توسّعت خيوط التحقيقات الأمنية في قضية اختطاف نجل العقيد الليبي الراحل معمّر القذافي، هنيبعل، ووصلت إلى حدّ توقيف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي النائب السابق حسن يعقوب، نجل الشيخ محمد يعقوب، الذي اختفى مع الإمام موسى الصدر المُتّهم النظام الليبي السابق بخطفه عام 1978. وثَبُتَ للأجهزة الأمنية اللبنانية أنّه تم استدراج القذافي من سورية (حيث يعيش لحصوله على لجوء سياسي فيها بعد سقوط نظام والده) إلى لبنان، بتنسيق وتعاون بين شبكة تهريب و"مجموعة مسلّحة". أوقف فرع المعلومات سيّدة سورية شاركت في العملية، بحسب ما تؤكد مصادر أمنية لـ"العربي الجديد". وتضيف هذه المصادر أنه "بنتيجة التحقيقات تبيّن أنّ هذه السيدة متورّطة بالخطف، من دون معرفتها بالهدف من استدراج القذافي إلى لبنان ونيّة خطفه، إلا أنّها كشفت خيط تورّط يعقوب من خلال سلسلة اتصالات جمعتهما قبل وخلال انتقال القذافي من سورية إلى البقاع (شرقي لبنان)".
ويستمرّ التحقيق مع يعقوب "الذي يصرّ على نكران علاقته بالموضوع على الرغم من وجود أدلة واضحة على ذلك"، بحسب المصدر نفسه، في حين لجأ مقرّبون منه إلى قطع الطرقات في عدد من مناطق البقاع وفي بيروت للمطالبة بالإفراج عنه. كما سارعت عائلة يعقوب إلى اتهام الأجهزة الأمنية بتسييس القضية وبالتعاطي على هذا الأساس في توقيف حسن. مع تأكيد المصادر الأمنية على أنّ الدافع وراء لجوء يعقوب إلى هذا الأمر واضح ومعروف وهو محاولة الكشف عن تفاصيل ومعلومات متعلّقة بخطف الصدر ومرافقيه، مع العلم أنّ قضية مماثلة تعني تورّط النائب السابق بجملة من الأمور منها الخطف وتشكيل مجموعة مسلّحة.
اقرأ أيضاً: الجولات الخارجية لبطريرك موارنة لبنان... احتلال وأنظمة دموية
ويلفت وزير العدل، أشرف ريفي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "ملف خطف القذافي سيُتابع إلى نهايته وكشف كل الملابسات وتوقيف كل المتورّطين"، واضعاً هذه القضية في إطار التأكيد على استقلالية القضاء وصلاحياته. وسبق للنظام السوري أن حاول استعادة القذافي في طلب قدّمه إلى الدولة اللبنانية، بحكم اللجوء السياسي الممنوح من السلطات السورية له. إلا أنّ ريفي قطع الطريق على هذه المحاولة، قائلاً إنّ "النظام السوري يحاول استرداد كرامته من خلال استرداد القذافي، وهو ما لن يحصل لأني لست بوارد التفاعل والتعامل مع النظام السوري". وردّ ريفي الطلب السوري الذي يعتبره "يمسّ بسيادة لبنان والاعتداء على القضاء"، كما كانت الحال أيام الوصاية السياسية السورية على لبنان واحتلالها العسكري لأراضيه (1990 ــ 2005). مع العلم أنّ من شأن تسليم لبنان القذافي لسورية أن يعيد التواصل السياسي والأمني الرسمي بين الطرفين، كما أنّ أهمية الموضوع تكمن أيضاً في كون فرع المعلومات (وهو جهاز محسوب على تيار المستقبل وقوى 14 آذار) هو من يدير هذا الملف. وبالتالي استعادة القذافي من "المعلومات" تعني بشكل أو بآخر، اعتراف هذه القوى بنظام الأسد والتنسيق معه ومنحه الشرعية.
إذا كان الجانب اللبناني يتابع تحقيقاته لكشف كافة ملابسات الحادث، إلا أنّ مجموعة من الأسئلة يجب أن توجّه إلى النظام السوري، وأولها سبب منح نجل القذافي اللجوء السياسي، وثانيها كيفية تمكّن عصابة مسلّحة من تجاوز الأمن السوري واستدراج القذافي بهذا الشكل. وبينما كانت إحدى فرضيات الخطف التي وضعها المحققون تشير إلى إمكانية أن يكون النظام قد غضّ النظر عن استدراج هنيبعل، عادت فرضية أخرى وأشارت إلى أنّ الخاطفين تمكنوا من تنفيذ عمليّتهم بدون علم الأمن السوري. وهو ما فسّره متابعو السياسة في لبنان على أنه "دليل واضح على مدى الاهتراء الذي بات يعيشه النظام تحديداً على الصعيد الأمني الذي كان يمسك به بقبضة حديدية".
اقرأ أيضاً: لبنان... خطف شرعي