ورفض رئيس الوزراء الجزائري تسمية هذه الإجراءات بـ"سياسة التقشف"، مكتفياً بوصفها "ترشيد الإنفاق العام"، مضيفاً أن الحكومة تتحكم بالوضعية الاقتصادية رغم صعوبة المرحلة، وذلك في ردٍ على الانتقادات الحادة التي وجهتها المعارضة، والنقابات، للحكومة الجزائرية بسوء تسيير شؤون البلاد، وتحميل المواطن مسؤولية الأزمة المالية من خلال توسيع الوعاء الضريبي والالتفاف على المكاسب الاجتماعية والمالية التي حققها الجزائريون.
وحاول عبد المالك سلال طمأنة الجزائريين بلغة الأرقام حيث قال: "ارتفع الناتج الداخلي الخام إلى 17494 مليار دينار أي 157 مليار دولار خلال السنة الحالية، وسيرتفع هذا الرقم إلى 19390 مليار دينار أي 174 مليار دولار السنة القادمة 2017، على أن يصل عام 2020 لنحو 21 ألف مليار دينار ما يعادل 189 مليار دولار".
وفي خطوة مفاجئة كذّب الرجل الأول في الحكومة الجزائرية الأرقام الأخيرة التي كشف عنها الديوان الجزائري للإحصائيات نهاية الأسبوع المنصرم، والتي أشارت إلى أن نسبة التضخم بلغت 6.2 %، حيث اعتبر سلال أن الرقم مبالغ فيه، فالتضخم لم يتعدَّ 4% وفق سلال.
انخفاض الاحتياطات
وكانت احتياطات الصرف في الجزائر، حتى يونيو/ تموز الماضي، قد بلغت 129 مليار دولار، وانخفضت إلى 121.9 مليار دولار في سبتمبر/أيلول الماضي. وفي أواخر 2014، وصلت الاحتياطات النقدية إلى 178.9 مليار دولار، لتتراجع إلى 144.1 مليار دولار أواخر 2015.
وكشف سلال أن مداخيل الجزائر من تصدير النفط والغاز، بلغت في عام 2016 نحو 27.5 مليار دولار، لافتاً إلى أن الإيرادات النفطية سترتفع في العام 2017، وتصل إلى ما يقارب 35 مليار دولار، على أن تبلغ في العام 2019، نحو 45 مليار دولار.
وكانت صادرات الجزائر من المحروقات، قد بلغت حتى نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ما قيمته 24 مليار دولار، ويعود السبب في تراجع المداخيل النفطية، إلى انخفاض أسعار النفط، حيث هوت الأسعار من منتصف 2014 من نحو 110 دولارات للبرميل إلى نحو 43 دولاراً للبرميل خلال العام الحالي.
وأكد سلال أنه رغم المشاكل المالية الحاصلة في الجزائر خلال عام 2016، وتدني مداخيل البلاد، إلا أن الحكومة لن تتراجع عن سياسة الدعم الاجتماعي، كاشفاً أنه تم تخصيص 18 مليار دولار لهذا الغرض.
الاقتراض الخارجي
من جهة أخرى، كشف رئيس الوزراء عن أن الجزائر قد تتحول عام 2017 إلى الاقتراض الخارجي، لافتاً إلى أن القروض ستكون موجهة، لتجهيز بعض المشاريع كميناء الوسط، وهو أكبر ميناء تقوم السلطات الجزائرية بإنجازه في منطقة شرشال، 120 كلم شرقي العاصمة الجزائرية، مشيراً إلى أن المديونية الداخلية للجزائر تقدر بثلاثة ملايين دولار.
وفي هذا الإطار، أعلن أن الحكومة لن تقدم على أي زيادة في الأجور خلال السنة المقبلة، وأضاف: "لا نستطيع زيادة الأجور، بل على العكس من ذلك، اقترحنا على بعض المؤسسات خفض أجور موظفيها طوعياً، وهناك من تجاوب معنا في هذا الأمر، وهو ما يعتبر أمراً إيجابياً".
تنويع الاقتصاد
ولفت رئيس الحكومة الجزائرية إلى أن بلاده تبنت استراتيجية تهدف إلى تغيير النمط الاقتصادي بشكل يسمح بالخروج من التبعية للمحروقات في العام 2019، بحيث لا يكون النفط مصدر الثروة الوحيد، إذ نعمل لتغيير نمط الاقتصاد الوطني وتنويعه.
وأعلن أن الجزائر قد تتحول إلى مصدر هام لصناعة السيارات، وخصوصاً السيارات العسكرية، موضحاً أن هناك نشاطاً كبيراً في قطاع صناعة السيارات، وسنبدأ بتصدير السيارات مستقبلاً، ونستطيع كذلك تصدير منتجات صناعية وعسكرية جزائرية.
من جهة أخرى، أكد سلال أن الحكومة تحاول كسب ثقة الناشطين في السوق التجارية الموازية، عبر مقترح الامتثال الضريبي الطوعي، الذي أطلق بموجب قانون المالية التكميلي 2015 والذي يستهدف استقطاب أموال السوق الموازية نحو الدائرة البنكية.
وتعاني الجزائر من وجود كتلة نقدية كبيرة خارج البنوك والمسارات الاقتصادية والتجارية الرسمية، وتحاول الحكومة دفع أصحاب رؤوس الأموال إلى تحويل أموالهم نحو البنوك مقابل دفع رسم جزافي 7%، وهي نسبة تقرر تقليصها إلى أقل من ذلك.