ارتفاع أسعار الوقود في مصر.. اشتعال "وقود الغضب"

01 يوليو 2017
(مستودع في القاهرة، تصوير: خالد دسوقي)
+ الخط -


استيقظ المصريون صباح الخميس الماضي على خبر زيادة أسعار البنزين والديزل والغاز، للمرّة الثانية خلال أقل من عام، والثالثة خلال عهد عبد الفتاح السيسي.

رغم أن قرار زيادة أسعار المحروقات كان متوقعًا، في ظلّ تبني النظام المصري برنامج صندوق النقد الدولي التقشّفي، إلا أنه شكل صدمة لعامة المصريين، خاصّة المؤيدين للرئيس السيسي وحكومته، إذ جاء القرار بعد ساعات من تصريحات لوزير البترول نفى فيها تحديد أي موعد لزيادة أسعار الوقود.


الإجازات فرصة مثالية للقرارات المؤلمة
بدلًا من الاستمتاع بالعطل والإجازات الرسمية، أصبح المصريون ينتظرونها بترقّب وتخوّف كبيرين، فقد دأب النظام مؤخرًا على اتخاذ القرارات التي من المتوقّع أن تلقى معارضة شعبية خلال الإجازات والعطل لفرض سلطة الأمر الواقع على الناس وحتى لا يعطي لهم فرصة للتجمع من أجل الاحتجاج والتعبير عن الغضب.

قبل أيام قليلة مضت، استغل النظام إجازة عيد الفطر وانشغال المصريين بتحضيرات العيد، وصادق الرئيس السيسي على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وهي اتفاقية تلقى معارضة شعبية كبيرة بسبب أنها تنصّ على تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين للمملكة.

كذلك استغل النظام إجازة 30 يونيو/ حزيران التي تليها عطلة نهاية الأسبوع، من أجل تمرير قرار زيادة أسعار المنتجات البترولية والغاز الطبيعي، حتى لا يجد المواطنون فرصة للتجمّع والاحتجاج، ويُصبح القرار مع بداية أسبوع العمل الجديد أمرًا واقعًا.


إعدام الطبقات الفقيرة والمتوسطة
رفعت الحكومة سعر لتر بنزين 80، والسولار الأكثر استخدامًا من 2.35 إلى 3.65 جنيهات بنسبة زيادة قدرها 55%، وبنزين 92، من 3.5 إلى 5 جنيهات بنسبة زيادة 42%، وبنزين 95 الذي تستخدمه سيارات الطبقات الأغنى من 6.25 إلى 6.60 جنيهات بنسبة زيادة 5.6%، وسعر غاز السيارات من 1.60 جنيه إلى جنيهين للمتر المكعب بنسبة زيادة 25%، وأسطوانة البوتاغاز التي تستخدمها الطبقات الأكثر فقرًا من 15 جنيهًا إلى 30 جنيهًا بنسبة زيادة 100%.

من الواضح أن الطبقتين الفقيرة والمتوسطة هما الأكثر تضرّرًا من هذه الزيادة، إذ ارتفعت أسعار المنتجات البترولية التي يستخدمها أغلب المنتمين إلى هاتين الطبقتين بنسب ترواح بين 42 و55%، وارتفعت أسعار أسطوانات البوتاغاز المستخدمة في القرى والأحياء الأكثر فقرًا بنسبة 100%، وهو ما سينعكس بالضرورة على أسعار السلع والخدمات خلال فترة الأيّام القليلة المقبلة.

رفع أسعار المحروقات هو حلقة في سلسلة جديدة من القرارات التي تنوي الحكومة اتخاذها في العام المالي الجديد، والتي تشمل رفع أسعار الكهرباء والمياه وزيادة ضريبة القيمة المضافة وضرائب ورسوم العديد من السلع والخدمات، وهي قرارات ترى الحكومة أنها "تصب في مصلحة محدودي الدخل"، في حين يراها محدودو ومتوسطو الدخل - حتى من مؤيّدي النظام - أنها قرارات لن تؤدي سوى إلى إفقارهم أكثر وأكثر.


دائرة الغضب تتّسع
اللافت للنظر أن الغضب من ارتفاع أسعار المحروقات لم يقتصر على المعارضين لنظام السيسي، والذين لا يمتلكون موقفًا دائمًا مناهضًا له، بل اتسع ليشمل عددًا من أبرز مؤيّديه، مثل الفنانة نشوى مصطفى التي كتبت على فيسبوك "الجوع كافر وإذا أنا قدرت وربطت على بطني حجر غيري مش حيقدر"، كذلك انتقد الصحافي إبراهيم الجارحي، والذي اعترف قبل ذلك بتأسيس كتائب إلكترونية لدعم النظام، أسلوب اتخاذ القرار.

ورغم أن هؤلاء الأشخاص يحاولون تحميل الحكومة مسؤولية القرار والاستنجاد بالسيسي لحل الأزمة، إلا أنه من المعروف أن كل القرارات الحكومية لا تصدر إلا بعد موافقة الرئيس، وبالتالي فانتقاد الحكومة هو انتقاد غير مباشر للسيسي.

المساهمون