اختبار انتخابي مبكر يحمل رسالة سوداوية لترامب

06 نوفمبر 2019
خسارة تزيد الحصار على ترامب (فرانس برس)
+ الخط -
أمس الثلاثاء جرت انتخابات فرعية في ثلاث ولايات أميركية لاختيار الحاكم في اثنتين منها، وعدد من أعضاء الكونغرس المحلي في الولاية الثالثة. فاز الديمقراطيون في اثنتين منها وبصورة صادمة للجمهوريين وللبيت الأبيض، الذي نزل بثقله لدعم مرشحيهم.


النتائج التي خالفت التوقعات أثارت بلبلة في صفوف فريق الرئيس دونالد ترامب، انعكست في حالة الصمت التي سادت أطرافه، سواء في الإدارة أو الكونغرس. وإذا كان لا يصح اعتماد هذه النتائج كمقياس للانتخابات في خمسين ولاية وقبل سنة من حصولها، إلا أنها تأتي لتؤكد تنامي نزعة الابتعاد عن الجمهوريين الملتصقين بالرئيس، في أوساط المستقلين الذين يتحكمون عادة بميزان الانتخابات. من هذه الزاوية ليس من المستبعد أن تكون هذه الحصيلة علامة مبكرة على وجهة الرياح الانتخابية في 2020، خاصة أن جزءاً من هزيمة أمس كان من العيار الوازن، وأن خسائر البيت الأبيض تتزايد في ضوء اشتداد الحصار مع قضية المحاكمة المرشحة لأن تدفع رئاسته أكثر فأكثر إلى دائرة الخطر.

خسارة الرئيس الكبيرة، وذات الدلالة الخاصة، كانت في فوز الديمقراطي بحاكمية ولاية كنتاكي. كان المتوقع أن يحسمها المرشح الجمهوري ماتّ بيفن وبقوة لصالحه. خاصة أنه يشغل منذ أربع سنوات منصب الحاكم لهذه الولاية المحسوبة منذ زمن في خندق الحزب الجمهوري، والتي تسكنها غالبية ساحقة من البيض المحافظين، وهي ولاية زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل المتربع على مقعده في المجلس منذ 1984، والذي يعتبر عميد المحافظين التقليديين في الكونغرس. لكن ذلك لم يشفع لمرشح الجمهوريين الذي خسر وإن بنسبة ضئيلة.

الأهم أن الرئيس ترامب لم يقو هو الآخر على تعويمه؛ فقد ذهب عشية الاقتراع، الإثنين الماضي، إلى الولاية وخطب في مهرجان انتخابي كبير داعياً إلى تأييد بيفن وكأنه تأييد له. لكن بدون جدوى، مما يجعل هذا الانتخاب وكأنه كان بمثابة استفتاء على الرئيس في ولاية كان قد فاز بها بأكثرية 30% في انتخابات الرئاسة ضد هيلاري كلينتون. بيد أن هذا الرصيد قد تبخر. وسارع الجمهوريون إلى ربط هزيمة بيفن بممارساته وسياساته السيئة كحاكم خلال السنوات الأربع الماضية، والتي أدت إلى تنفير الأكثرية من حوله. لكن مع ذلك، كان من المفترض أن يتمكن الرئيس ترامب، الذي وضع اسمه على المحك، من المساعدة في إنقاذه في ولاية شديدة الولاء للحزب الجمهوري، لو كان لرصيد الرئيس من الثقل الكافي للنهوض بمثل هذه المهمة.

تبدّى هذا العجز أيضاً في ولاية فرجينيا المجاورة لواشنطن، والتي شهدت انتخابات فرعية لسد شواغر في كونغرس الولاية، بمجلسيه النواب والشيوخ. فمنذ سنوات والجمهوري يسيطر على الأغلبية في هذا الكونغرس. كذلك نزل البيت الأبيض في المعركة بشخص نائب الرئيس الذي حضر وخطب في مهرجان انتخابي لهذا الغرض. لكن في النهاية انقلبت الغالبية في المجلسين إلى صالح الحزب الديمقراطي الذي صار يمسك بالحاكمية كما بالسلطة التشريعة في هذه الولاية، التي كانت ولغاية هذا العقد في عداد ولايات الجنوب المحسوم للجمهوري منذ سبعينيات القرن الماضي. وحدها ولاية ميسيسيبي الجنوبية بقيت في انتخابات أمس بيد الجمهوريين، بانتخاب مرشحهم لحاكمية الولاية، لكن ليس من غير تحدّ ملحوظ حققه مرشح الحزب الديمقراطي.

للمرة الثانية في غضون سنة، تأتي العملية الانتخابية بنتائج لا تبشّر بالخير للرئيس ترامب وحملته لتجديد رئاسته. في مثل هذه الأيام من العام الماضي تمخّضت انتخابات الكونغرس عن انقلاب في مجلس النواب، انتقلت فيه الأغلبية إلى الحزب الديمقراطي الذي يقوم الآن بمحاكمته في محاولة لعزله. والآن يتكرر السيناريو، ولو بصورة رمزية، وبما أثار بلبلة لدى فريق الرئيس، انعكست في حالة الصمت التي لاذوا بها بعد صدور النتائج، وإن كان بعضها لم يصدر بصورة رسمية بعد، مع أن الأرقام فصّلت بالأمر رغم الفوارق البسيطة في بعضها مثل انتخابات كنتاكي.

دلالات