وتم إحصاء أكثر من 153 ألف متظاهر عصرا في أربعين مدينة من دون احتساب باريس، وفق أرقام رسمية. وأعلنت النقابات، التي تطالب بسحب مشروع قانون العمل، يوم تحرك جديد في التاسع من أبريل/نيسان المقبل.
واعتقل عشرون شخصا على هامش التظاهرات في باريس ومدن عدة. وفي رين ونانت (غرب) وروان (شمال غرب) وتولوز (جنوب غرب)، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ردا على شبان ملثمين رشقوها بمقذوفات. وفي مرسيليا (جنوب)، أصيب ثلاثة شرطيين.
ودعا المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، ستيفان لو فول، "الجميع إلى الهدوء" و"عدم السماح للبعض بممارسة أعمال عنف".
وتأتي هذه الاحتجاجات غداة نكسة سياسية كبرى للرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، بعدما اضطر للتخلي عن مشروع إصلاح دستوري كان أعلن عنه بعد اعتداءات باريس في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وكان الطلاب، الذين تواجدوا، بقوة، اليوم الخميس، في الشارع في صلب حركة الاحتجاج الاجتماعية.
وعلق غيوم الطالب في نانت: "هذا القانون يصب في مصلحة أصحاب العمل على حساب العاملين (...) إنه مستقبلنا، علينا أن نستنفر اليوم من أجل مستقبلنا (...) سنواصل التحرك إذا لم تتراجع الحكومة".
ووضع شرطي باريسي قيد الحجز الاحتياطي، اليوم، في إطار تحقيق حول أعمال عنف ارتكبت، الأسبوع الماضي، ضد طالب على هامش تظاهرة مماثلة.
وفي مواجهة احتجاجات النقابات والموظفين، تراجعت الحكومة الفرنسية عن بعض النقاط الخلافية الواردة في مشروعها.
لكن النقابات لا تزال تطالب بسحب الإصلاح بالكامل.
وقالت هذه النقابات إن "هذا النص لن يؤدي إلى خلق وظائف، بل سيعمم الشعور بانعدام الأمان الوظيفي وسيفاقم التفاوت المهني، لا سيما حيال النساء والشباب".
وكررت وزيرة العمل الفرنسية، مريم الخمري، القول إنها تستمع إلى "قلق الشباب" مدافعة في الوقت نفسه عن "قانون ضروري ومنصف"، على حد قولها.
من جهته، قال رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، اليوم، إنه "من غير الوارد سحب هذا الإصلاح الذكي والجريء والضروري".
وأثرت الإضرابات، بالأساس، على وسائل النقل المشترك، حيث سجلت حركة القطارات تباطؤا. فيما سجلت اضطرابات أيضا في حركة الملاحة الجوية بسبب إضراب المراقبين الجويين.
وعلى الصعيد السياحي، سيبقى برج إيفل مغلقا طوال اليوم بسبب الاحتجاجات.
وشهدت فرنسا احتجاجات مماثلة في التاسع من آذار/مارس الجاري شارك فيها أكثر من 200 ألف متظاهر حسب السلطات و450 ألفا حسب المنظمين. كما تظاهر عشرات الآلاف من الشباب، الخميس الماضي، ضد المشروع في آخر الملفات الكبرى للرئيس فرنسوا هولاند قبل الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها العام المقبل.
ويفترض أن يؤمن الإصلاح مزيدا من الليونة لسوق العمل مع ضمان المسار المهني للموظفين في بلد بلغت نسبة البطالة فيه 10% وتتردد الشركات الصغيرة والمتوسطة في التوظيف.
ويهدف هذا الإصلاح أيضا، وفق الحكومة الفرنسية، إلى تعزيز التفاوض داخل المؤسسات، خصوصا حول تنظيم أوقات العمل، وتوضيح ضوابط تسريح العمال لأسباب اقتصادية.
ويشكل حجم التعبئة، اليوم، اختبارا للحكومة الاشتراكية، والرئيس هولاند، اللذين أضعفا بسبب معارضة قسم من ناخبي اليسار لهذا الإصلاح قبل 13 شهرا من الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأقر هولاند، أمس، بفشل التعديل الدستوري الذي دعا إليه، معربا عن أسفه لعدم سماع دعوته إلى "تجاوز الحدود الحزبية" و"توحيد الفرنسيين". وقال إنه "لا يمكن التوصل إلى اتفاق" بشأن مسألة إسقاط الجنسية عن الاشخاص المدانين بأعمال إرهابية التي أثارت الجدل.
ويعتبر هذا الإخفاق السياسي الأخطر الذي يواجهه هولاند منذ انتخابه رئيسا لفرنسا، ما يعقد أكثر فرص إعادة انتخابه لولاية ثانية.
وتوقع استطلاع أجراه "ايبسوس-سوبرا ستيريا" نشرت نتائجه أمس الأربعاء، أن يستبعد هولاند من سباق الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة من الدور الأول بصرف النظر عن هوية منافسيه.