قدّم نائبان مستقلان في مجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، عمر الطبطبائي وعبد الوهاب البابطين، استجواباً لوزير النفط المعيّن حديثاً بخيت الرشيدي من 10 محاور، مما قد يعجل بقرب الحل المتوقع للبرلمان وتكليف حكومة جديدة.
وتتعلق هذه المحاور بالتعدي على المال العام والتلوث البيئي الذي تسببت به شركة النفط، والإخفاق في مشروع الوقود البيئي والدخول في مشاريع استثمارية نفطية خاسرة وصرف مبالغ مالية ضخمة لمديري القطاع النفطي وتضليل القيادة السياسية والشعب الكويتي بما يخص بقية المشاريع.
وقال النائب عمر الطبطبائي، أحد مقدمي الاستجواب في مؤتمر صحافي داخل مجلس الأمة، عقب تسليمه صحيفة الاستجواب للأمانة العامة للمجلس: القطاع النفطي والشركات النفطية هي ملك الشعب لأنها مصدر الدخل الوحيد للشعب ولا يحق للقيادات النفطية أن تتلاعب بنا، ونحن واضحون مع الوزير، وقلنا له أن هناك عصابة تدير هذا القطاع، وطالبناه بالتدخل، لكن يبدو أن الوزير لا يقدر عليهم.
وأضاف: المحاور تتعلق بهدر الأموال العامة بأوراق رسمية، وكوارث بيئية، والتلاعب والتحايل على القوانين، وكل جملة موجودة بصحيفة الاستجواب مثبتة بأوراق رسمية، ولن نقبل إلا بمحاسبة القيادة النفطية، وحتى إن استقال الوزير سنلاحق هذه القيادات.
فيما قال مقدم الاستجواب الآخر النائب عبد الوهاب البابطين: إن هناك فضائح تحدث في القطاع النفطي، وخسائر بمليارات الدولارات قد حدثت في هذا القطاع، وإن الهدف الحقيقي للاستجواب هو الضغط على الفاسدين وملاحقتهم ومحاسبتهم على تضييع هذه الأموال.
وأضاف: ليست هناك مناسبة للاستجواب ولا وقت وهو غير مرتبط بأجندة أو اعتبارات سياسية كما يدعي البعض، وأطالب النواب بسماع المرافعات وتحديد موقفهم بعد سماعها وعدم استباق الأحداث.
وأعلن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم أنه تسلّم صحيفة الاستجواب وحدد جلسة الأول من مايو/ أيار القادم لبحثها، وأن أي تأجيل للاستجواب يجب أن يأتي عبر موافقة من مجلس الأمة، فيما لم يتبين بعد موقف الحكومة من الاستجواب الذي صدمت به وكان مفاجئاً لها ولنواب البرلمان أيضاً.
ويتخوف نواب البرلمان من تحوّل الاستجواب إلى استجواب مناطقي جديد، بعد الشقاق الذي حصل داخل مجلس الأمة عقب استجواب الوزيرة هند الصبيح، خصوصاً أن الوزير بخيت الرشيدي ينتمي إلى فئة "القبائل"، وهو ما قد يضعف موقف المستجوبين ويزيد الصراع المتفشي داخل كتلة المعارضة أصلاً، بسبب عدم توافق الرؤى والاتجاهات حول حل العديد من القضايا، وأبرزها قضية دخول مجلس الأمة المنظورة أمام القضاء.
واتهمت أطراف مؤيدة للوزير النواب المستجوبين بالضغط عليه للحصول على مكاسب تجارية، بسبب عدم موافقة القيادات النفطية على تمرير مجموعة مناقصات تخص رجال أعمال محسوبين على الكتل الوطنية الليبرالية التي تدعم الاستجواب، لكن النائبين نفيا هذه الاتهامات، كما أن الاستجواب قد يعطل مشاريع قوانين توافقت عليها الحكومة والبرلمان وأبرزها قانون "التقاعد المبكر".
وقال النائب سعدون حماد العتيبي لـ"العربي الجديد": لا أعلم إن كان الاستجواب سيؤثر في الحكومة ويدفعها للاستقالة وإبدال الوزير، لكن الوزيرة هند الصبيح كانت في موقف أشد صعوبة منه وتمكنت من تجاوزه في الاستجواب السابق.
لكن خيارات الحكومة تبدو وافرة في هذا الاستجواب، أبرزها المواجهة كما حدث مع آخر استجوابين قدما للوزيرة هند الصبيح والوزير عادل الخرافي، مستغلة بذلك ضعف التنسيق بين أعضاء البرلمان وتنامي الشقاق بينهم.
من جهة أخرى، هدد النائب صالح عاشور بتقديم استجواب جديد لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند الصبيح، على خلفية قيامها بحل جمعيات اجتماعية وثقافية بتهمة وجود تجاوزات مالية، وعدم الوفاء بوعدها بحل المشاكل العالقة في هيئة الإعاقة التابعة لوزارتها.
في حال تقدم عاشور باستجواب جديد، فإن ذلك قد يفتح شهية بقية النواب لاستجوابات أخرى، مما يعني أن حل البرلمان الذي بات عاجزاً عن تمرير القوانين بات قريباً، وتسري في الأوساط السياسية الكويتية المقربة من دوائر صناعة القرار أنباء عن قرب حل البرلمان والحكومة والدعوة إلى انتخابات جديدة، حيث بدأ المرشحون السياسيون المحتملون بحشد أصواتهم والإعداد للانتخابات، فيما أوعز النواب الحاليون لمفاتيحهم الانتخابية زيادة النشاط السياسي والاجتماعي داخل الدائرة الانتخابية.
ويبدو أن وزير الدفاع الحالي ونجل أمير البلاد الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح هو الأوفر حظاً لتولي منصب رئاسة الوزراء، وتبني سياسة جديدة تقوم على إصدار عفو عام عن المعارضة، وفتح صفحة سياسية جديدة.
لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور حامد عبدالله قال "لـ"العربي الجديد": إن كل المعطيات تشير إلى وجود حل قريب للبرلمان، وإن الاستجوابات المتتابعة وأبرزها استجواب وزير النفط الذي قدم اليوم هي دليل على أن النواب قرروا الإسراع في الضغط على الحكومة للحل، رغبة في تغيير المشهد السياسي العالق بأسرع وقت ممكن، خصوصاً أنه لا أحد رابح من جمود الوضع الحالي، حتى الحكومة نفسها.