بعد يومين من إعلان الإدارة الأميركية قرارها القاضي بوقف الإعفاءات الممنوحة للعقوبات على قطاع الطاقة الإيراني، وخصوصاً النفط، هاجم المرشد الإيراني علي خامنئي، والرئيس حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف القرار الأميركي، لتحمل تصريحاتهم رسائل عديدة، لكنها لم تعكس تراجعاً أو تصعيداً ملحوظاً ينهي العمل وفق استراتيجية "لا تفاوض ولا حرب" التي تعتمدها إيران في مواجهة سياسية "الضغوط القصوى" الأميركية.
على الرغم من أن خطاب خامنئي خلا من أي إشارات دبلوماسية، وطغت عليه لغة حادة تجاه الإدارة الأميركية، قياساً مع تصريحات روحاني، والتي لمّح فيها إلى إمكانية التفاوض معها لكن ضمن شروط محددة، إلا أن الخطابين لم يختلفا في المضمون، ليؤكد الرجلان على أن واشنطن "ستفشل في تصفير صادرات إيران النفطية، وأنها ستبيع نفطها بطرقها المختلفة"، وأنها "ستصمد"، وسط حرص روحاني تحديداً على تذكير الأميركيين بأنهم "لم يستخلصوا الدروس والعبر من واقعة طبس، فنفذوا خلال 40 عاماً الماضية مؤامرات يومياً لكنهم فشلوا في ذلك".
اقــرأ أيضاً
وجاءت التصريحات الإيرانية بالتزامن مع ذكرى عملية "مخلب النسر" الفاشلة التي نفذتها القوات الأميركية في صحراء طبس، جنوبي إيران، في الخامس والعشرين من إبريل/ نيسان 1980 لتحرير الرهائن الأميركيين داخل السفارة الأميركية في العاصمة طهران.
وفيما هدّد خامنئي بالرد على "العداء الأميركي" لإيران، لكنه في الوقت نفسه لم يكشف عن طبيعته، وربط ذلك بالشعب الإيراني، قائلاً إنه "لن يصمت أمام هذا العداء". كما أن روحاني ذكر خلال اجتماع للحكومة الإيرانية أن "لا خيار أمام إيران إلا الصمود والمقاومة"، الأمر الذي يوحي بأن التصعيد الأميركي الجديد، سواء في ما يتعلق باعتبار الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية"، أو ما يرتبط بفرض حظر شامل على النفط الإيراني وصادراته، لم يدفع طهران إلى التراجع، وظلت متمسكة بموقفها.
هذا التمسك لا يعني أن طهران ستلجأ إلى خطوات تصعيدية "خطيرة" في مواجهة الإدارة الأميركية، إذ إن قول خامنئي إن "تراجع الاعتماد على بيع النفط يشكل فرصة لمزيد من الاعتماد على القدرات الداخلية"، يوحي بأن إيران تحاول امتصاص الضغوط الأميركية وإحباط مفاعيلها من خلال التأقلم مع الواقع "الصعب" الناجم عن تلك الضغوط، التي قال خامنئي وروحاني إنها تستهدف تأليب الشارع على النظام.
واللافت في هذا الصدد أن تصريحات المرشد الإيراني والرئيس خلت من أي تهديد بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، وهو تهديد تعوّد روحاني بالذات على إطلاقه مرات عدة خلال الأشهر الماضية، سعياً منه لردع نظيره الأميركي دونالد ترامب عن اللجوء إلى خيار حظر الصادرات النفطية الإيرانية بشكل شامل، لكنه لم يفلح في ذلك. كما أن وزير الخارجية الإيراني قال، أمس، إن الإبقاء على مضيق هرمز مفتوحاً من مصلحة الأمن القومي الإيراني.
ويبنى على الحديث الإيراني بخصوص مضيق هرمز احتمالان، الأول أن إيران أصبحت مطمئنة إلى أنها ستصدّر نفطها بالطرق "الالتفافية"، وبالتالي لا ترى ضرورة للعودة إلى مثل هذه التهديدات، أو أنها قد تراجعت عن ذلك ولو مؤقتاً في ظل عدم إمكانية تحقيق هذا التهديد، بالنظر إلى تداعياته الخطيرة، في كونه يمثل قرار حرب.
أما حديث روحاني عن التفاوض المشروط، بقوله "إننا دوما كنا رجال التفاوض والدبلوماسية كما نحن رجال الحرب والدفاع، لكن لا يمكن التفاوض إلا إذا رفعت الضغوط كافة، ويتم تقديم الاعتذار عن الإجراءات غير الشرعية وأن يكون هناك احترام متبادل"، فإنه قد يؤشر إلى أن "الشيخ الدبلوماسي"، كما لقب بعد التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 وقبل أن يجهضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أيار/ مايو الماضي، لم يفقد أمله بالكامل بالخيار الدبلوماسي كحل للصراع الأميركي الإيراني. إلا أن ذلك لا يعني أن هذا الخيار لا يزال في المتناول في الظروف الراهنة، لسببين، الأول أن ترامب بقراراته الأخيرة وبالذات تصنيف الحرس الثوري الإيراني "جماعة إرهابية"، قد أدخل الصراع مع إيران في مرحلة تضيّق جداً مساحة فرص الدبلوماسية والتفاوض، إن لم تصفرها، كما أنه من الصعب إن لم يكن مستحيلاً أن يتراجع عن هذه القرارات بدون مقابل. أما السبب الثاني فيعود إلى أن إيران أيضاً لا يمكنها أن تخوض مجدداً هذا المسار تحت هذه الضغوط وعلى ضوء التجربة السابقة الفاشلة المتمثلة بما آل إليه الاتفاق النووي، ليقول روحاني إن "التفاوض تحت هذه الضغوط يعني القبول بالمذلة والاستسلام".
وفي السياق، ربط روحاني بين دخول بلاده في أي تفاوض من جديد بالتراجع الأميركي عن الضغوط والاعتذار عن "التصرفات غير الشرعية". كما جاءت تصريحات ظريف في السياق نفسه، إذ شدد على أن العقوبات الأميركية لن تغير السياسة الإيرانية. وفيما أكد وزير الخارجية أن الولايات المتحدة تتبع سياسة "خطيرة جدا" تجاه إيران، لفت إلى أن أميركا لا تحتاج لطاولة تفاوض جديدة والاتفاق النووي أفضل اتفاق يمكن تحقيقه.
ويستبعد أن تقبل الإدارة الأميركية بالشروط الإيرانية، لا سيما أنها تنتظر أن تحصد نتائج "ضغوطها القصوى" على طهران. حتى وإن فكّر روحاني في أن يجرب مرة أخرى خيار التفاوض مع واشنطن تحت هذه الظروف، فهو لا يملك القرار في ترجمة ذلك، إذ إن خامنئي أعلن حظر أي تفاوض مع الولايات المتحدة في أغسطس/ آب من عام 2018، قائلاً "أعلن حظر التفاوض مع أميركا كما حظره الإمام الخميني".
في غضون ذلك، وجه روحاني رسائل إنذار إلى الرياض وأبوظبي تعليقاً على الإعلان عن استعداداهما للتعويض عن النقص الناجم عن وقف الصادرات النفطية الإيرانية، قائلاً "بينما وجودكم رهن إيران (متحدثاً عن موقف إيران خلال فترة غزو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت)، كيف تعلنون لترامب أنكم ستعوضون الصادرات النفطية الإيرانية حال صفّرها. فهل أنتم واعون لتبعات ذلك وتعلمون ما معنى معاداة الشعب الإيراني بهذا الشكل الصريح؟"، قبل أن يضيف "ألا تعلمون أن عهد ترامب سينتهي ونحن سنبقى كجيران إلى جانب بعضنا البعض؟ والأفضل أن نفكر بصداقة دائمة".
اقــرأ أيضاً
على الرغم من أن خطاب خامنئي خلا من أي إشارات دبلوماسية، وطغت عليه لغة حادة تجاه الإدارة الأميركية، قياساً مع تصريحات روحاني، والتي لمّح فيها إلى إمكانية التفاوض معها لكن ضمن شروط محددة، إلا أن الخطابين لم يختلفا في المضمون، ليؤكد الرجلان على أن واشنطن "ستفشل في تصفير صادرات إيران النفطية، وأنها ستبيع نفطها بطرقها المختلفة"، وأنها "ستصمد"، وسط حرص روحاني تحديداً على تذكير الأميركيين بأنهم "لم يستخلصوا الدروس والعبر من واقعة طبس، فنفذوا خلال 40 عاماً الماضية مؤامرات يومياً لكنهم فشلوا في ذلك".
وجاءت التصريحات الإيرانية بالتزامن مع ذكرى عملية "مخلب النسر" الفاشلة التي نفذتها القوات الأميركية في صحراء طبس، جنوبي إيران، في الخامس والعشرين من إبريل/ نيسان 1980 لتحرير الرهائن الأميركيين داخل السفارة الأميركية في العاصمة طهران.
وفيما هدّد خامنئي بالرد على "العداء الأميركي" لإيران، لكنه في الوقت نفسه لم يكشف عن طبيعته، وربط ذلك بالشعب الإيراني، قائلاً إنه "لن يصمت أمام هذا العداء". كما أن روحاني ذكر خلال اجتماع للحكومة الإيرانية أن "لا خيار أمام إيران إلا الصمود والمقاومة"، الأمر الذي يوحي بأن التصعيد الأميركي الجديد، سواء في ما يتعلق باعتبار الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية"، أو ما يرتبط بفرض حظر شامل على النفط الإيراني وصادراته، لم يدفع طهران إلى التراجع، وظلت متمسكة بموقفها.
واللافت في هذا الصدد أن تصريحات المرشد الإيراني والرئيس خلت من أي تهديد بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، وهو تهديد تعوّد روحاني بالذات على إطلاقه مرات عدة خلال الأشهر الماضية، سعياً منه لردع نظيره الأميركي دونالد ترامب عن اللجوء إلى خيار حظر الصادرات النفطية الإيرانية بشكل شامل، لكنه لم يفلح في ذلك. كما أن وزير الخارجية الإيراني قال، أمس، إن الإبقاء على مضيق هرمز مفتوحاً من مصلحة الأمن القومي الإيراني.
ويبنى على الحديث الإيراني بخصوص مضيق هرمز احتمالان، الأول أن إيران أصبحت مطمئنة إلى أنها ستصدّر نفطها بالطرق "الالتفافية"، وبالتالي لا ترى ضرورة للعودة إلى مثل هذه التهديدات، أو أنها قد تراجعت عن ذلك ولو مؤقتاً في ظل عدم إمكانية تحقيق هذا التهديد، بالنظر إلى تداعياته الخطيرة، في كونه يمثل قرار حرب.
أما حديث روحاني عن التفاوض المشروط، بقوله "إننا دوما كنا رجال التفاوض والدبلوماسية كما نحن رجال الحرب والدفاع، لكن لا يمكن التفاوض إلا إذا رفعت الضغوط كافة، ويتم تقديم الاعتذار عن الإجراءات غير الشرعية وأن يكون هناك احترام متبادل"، فإنه قد يؤشر إلى أن "الشيخ الدبلوماسي"، كما لقب بعد التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015 وقبل أن يجهضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أيار/ مايو الماضي، لم يفقد أمله بالكامل بالخيار الدبلوماسي كحل للصراع الأميركي الإيراني. إلا أن ذلك لا يعني أن هذا الخيار لا يزال في المتناول في الظروف الراهنة، لسببين، الأول أن ترامب بقراراته الأخيرة وبالذات تصنيف الحرس الثوري الإيراني "جماعة إرهابية"، قد أدخل الصراع مع إيران في مرحلة تضيّق جداً مساحة فرص الدبلوماسية والتفاوض، إن لم تصفرها، كما أنه من الصعب إن لم يكن مستحيلاً أن يتراجع عن هذه القرارات بدون مقابل. أما السبب الثاني فيعود إلى أن إيران أيضاً لا يمكنها أن تخوض مجدداً هذا المسار تحت هذه الضغوط وعلى ضوء التجربة السابقة الفاشلة المتمثلة بما آل إليه الاتفاق النووي، ليقول روحاني إن "التفاوض تحت هذه الضغوط يعني القبول بالمذلة والاستسلام".
وفي السياق، ربط روحاني بين دخول بلاده في أي تفاوض من جديد بالتراجع الأميركي عن الضغوط والاعتذار عن "التصرفات غير الشرعية". كما جاءت تصريحات ظريف في السياق نفسه، إذ شدد على أن العقوبات الأميركية لن تغير السياسة الإيرانية. وفيما أكد وزير الخارجية أن الولايات المتحدة تتبع سياسة "خطيرة جدا" تجاه إيران، لفت إلى أن أميركا لا تحتاج لطاولة تفاوض جديدة والاتفاق النووي أفضل اتفاق يمكن تحقيقه.
ويستبعد أن تقبل الإدارة الأميركية بالشروط الإيرانية، لا سيما أنها تنتظر أن تحصد نتائج "ضغوطها القصوى" على طهران. حتى وإن فكّر روحاني في أن يجرب مرة أخرى خيار التفاوض مع واشنطن تحت هذه الظروف، فهو لا يملك القرار في ترجمة ذلك، إذ إن خامنئي أعلن حظر أي تفاوض مع الولايات المتحدة في أغسطس/ آب من عام 2018، قائلاً "أعلن حظر التفاوض مع أميركا كما حظره الإمام الخميني".