في 13 ديسمبر/كانون الأول الحالي، والذي يتوقع أن يخصص لإعطاء دفعة قوية لمواجهة مخاطر توسّع "داعش"، فضلاً غن الضغط لتسريع المسار السياسي.
التسريبات غير المؤكدة، التي نشرت في عدد من الصحف وتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، تشمل الحديث عن وصول عدد من قيادات التنظيم في العراق وسورية، بينهم زعيمه أبو بكر البغدادي إلى مدينة سرت والواقعة على بعد 450 كيلومتراً شرق طرابلس، فضلاً عن أحاديث عن وصول أمير بوكو حرام، أبو بكر شيكاو، إلى المدينة. وذهب البعض إلى حد القول إنّ "داعش" يسعى للتمدد باتجاه مدينة أجدابيا شرقي البلاد، والواقعة بين مدينتي سرت وبنغازي، للسيطرة على حقول النفط.
ويرى الناشط الحقوقي الليبي، يونس أبو النيران، في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ من يدعي أنّه يمكن السيطرة على الفرع الليبي من تنظيم "داعش"، وأن تواجده في البلاد محدود فهو واهم، مشيراً إلى أن "داعش" يتمدد بقوة في مناطق الحقول النفطية، وفي الهلال الليبي تحديداً.
ووفقاً لأبو النيران، فإن انفجاراً وقع يوم الاثنين الماضي في حقل الزويتينة النفطي، مشيراً إلى أن "داعش" كان وراء التفجير، معتبراً أن أعضاء التنظيم يحاولون الالتفاف على المناطق النفطية والموانئ. وفيما يجزم أبو النيران أن "داعش" يتواجد في أجدابيا، يقول إن الأمر غير معلن، متهماً التنظيم بأنه وراء عدد من الاغتيالات التي طاولت أخيراً ضباطاً في الشرطة الليبية، وأئمة مساجد من دعاة الوسطية والاعتدال. ويرى أبو النيران أنه يتعين على الليبيين أن يتوحدوا وأن يتركوا خلافاتهم على جنب لأن الخطر المحدق بهم أصبح كبيراً.
اقرأ أيضاً الاتفاق الليبي في تونس: الخلفيات والاعتراضات الداخلية والنوايا الدولية
يشار إلى أن مسؤولا عسكريا في القوات الموالية لحكومة طبرق (المنبثقة عن البرلمان المنحل بحكم من المحكمة الدستورية)، أعلن لوكالة "فرانس برس"، قبل أيام، أن تنظيم "داعش" يحاول التمدد نحو مدينة أجدابيا في شرق ليبيا، وأن هذه القوات تحاول منعه بتنفيذ غارات جوية ضد أهداف للتنظيم. كما أشار المسؤول العسكري نفسه إلى أن سلاح الجو الموالي لحكومة طبرق "استهدف اجتماعاً لعدد من المتطرفين في منزل جنوب أجدابيا، ضمن خطة للحد من خطر سيطرة التنظيم على المدينة الواقعة في الهلال النفطي الليبي". كما أعلن أن "الجماعات الإرهابية تسعى إلى إعلان المدينة تحت إمرة تنظيم "داعش".
وتعزز هذه التسريبات عن تمدد "داعش" من مخاوف دول الجوار الليبي، ولا سيما تونس. وفي السياق، يؤكد أبو النيران أنّه يجب على الحكومة التونسية أن تضع يدها في يد القبائل الليبية، ولا سيما أنهم ينبذون التطرف، معتبراً أن القبائل كيان لا يستهان به في حماية المناطق الحدودية من توغل "داعش". كما يرى أنّ على المسؤولين في تونس أن يتجهوا نحو هذا الاتجاه، إذا ما رغبوا في حماية حدودهم أكثر، ووضع حد لتمدد "داعش". ويعتبر أنه ما لم يتم اتخاذ التدابير الصحيحة في مكافحة الإرهاب، فإن الخطر آتٍ، وأنه سيطاول جميع الدول المجاورة لليبيا ولا سيما تونس والجزائر ومصر.
يشار إلى أنّ وفدين من المؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته) ومجلس نواب طبرق (المنحل بقرار من المحكمة الدستورية)، وقعا يوم الأحد الماضي، في تونس، على وثيقة إعلان مبادئ لاتفاق وطني لحل الأزمة السياسية في ليبيا، في خطوة تعكس القناعة التونسية بضرورة الدفع باتجاه ليبي محلي لوضع حد للانقسام السياسي، يمهّد لمعالجة التحديات الأمنية.
من جهته، يشير المحلل العسكري، فيصل الشريف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الفضاء الوحيد الذي تعتبره قيادات "داعش" الموجودة في سورية والعراق آمناً حالياً هو الفضاء الليبي، نظراً لوجود بؤر للتنظيم في درنة وسرت وبالجنوب الليبي، على حد قوله. كما يعتبر أن "داعش" سيسعى إلى التوغل باتجاه المدن المحاذية للحدود التونسية نظراً لتوفر الأموال والأسلحة والنفط.
على الرغم من ذلك، يرى الشريف أنه يصعب على "داعش" التموقع والاستقرار طويلاً في ليبيا، نظراً للجغرافية التي تختلف عن سورية وعن الحدود التركية وعن العراق. ويلفت إلى أن تونس لديها حدود مع ليبيا على طول 450 كيلومتراً وهي حدود محروسة من الجيش التونسي، الذي يتمركز جيداً ويحمي المنطقة.
ويبيّن الشريف أنه يصعب في الوقت الراهن وصول عناصر كبيرة من تنظيم "داعش" إلى الحدود التونسية الليبية. يضاف إلى ذلك أنّ منطقة جنوب الصحراء تعتبر منطقة مكشوفة، فضلاً عن أن الجزائر على أوج الاستعداد ويتمركز فيها ما بين 8 و10 آلاف جندي على الحدود.
ويلفت إلى أن عناصر "داعش" الفارين من مناطق مثل سورية والعراق سيحاولون البقاء في ليبيا إلى حين مرور العاصفة ثم قد تكون مخططاتهم التوغل باتجاه مالي والنيجر، لأن الاستقرار هناك سيكون أسهل ويمكنهم التحرك بسهولة، معتبراً أن التحركات ستكون مستقبلاً فردية في محاولات منهم للتسلل إلى الجبال والمناطق الغابية بتونس أو الجزائر.
وبحسب الشريف، فإنّ ما يروّج عن إمكان فرار زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي، إلى ليبيا غير مستبعد، لأن تضييق الخناق على سورية والعراق سيؤدي إلى فرار هذه الجماعات كل حسب جنسيته، فالبعض سيتجه إلى ليبيا وآخرون قد يعودون إلى بلدانهم.
ويشير إلى أن هؤلاء الفارين، كانوا يتمتعون بحاضنة شعبية في بؤر التوتر في سورية والعراق، وأن هذه الحاضنة غير متوفرة حالياً في ليبيا بنفس الحجم الذي يأملونه، لأن جزءاً كبيراً من المدن الليبية يرفض التطرف، ويحارب عناصر "داعش"، وبالتالي هناك تصد ومقاومة لهم، أما في تونس فلا وجود لأي حماية، وبالتالي فإن أي لجوء لهم إلى ليبيا يعتبر ظرفياً.
اقرأ أيضاً: سرت عاصمة احتياطية لـ"داعش" لتعويض خسارة الرقة والموصل؟