحد نبأ استشهاد السايح، وذلك بعد صراع طويل مع مرض السرطان، رافقته إجراءات السّجان المتمثلة بالإهمال الطبي، والمماطلة في تقديم العلاج اللازم له.
وحمّل نادي الأسير إدارة معتقلات الاحتلال الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن استشهاد السايح، لافتاً إلى أن نحو 700 أسير يعانون من أمراض مختلفة، منهم 160 أسيراً مصابون بأمراض مزمنة بحاجة إلى متابعة صحية حثيثة، علماً أن جزءا من الأسرى المرضى وغالبيتهم من ذوي الأحكام العالية، قد أُغلقت ملفاتهم الطبية بذريعة عدم وجود علاج لهم.
وعانى السايح من سرطاني الدم والعظام، إضافة لقصور حاد في عمل عضلة القلب، ووجود ماء في رئتيه، وتفاقمت حالته الصحية بعدما اعتقله الاحتلال في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول عام 2015، عقب اتهامه بالمساعدة في التخطيط لعملية إطلاق نار جرت في شرق مدينة نابلس في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2015، أدت لمقتل مستوطنين اثنين على يد خلية تتبع لـ"كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس.
وخضع السايح لتحقيق عسكري قاسٍ، استمر لأسابيع، حيث تم وضعه في زنزانة انفرادية وحُرم من الدواء والعلاج، كما اعتقل الاحتلال زوجته منى لعدة أشهر، وحرمه من زيارة الأهل.
ولم يصدر حكم بحق الأسير السايح حيث كان موقوفاً حتى لحظة استشهاده، رغم أن النيابة الإسرائيلية طالبت المحكمة العسكرية بإنزال أقصى عقوبة بحقه تصل إلى السجن لمؤبدين و30 عاماً، لمشاركته في التخطيط وتمويل تلك العملية، أسوة ببقية أفراد الخلية.
ويحمل بسام السايح شهادة البكالوريوس في الصحافة من جامعة النجاح الوطنية عام 1995، وماجستير علوم سياسية من الجامعة ذاتها عام 2003، حيث عمل مع عدد من وسائل الإعلام، وخاصة صحيفة "فلسطين" التي كانت تصدر في قطاع غزة.
وظهرت أعراض السرطان على بسام خلال وجوده في سجون السلطة الفلسطينية عام 2009، حيث أمضى نحو 3 سنوات على فترات متفاوتة، وبعد الإفراج عنه تعرض للاعتقال لدى الاحتلال الإسرائيلي مدة عام ونصف العام، وبعد الإفراج عنه سُمح له بالسفر عام 2014 للعلاج في الأردن، حيث كان في وضع صحي بالغ الصعوبة.
وبعد عودة بسام من الأردن طرأ تحسن طفيف على حالته الصحية، لكن مع معاودة الاحتلال اعتقاله عام 2015، وخضوعه لتحقيقٍ قاس، ومع تكرار عملية نقله عبر "البوسطة" من السجون للمحاكم بشكل مستمر، أصيب بانتكاسات متلاحقة، جعلته طريح الفراش لأشهر طويلة، ومن ثم جرى نقله لمستشفى سجن الرملة، وهناك مكث فترة طويلة، لكن حالته تراجعت أكثر، خاصة مع إعادته للسجن، ولم يتم نقله إلى مستشفى "آساف هاروفيه" إلا بعد احتجاج الأسرى وتهديدهم بإرجاع وجبات الطعام.
وباستشهاد الأسير السايح يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة الفلسطينية في معتقلات الاحتلال إلى 221 أسيراً، من بينهم 65 أسيراً ارتقوا نتيجة سياسة الإهمال الطبي.
في أعقاب ذلك، أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، مساء الأحد، بأن الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أعلنوا حالة الاستنفار والغضب والاستعداد لأية مواجهة قادمة مع إدارة المعتقلات، عقب الإعلان عن استشهاد رفيقهم الأسير بسام السايح.
وقالت الهيئة في بيان، إن "الأسرى شرعوا بالتكبير والطرق على الأبواب منذ لحظة سماعهم النبأ، وقاموا بإغلاق كافة الأقسام، وأبلغوا الإدارة، أنهم لن يستلموا وجبات الطعام اليوم وغدا، معلنين حالة الحداد".
بالتوازي مع ذلك، حملت الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، في بيان لها، مساء اليوم، الاحتلال وإدارة سجونه المسؤولية الكاملة والمباشرة عن استشهاد الأسير بسام السايح نتيجة الإهمال الطبي بحقه وممارسة سياسة القتل البطيء.
وأكدت أن "الإهمال الطبي جريمة منظمة ممنهجة تمارسها دولة الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين لاستهداف حياتهم وقتلهم، والقافلة ستطول إن لم يتم لجم الاحتلال وإلزامه بما نص عليه القانون الدولي".
وقالت الحركة الأسيرة: "ما زال الاحتلال يتعمد الجريمة ويمتهن القيم الإنسانية ويتجاوز كل كرامة للأعراف البشرية من خلال احتجاز جثامين الأسرى الشهداء، بسام السايح ومن قبله نصار طقاطقة وفارس بارود وعزيز عويسات".
وأضافت: "لقد عانى شهيدنا البطل من سياسة قانون الإعدام البطيء بحق الأسرى وقد أطلقنا العديد من الدعوات والنداءات للضغط والحراك من أجل محاولة إنقاذ حياته، وبالحد الأدنى أن يتمكن من أن يمضي أيامه الأخيرة في كنفِ أسرته وعائلته، لكن هذه الدعوات لم تجد آذاناً صاغيةً ولم تُترجم إلى حراكٍ شعبي ضاغطٍ أو رسمي فاعل أو تدخل من الجهات الدولية الراعية لحقوق الإنسان".