اختفاء ظاهرة "خلو" المحال التجارية في الكويت

27 يونيو 2018
تراجع إيجارات المحال التجارية (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -

 

"رب ضارة نافعة"، هذه المقولة تعكس واقع السوق العقاري الكويتي حاليا، فبعد هجرة الكثير من الوافدين منذ مطلع العام الجاري بسبب الإجراءات الحكومية المتعلقة بسياسة "التكويت" وعملية الإحلال الوظيفي التي تقوم بها الدولة في جميع مرافقها الحكومية اختفت ظاهرة "الخلو" للمساكن الاستثمارية والمحال التجارية التي كانت منتشرة بكثرة خلال السنوات الأخيرة.

وكان العديد من أصحاب المحال التجارية الواقعة بمناطق استراتيجية في منطقة وسط الكويت التي تحوي كبرى المؤسسات المالية، يطالبون بمبالغ خيالية لقاء ترك العقار أو المحال، مستندين في ذلك بأن الموقع استراتيجي ومدر لعائد كبير حتى تعدت في بعض الأحيان قيمة الخلو القيمة الإجمالية للعقار أو المحل التجاري. والخلو مبلغ مالي يدفعه المستفيد دون تملك العقار أو حتى خصمه من الإيجار.

ومع تغير الأوضاع تبدل المشهد العقاري الكويتي، حيث أصبحت عبارة "مكاتب ومحلات للإيجار بدون خلو" منتشرة في كثير من المناطق في الكويت، بعد أن كانت قد وصلت إلى أقصى ذروتها حيث وصل خلو مطعم على شارع الخليج العربي إلى 4.3 ملايين دولار، وهوما ينبئ بأن الفجوة بين العرض والطلب تتسع أكثر فأكثر.

وتدل ظاهرة اختفاء الخلو في الكويت للعقارات والشقق الاستثمارية والتجارية والمحلات التجارية والمكاتب على أن هناك فرصة كبيرة للحصول على السكن المناسب في أرقى مناطق الكويت، سواء بغرض السكن الخاص أو بغرض الاستثمار خاصة مع تنامي حجم أعداد السكان في الكويت والانتعاش الاقتصادي الجزئي بسبب المشاريع الضخمة التي تقوم الكويت بتنفيذها في الوقت الراهن.

وهذا ما أكدته أرقام رسمية صادرة عن اتحاد العقاريين بأن نسب الإشغال للمحلات والوحدات التجارية في بعض المناطق، مثل الشويخ الصناعية، وصلت إلى 87%، بينما وصلت نسبة الإشغال في الفحيحيل الصناعية إلى 99%، وفي منطقتي الري وشرق الأحمدي 95%.

ورصدت "العربي الجديد" حالات عدة من الإخلاءات في عقارات تجارية وسكنية ومحلات تجارية، في مجالات الذهب والملابس ولعب الأطفال وغيرها، حيث تبين أن أصحابها كانوا يطالبون بخلوات كبيرة خلال الأعوام الماضية إلا أن الحال بدأ يتغير مع مطلع العام الجاري مع تغير ظروف السوق العقاري ما أدى إلى تغيير قواعد اللعبة وتخفيض قيمة الخلو وتلاشيها في الكثير من الأحيان.

من ناحيته يقول أمين سر اتحاد العقاريين، قيس الغانم، أن ظاهرة الخلو كانت منتشرة بشكل كبير عندما كان المعروض قليلاً، مشيراً إلى أن هناك شخصاً دفع منذ فترة نحو 750 ألف دينار (الدولار = 0.3 دينار) خلواً لموقع استراتيجي أراد أن يطلق منه مشروع وكالته.

ويضيف الغانم خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أنه في ظل تراكم عدد كبير من المحلات والمكاتب الشاغرة، وجد عدد من المستأجرين الذين يعتزمون إغلاق محالهم بسبب الخسائر، أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مر، فإما ترك المكان دون الخلوّ، وإما الاستمرار وتحمل الخسائر المتزايدة.

ويرى الغانم بأنه رغم ارتفاع نسبة المعروض في السوق، تجد الملّاك لا يقبلون بتخفيض الإيجارات، لأن تكاليف البناء المرتفعة لا تسعفهم في هذا السياق.

ويضيف أنه لو أقدم الملاك على هذه الخطوة، لتضاعفت خسارتهم، لأن العقار سيفقد جزءاً كبيراً من قيمته المستقبلية عندما يتم تقييمه على أساس دخله، لاسيما وإن كان مرهوناً.

ويوضح الغانم أن أغلب المجمعات التجارية الكبيرة في البلاد لا تسمح بموضوع "الخلو" مؤكداً أن جميع عقودهم استثمارية مدتها 5 سنوات.

وشهدت خلوات المحلات في المجمعات والأسواق طفرة كبيرة منذ عام 2004، وبلغت ذروتها نهاية 2008، حيث بلغ خلو بعض المحلات على شارع الخليج وفي بعض المجمعات إلى أكثر من 5 ملايين دولار، لكن مع اندلاع الأزمة المالية انخفضت هذه الخلوات بنسبة وصلت إلى 60% من قيمتها.

من ناحيه أخرى، يقول مدير عام شركة الشرق العقارية نزار الخالد إن الشركة كان لديها 7 محلات تجارية كبرى، وعرضت للإيجار خلال العام الماضي وتم تحصيل أكثر من 12 مليون دولار خلوات لهم، بينما اليوم ومع تراجع الأوضاع في السوق العقاري لا يتجاوز قيمة الخلو مليون دولار.

ويضيف الخالد خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن هناك عدداً من الشركات الكبرى تتجه نحو الانتقال إلى مقر جديد بدون خلو للاستفادة من أوضاع السوق العقاري الحالية مع الاستفادة أيضا بانخفاض القيمة الإيجارية التي تلحق هذه المباني الجديدة.

وحسب تقرير عقاري حديث صادر عن مجموعة المدن الأهلية (شركة كويتية كبرى متخصصة في القطاع العقاري) فإن ظاهرة الخلوات ظهرت في الكويت منذ بداية عام 2004 بالتزامن مع دخول عدد كبير من العلامات التجارية العالمية إلى السوق المحلي، حيث لم تكن متواجدة قبل تلك الفترة، إذ بات وكلاء تلك العلامات التجارية يبحثون عن أفضل المواقع الاستراتيجية في السوق خاصة المناطق الساحلية، والمجمعات الشهيرة والمناطق التي تستقطب عددا كبيرا من الرواد، ما دعا أصحاب هذه المحال والعقارات إلى طلب مبالغ "الخلو" لتأجيرها، إلا أنه بعد التحركات الحكومية اتجاه معالجة التركيبة السكانية من خلال عملية إحلال كبرى للوظائف الحكومية دعا الكثير إلى هجرة البلاد ما دفع أصحاب العقارات والمحال إلى الاستغناء عن الخلو منذ بداية العام الجاري.

من جانبه، يرى رئيس مجلس إدارة الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار، فيصل الشرهان خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، إن الخلوات تراجعت بنسب متفاوتة وصلت إلى نحو 20% في الدور الأرضي في بعض الأماكن، في حين وصلت انخفاضها إلى نحو 50% في دور الميزانين، مؤكداً أن الخلوات اختفت بشكل نهائي في بعض المناطق.

ويضيف الشرهان إلى أن هذا الهبوط الحاد عائد إلى وضع السوق، ما دفع كثيرا من المستثمرين إلى إنهاء نشاطهم وتسليم محلاتهم ومكاتبهم، مخلفين وراءهم عدداً كبيراً من المواقع.

ويشهد قطاع العقار التجاري في الكويت نموا واضحاً منذ بداية العام بحسب تقرير حديث صادر عن شركة إعمار الأهلية الكويتية، وذلك تزامنا مع تعافي بعض الشركات جراء الأزمة المالية العالمية في 2008، إذ ارتفع إيجار المتر المربع في بعض الأبراج بنسبة تصل إلى 80%، بينما وصلت نسبة الإشغال في بعض الأبراج إلى 100%.

وأظهرت إحصائية حديثة صادرة عن اتحاد العقاريين الكويتي أن العقار التجاري شهد تداولات جيدة منذ مطلع العام الجاري، إذ تم تداول 148 عقارا تجارياً، بقيمة بلغت 482 مليون دينار، تمثل نسبة 1.8% من إجمالي عدد العقارات المتداولة، والبالغ عددها 8112 عقارا.


دلالات
المساهمون