ويأتي النفي بعد تداول اليمنيين تسريبات عن قرارات من المتوقع أن يصدرها هادي في الأيام المقبلة، تشمل تغييرات أو تعيينات في مناصب حكومية، كجزء من المعالجات التي تسعى لامتصاص التوتر في عدن.
في غضون ذلك، أكد سكان من عدن، في أحاديث مع "العربي الجديد"، أمس الجمعة، عودة الحياة في أغلب أحياء ومناطق عدن المختلفة بعد تعطلها نسبياً أو كلياً في بعض الأحياء، خلال الأيام الماضية، على إثر الاشتباكات التي توقفت مساء الثلاثاء الماضي، إلا أن الأجواء الحذرة استمرت في المناطق التي شهدت مواجهات مباشرة، وأبرزها منطقة خور مكسر، وقرب القصر الرئاسي في منطقة المعاشيق، حيث لا تزال الحكومة اليمنية، برئاسة أحمد عبيد بن دغر، تتواجد في القصر.
ووفقاً لمصادر محلية وأخرى قريبة من الشرعية، سلمت القوات المدعومة إماراتياً، والموالية لما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، أغلب المواقع العسكرية التي استولت عليها من قوات "الحماية الرئاسية"، أو المواقع ونقاط التفتيش التي استحدثتها وسط المدينة، وذلك لقوات سلفية مما يُعرف بـ"ألوية العمالقة"، التي قدمت من الساحل الغربي للبلاد، إلى المدينة، بإشراف ومتابعة مباشرة من قيادات التحالف العسكرية والأمنية المتواجدة في عدن. وتولت القوة استلام معسكرات عدة أبرزها "اللواء الثالث واللواء الرابع في قوات الحماية الرئاسية، كما انتشرت قوات من "العمالقة" في بعض النقاط بالمدينة، لمنع أي احتكاك مباشر بين الشرعية والانفصاليين.
وكان التحالف، ومنذ بدء تدخل السعودية على وجه خاص، دعم القوات التي قِدمت من الساحل الغربي حيث المواجهات مع جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وأغلبها من السلفيين، الذين يلقون قبولاً لدى مختلف الأطراف، وجرى تقديم قوتهم كـ"محايدة"، لتعمل بتوجيهات من التحالف، على تطبيع الأوضاع في عدن، وتسلم المعسكرات والمواقع التي سيطر عليها الانفصاليون. وهو ما تم بالفعل، إلا ان التفاصيل المتعلقة بالمعسكرات والترسانة التي كانت فيها، لا تزال غير واضحة، وتذهب بعض المصادر المحلية، إلى أن الحديث عن عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه، ليس دقيقاً، وأن الشرعية وقواتها باتت أضعف في كل الأحوال.
وفي السياق، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وثيقة مسربة، وُصفت بأنها تقرير مرفوع من قيادة "ألوية العمالقة"، عن سير عملها في عدن لتهدئة الأوضاع. وأشار التقرير إلى تجاوب التحالف العربي بالتعاون بالنزول ميدانياً لفض النزاع، واستجابة الأطراف بوقف إطلاق النار، وانسحاب قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" من المعسكرات التي سيطرت عليها، بالإضافة إلى موافقة الطرفين على إطلاق سراح المحتجزين وتسيلمهم لقيادة "ألوية العمالقة". وكان أبرز ما تضمنه التقرير، الذي نفى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، العلم به، هو الإشارة إلى القيادي البارز في "الانتقالي" والقريب من أبوظبي، هاني بن بريك، وكذا قائد اللواء الرابع حماية رئاسية، مهران القباطي، بالتسبب بإثارة "الفتن"، والأخير تابع للشرعية.
وخلال اليومين الماضيين، بدت الأزمة في عدن، قضية سعودية إماراتية بامتياز، إذ أرسلت الدولتان وفداً رفيعاً أمنياً وعسكرياً إلى عدن للإشراف على التهدئة، وأصدرتا العديد من البيانات التي كانت تؤكد على وحدة الموقف السعودي الإماراتي، وهو تأكيد ما كان له حاجة، بنظر العديد من اليمنيين، لو أن الخلافات غير موجودة بالفعل، بل إن حرص أبوظبي والرياض في التصريحات الرسمية والتناولات الإعلامية، على الحديث عن منع "فتنة" وانتصار "الحكمة"، وخروج قيادات عسكرية من الطرفين، بتصريحات مشتركة، كلها كانت تقول إن أزمة عدن، لم تكن بعيدة، عن خلافات سعودية إماراتية. وبقي السؤال عما إذا كان تم احتواء الاختلافات بالفعل، أم أن كل ما جرى هو التهدئة، وأن الرياض حضرت أخيراً عسكرياً إلى عدن، بشكل أكثر من ذي قبل، إذ كانت الإمارات ولا تزال هي الدولة التي تتولى واجهة نفوذ التحالف في عدن ومحيطها من مناطق جنوب اليمن.
على الجانب الآخر، ينظر يمنيون إلى أن التهدئة الحاصلة في عدن قد تكون بمثابة "نار تحت الرماد"، حيث لم يؤكد أي الطرفين (الحكومة الشرعية أو المجلس الانتقالي الجنوبي)، التراجع عن مطالبه أو الاعتراف بالآخر. وبالتالي فإن مسألة عودة التصعيد لا تزال أمراً محتملاً ما لم تٌبذل معالجات حقيقية، سواء بتسوية واضحة المعالم بين الأطراف في عدن، أو بإنهاء سيطرة المليشيات المدعومة إماراتياً أو الحد من نفوذها الذي يهدد وجود الشرعية.