كما ظهرت شبكة اتصالات جديدة في كوريا، منافسة لشركة كوريولينك، وعجز ساويرس عن تحقيق طموحاته السابقة في دمجها مع شركته، وفقاً لما قالته "أوراسكوم" في آخر إفصاحاتها المالية الإثنين الماضي.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الأسبوع الماضي، أنباءً عن أن كوريا الشمالية قررت الاستحواذ على شركة "أوراسكوم للاتصالات".
وقالت الصحيفة إن السلطات الكورية رفضت قيام الشركة بتحويل مكاسبها عن طريق سعر الصرف الرسمي للدولار، وأصرت على أن يكون ذلك بأسعار السوق السوداء، لتتقلص مكاسب الشركة من نحو 450 مليون دولار إلى 8 ملايين فقط، في ظل مفاوضات تجريها السلطات مع مقدمي تقنية منافسة تسمى "بيول"، لدمجها مع "كوريولينك"، وهو ما يعني مزيدًا من الخسائر للشركة المصرية.
وحسب الصحيفة الأميركية، فإن الشركة المصرية، المملوكة لنجيب ساويرس ووالده أنسي ساويرس، كانت سببًا رئيسيًا في الانطلاقة المذهلة التي شهدتها كوريا الشمالية في استخدام الهواتف الخلوية من خلال تقنية "كوريولينك".
ويتولى نجيب ساويرس حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لـ"أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا"، التي تعد الشركة الأم لكوريولينك، إذ تمتلك فيها حصة 75%، وبدأت كوريولينك العمل في عام 2008.
وكررت "أوراسكوم للاتصالات والإعلام"، في آخر إفصاحين ماليين لها، عن النصف الأول من 2015 والتسعة أشهر الأولى من هذا العام، الحديث عن قلقها من تأثير عقوبات يفرضها المجتمع الدولي على كوريا وعلى نشاطها الاستثماري في هذا السوق.
اقرأ أيضا: ساويرس: بطء إصلاحات الحكومة أوقفني عن الاستثمار في مصر
وقالت الشركة، في بيانها عن نتائج أعمال التسعة أشهر الأولى من 2015، الأسبوع الماضي، إن "كوريولينك" تواجه "تزايد حدة القيود والصعوبات المالية والتشغيلية... نتيجة الحظر الدولي الذي تم فرضه بواسطة المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، ودول الاتحاد الاوروبي والأمم المتحدة".
وأوضحت أن هذا الحظر قد ينتج عنه تقييد تعاملات خارجية تتعلق بسلع وخدمات لازمة لتشغيل وصيانة شبكات الاتصالات.
وحسب تقرير موسّع لأصوات مصرية، خدمة وكالة رويترز للشأن المصري، فإنه في عام 2011 لفت رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس أنظار العالم بأنباء لقائه الودي مع ديكتاتور كوريا الشمالية الشهير، كيم جونغ، الذي ضخ ساويرس في بلاده استثمارات ضخمة في صناعة خدمات المحمول في 2008، مدفوعاً بإغراء عدم وجود شركات منافسة له في هذا السوق.
وتزامن هذا اللقاء مع دعم ساويرس لحزب "مصر الديمقراطي"، والدفع به للمشاركة في الحياة السياسية الجديدة، عقب سقوط الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وقال مروان حسين، مسؤول علاقات المستثمرين بشركة "أوراسكوم"، لأصوات مصرية، إن العقوبات المفروضة على كوريا "جعلت كوريولينك عاجزة عن تحويل أرباحها لأوراسكوم".
وأضاف "الشركة تواجه أيضاً مشكلة عدم قدرتها على تحويل أرباحها إلى عملات أخرى (متداولة دوليا)".
اقرأ أيضا: حكومة مصر تفرض غرامات مالية على "ساويرس"
وتقول أوراسكوم في التوضيحات الخاصة بقوائمها المالية عن النصف الأول من 2015، إن الحكومة الكورية تفرض قيوداً على تبديل عملاتها المحلية بعملات أجنبية.
وفي ظل عدم القدرة على تداول العملة الكورية عالمياً، مثل الدولار واليورو، فإن أرباح "أوراسكوم" من "كوريولينك" تواجه ما وصفته في بيانها بـ"قيود حادة طويلة الأجل على تحويلات الأرباح من الشركة التابعة".
وواجهت "أوراسكوم" معضلة لكي تقدم لمساهميها تقديراً لحجم أرباحها من نشاطها الكوري في مجال المحمول، لأن حكومة كيم جونغ تتحكم بشكل قوي في سعر عملتها (وون)، ما أدى لوجود فارق كبير بين السعرين الرسمي وغير الرسمي.
وتقول "أوراسكوم" في بيانها عن نتائج النصف الأول، إنه "تمت ترجمة القوائم المالية الدورية للشركة التابعة (كوريولينك) باستخدام سعر الصرف الرسمي المعلن بالبنوك العاملة بكوريا الشمالية في 30 يونيو/ حزيران 2015. والذي يتم تحديده من قبل البنك المركزي بكوريا الشمالية، علماً بأنه لا يوجد سوق صرف حر بكوريا الشمالية".
ويقول مارتن ويليامز، الصحافي المتخصص في تغطية قضايا التكنولوجيا، في تحليل نشره بموقع "بي سي ورلد" هذا الشهر، إن السعر الرسمي للـ"وون" مبالغ في مخالفته للواقع، حيث يساوي الدولار 100 وون، بينما ترتفع قيمة الدولار عن هذا المستوى في السوق السوداء.
وأضاف أن "الحكومة الكورية لا تستطيع أن تتحمل سداد الأموال بالسعر الرسمي، ولا يمكن ان تظهر بأنها تأخذ في الاعتبار بشكل رسمي معدلات السوق السوداء".
اقرأ أيضا: الانتخابات المصرية 2: تصفية حسابات بين رجال الأعمال والسلطة
وبجانب الثمن الباهظ للعقوبات المفروضة على الحكومة الكورية، فقد بادرت حكومة كيم جونغ بخلق مشكلة جديدة لـ"أوراسكوم" من خلال إنشاء شركة منافسة لها في السوق، تفرّد فيه ساويرس منذ 2008 بتقديم خدمات "3G" الخلوية.
وحمل بيان "أوراسكوم" لهجة تفاؤل حذرة تجاه نتائج النصف الأول، الصادرة في أغسطس/ آب الماضي، إذ أشار إلى مضي الشركة في مفاوضات مع الجانب الكوري، وطرحها حزمة من الحلول لمشكلاتها، منها إمكانية دمج شبكتي المحمول.
وقالت "أوراسكوم" إن "الجانب الكوري أبدى موافقة من حيث المبدأ على الحلول المقترحة".
ولكن في بيانها الأخير الصادر هذا الشهر، قالت إنه حدث "تغيّر في نتائج تلك المفاوضات خلال الفترة الجارية، بما يشير إلى عدم موافقة الجانب الكوري على منح إدارة المجموعة حق السيطرة في حالة الاندماج".
واعتبرت "أوراسكوم" أنها "فقدت القدرة على السيطرة على أنشطة كوريولينك وفقا لمتطلبات معيار المحاسبة المصرية رقم 17".
ويوضح حسين، لأصوات مصرية، أن تعبير فقدان السيطرة على نشاط الشبكة الكورية مقصود به تداعيات عجز الشركة عن تحويل أرباحها، وهو ما استوجب تعديل مسمى "كوريولينك" في قوائم "أوراسكوم" من "استثمار في شركة تابعة إلى استثمار في شركة شقيقة".
وبحسب بيان "أوراسكوم"، فإن المعالجة المحاسبية الجديدة "لكوريولينك"، كبّدت الأولى خسائر بقيمة 3.1 مليارات جنيه مصري، أدرجت ضمن خسائر العمليات غير المستمرة، دون أن توضح الشركة في بيانها تفاصيل أكثر عن المعاملة المحاسبية الجديدة للشركة الكورية، وأفق مفاوضاتها مع حكومة كيم جونغ للخروج من المأزق الحالي.
وقد انخفض سهم "أوراسكوم للاتصالات والإعلام" بالبورصة المصرية، اليوم الأحد، بنسبة 2.9%، وذلك بعد أيام من إعلان الشركة عن تحوّل نتائج أعمالها في التسعة أشهر الأولى من 2015 إلى خسائر بقيمة 3 مليارات جنيه، مقابل أرباح صافية بـ603.3 ملايين جنيه في الفترة نفسها من العام السابق.
اقرأ أيضا: من وعد بلفور إلى وعد ساويرس