ارتفعت أسعار التأمين على ناقلات النفط، التي تمر عبر مضيق هرمز، عشرة أضعاف خلال الشهرين الماضيين، بعد تعرض ناقلات في مياه الخليج لهجمات.
وقال أنتوني جورني، الرئيس التنفيذي لشركة "أردمور" للملاحة، لقناة "سي أن بي سي" الأميركية، "إننا كشركة شحن وجزء من صناعة الشحن العالمية، نتعامل مع التهديدات على محمل الجد، والآن ازداد التأمين عبر مضيق هرمز بنحو عشرة أضعاف بسبب الهجمات".
من جهته قال رئيس الرابطة الدولية لأصحاب ناقلات النفط، باولو داميكو، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية: "لدينا أشخاص من كل جنسية وسفن من كل دول العالم تعبر هذا الممر البحري المهم، وإذا أصبحت المياه غير آمنة، فقد تكون الإمدادات إلى العالم بأسره في خطر".
ومن المتوقع أن يساهم ارتفاع نفقات التأمين في صعود أسعار النفط، في ظل زيادة التوتر في مياه الخليج بعد هجومين على ناقلات النفط، وقيام إيران بإسقاط طائرة أميركية مسيّرة قالت إنها انتهكت مياهها الإقليمية قبالة مضيق هرمز.
ويعدّ مضيق هرمز مهماً لقطاع النفط، إذ يمر عبره نحو 30% من جميع النفط الخام في العالم الذي يتم نقله عبر البحار.
ورغم أن إيران وأميركا لا ترغبان حتى الآن في تحول التصعيد الجاري بينهما إلى حرب، إلا أنه ومنذ عمليات التخريب التي حدثت على سفن نفط في ميناء الفجيرة الإماراتي، وما تلى ذلك من هجوم على ناقلتي نفط ببحر عمان وإسقاط طائرة الاستطلاع المسيرة الأميركية، تتزايد مخاطر حدوث خطأ ما قد يطلق شرارة الحرب.
وهددت طهران برفع مستوى تخصيب اليورانيوم من 4.5% إلى 20%، وفي أعقاب حجز البحرية البريطانية لسفينة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق، هددت إيران أيضاً بالرد، ما أدى إلى تهديد طهران للسفن التجارية التي ترفع العلم البريطاني، وهو ما رفع منسوب التوتر في منطقة الخليج.
وترفع حادثة حجز سفينة النفط البريطانية يوم الأربعاء من مخاطر اندلاع حرب، على الرغم من النفي الإيراني. ويعتبر الارتفاع الجنوني في أسعار التأمين على السفن والشحنات بعشرة أضعاف، مؤشراً جديداً على المخاطر القصوى التي تهدد ناقلات النفط العالمية التي تمر عبر الخليج.
ويرسم الخبراء عدة سيناريوهات بشأن تداعيات التوتر في الخليج والتهديد بإغلاق مضيق هرمز، وتأثير ذلك على كمية الخامات والمشتقات النفطية المكررة التي تمر من خلاله، وكذلك على مدة الإغلاق وكيفية فتح المضيق مرة أخرى لعبور السفن.
السيناريو الأول: وهو سيناريو متفائل يتصور أن إيران ربما تغلق مضيق هرمز لأيام قليلة، في سبيل الضغط على إدارة الرئيس ترامب، واختبار ردة الفعل العالمية تجاه الإغلاق. وهو غير مستبعد، لأن طهران شرعت عملياً في زيادة معدل تخصيب اليورانيوم.
في مثل هذا السيناريو، يرى محللون نفطيون أن التداعيات على أسواق الطاقة العالمية ستكون ضئيلة من الناحية الفعلية، لأن هنالك تخمة إمدادات حالياً في السوق النفطية، لكن على الصعيد السيكولوجي ستكون كبيرة، لأنها ببساطة ستزيد من عدم اليقين في أسواق الطاقة العالمية بشأن استمرارية تدفق إمدادات النفط العربية إلى الأسواق، وخاصة أسواق آسيا التي تستهلك معظم النفط العربي، بعد ثورة النفط الصخري التي حولت أميركا من دولة مستوردة للنفط إلى دولة مصدّرة.
أما السيناريو الثاني: فهو استمرار إغلاق مضيق هرمز لمدة طويلة تراوح بين 45 يوماً وشهرين، وهو سيناريو متشائم. في هذا السيناريو، فإن خسارة أسواق النفط العالمية ستكون كبيرة وكذلك تأثيرها السيكولوجي، المتمثل في إثارة الذعر بين المستهلكين، وخاصة في السوق الآسيوية، التي تعتمد بدرجة رئيسية على الخامات النفطية العربية.
أما السيناريو الثالث: وهو السيناريو الأخطر على العالم، وربما سيقود إلى كارثة اقتصادية وأزمة مال عالمية في حال حدوثه، فهو مبني على احتمال أن يصاحب إغلاقَ مضيق هرمز تدميرٌ للمنشآت النفطية في السعودية والإمارات. وهو سيناريو غير مستبعد وسط الصواريخ والطائرات المسيّرة، التي تطلقها مليشيا الحوثي على المطارات والمنشآت النفطية في السعودية وأبوظبي.
في هذه الحال، يقول الخبير النفطي الكندي فينسينت لورمان، ربما سيصعب تقدير سعر النفط، لأنه سيرتفع إلى معدلات خرافية ويقود تلقائياً إلى تدمير الاقتصاد العالمي الذي يعتمد بدرجة كبيرة على المشتقات البترولية في المواصلات والصناعة، ولا تتوفر بدائل طاقة تذكر حتى الآن تعوض النفط.
وهذه كلها مجاهيل على الرغم من طمأنات البحرية الأميركية، بأنها ستتمكن بسهولة من فتح المضيق. وتبدو مخاوف شركات التأمين وأسواق الطاقة، أكبر في حال إغلاق مضيق هرمز مصحوباً بحدوث تخريب لمنشآت نفطية سعودية.
يذكر أن العالم يستهلك يومياً نحو 100 مليون برميل من النفط، ولا تزال المنطقة العربية من أهم مناطق الإمداد بالخامات للأسواق العالمية. ومثال على ذلك، فإن الخبير الكندي لورمان يعتقد أن استهداف منشآت نفطية في الخليج من قبل إيران، سيقود إلى خسارة السوق النفطية نحو 7 ملايين برميل يومياً.
ولا يستبعد خبراء غربيون، في تحليل نشرته "العربي الجديد" هذا الأسبوع، أن ترتفع أسعار النفط فوق مائة دولار في أي لحظة.