ارتباكات الجمهور السينمائي اللبناني

09 فبراير 2018
الاستهلاكيّ في تحقيق أفلامٍ سينمائية لبنانية طاغٍ (ستيف بونيني/Getty)
+ الخط -
يصعب فهم الحالة الجماهيرية الخاصّة بحركة العروض اللبنانية للأفلام. مشاهدون كثيرون ينفضّون عن التجديدي والأصيل في صناعة صورة سينمائية مختلفة، إنْ تكن لبنانية أو عربية تحديداً، لانجذابهم إلى ما يظنّون أنه ممتع ومُسلٍّ. قلّة تسعى إلى الجماليات البصرية، الحاضرة في أفلامٍ تخرج على مألوف السرد والتصوير والتمثيل، كي تروي حكايات، أو تسرد انفعالات، أو توثِّق وقائع. 

الاستهلاكيّ في تحقيق أفلامٍ سينمائية لبنانية طاغٍ في الصالات. له مساحة زمنية أكبر لعروضٍ تبدو كأنها غير منتهية. يصبر موزّعون عليه، لاعتقادٍ لديهم بإمكانية نجاحه التجاريّ، والاعتقاد مُصيبٌ، أحياناً كثيرة. لكن هؤلاء أنفسهم يتيحون فرصًا، ولو قليلة، للتجديديّ كي يتواصل مع مشاهدين، لن يتمكّن عددهم الضئيل من حماية الصنيع التجديديّ ودعمه، واستمرارية عرضه فترات أطول.

الحالة الجماهيرية تلك غير ثابتة في هذا الإطار. أفلامٌ استهلاكية لبنانية كثيرة، معروضة في الصالات المحلية في الأعوام القليلة الفائتة، تكشف تراجعًا في أعداد مُشاهدين، يخرج بعضهم ـ أحياناً عديدة ـ من الصالات، أثناء العرض. علماً أن مستثمرين (يطرحون أنفسهم كمنتجين) لن يتردّدوا في شراء "بطاقات دخول" خاصّة بأفلامهم، كي يُروّجوا لنجاحٍ جماهيري، مشكوك فيه أساسًا.

لكن المشاهدين المنفضّين، بطريقة أو بأخرى، عن أفلام استهلاكية، لن يكترثوا بالتجديديّ، ولن يأبهوا بالصداميّ والسجاليّ، ولن يُدركوا أن من يُواجه الذاكرتين الفردية والجماعية، والأسئلة المعلّقة في السلم الأهليّ الناقص والهشّ، وأحوال الحرب الأهلية مثلاً، تتعرّض أفلامه للمنع أو لمقصّ الرقيب، لأسبابٍ واهية. هؤلاء يرفضون مواضيع كهذه، ويقولون بابتعادٍ مطلقٍ عن الماضي، ويريدون تسلية لا أكثر، لن يعثروا عليها دائماً.

الحالة الجماهيرية مرتبكة إزاء حركة سينمائية تزداد حيوية وإنتاجًا متنوّع الأشكال والمضامين. ارتباكها نابعٌ من مزاجية عامة، يبدو ارتباطها بالاضطرابات المحلية، في شؤون العيش اليومي، وثيقًا.
دلالات
المساهمون