بعد جمود سياسي، منذ ما يقرب من شهرين، عاد اليمن إلى طاولة اجتماعات المجموعة الرباعية الدولية، التي تضم وزراء خارجية أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات، وهو أول اجتماع يُعقد بحضور وزير الخارجية الأميركي الجديد، ريكس تيلرسون، في وقت تترقب فيه الأوساط اليمنية رؤية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للوضع في البلاد، في ظل الحرب المستمرة، منذ ما يقرب عامين. وشارك في اجتماع الرباعية، وهو الأول منذ شهرين، الذي عقد في مدينة بون بألمانيا، على هامش اجتماعات وزراء مجموعة العشرين، كل من وزير الخارجية الأميركي، تيلرسون، ونظيره البريطاني، بوريس جونسون، والسعودي عادل الجبير، والإماراتي عبدالله بن زايد، بحضور وزير الخارجية العُماني، يوسف بن علوي، والمبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وتأتي أهمية الاجتماع، من كونه الأول من نوعه يُعقد بحضور وزير الخارجية الأميركي الجديد، الذي أعلن، بعد الاجتماع، دعم بلاده جهود الأمم المتحدة لحل الأزمة في اليمن، من دون أن يوضح ما إذا كان ذلك يعني أن واشنطن ستواصل تبني مبادرة الأمم المتحدة التي اقترحها وزير الخارجية السابق، جون كيري. وأشار تيلرسون إلى الحاجة الملحة لإيصال المساعدات الإنسانية، من دون قيود، إلى جميع أنحاء اليمن.
وتعد المجموعة الرباعية حول اليمن، بمثابة المقرر للرؤية الدولية حول مقترحات الحل السلمي في البلاد، إذ اجتمعت للمرة الأولى في العاصمة البريطانية لندن، في مايو/أيار2016، وعقدت العديد من الاجتماعات بعد ذلك، بين لندن ونيويورك وجدة والرياض. وكان أبرز اجتماع عقدته في مدينة جدة في 25 أغسطس/آب العام الماضي، وجرى الإعلان خلاله عما عُرف بـ"مبادرة كيري"، التي تبنتها اللجنة، وأدخلت عليها العديد من التعديلات، لتخرج بمقترح للأمم المتحدة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبعد أن فشلت الإدارة الأميركية السابقة بتحقيق أي تقدم على المقترحات التي تقدمت بها لحل سياسي للحرب الدائرة في البلاد، منذ ما يقرب من عامين، ينظر اليمنيون باهتمام إلى تحركات الإدارة الجديدة، بوصفها اختباراً لمدى جدية واشنطن بدعم حل سياسي للأزمة في البلاد. ويعكس الاجتماع الذي عقد في بون وجود اليمن في أولويات الإدارة الأميركية الجديدة، إذ جاء في أول جولة خارجية لتيلرسون، الذي بقي في اليمن لثلاث سنوات، بين عامي 1995 و1998 كرئيس لفرع شركة "أكسون" النفطية في البلاد. وكان أطلق، خلال جلسة برلمانية سبقت تسلم إدارة ترامب السلطة، تصريحات، عن أن حكومة بلاده ستدعم التحالف، الذي تقوده السعودية، بالمعلومات الاستخباراتية للحد من استهداف اليمنيين.
وكانت جهود الحل السياسي في اليمن تمحورت منذ أغسطس/آب العام الماضي، حول مقترحات الولايات المتحدة (مبادرة كيري)، وهو ما يجعل لواشنطن، بإدارتها الجديدة، دوراً محورياً في أي خطوة من شأنها تحريك الجمود السياسي في اليمن، إذ إن العملية السياسية في البلاد فشلت في تحقيق أي تقدم، منذ اختتام محادثات الكويت، مطلع أغسطس الماضي، على الرغم من المبادرات والاجتماعات التي عقدت خلال الشهور الماضية.
ويأتي الاجتماع بعد تسريبات عن أن إدارة ترامب جمدت مبادرة كيري، وفي ظل حملة انتقادات، يقودها الحوثيون وحلفاؤهم، ضد المبعوث الأممي إلى اليمن، مطالبين باستبداله، وهو ما يجعل الاجتماع الأخير في ألمانيا، نقطة حاسمة في مسألة التمديد لإسماعيل ولد الشيخ أحمد من عدمه، بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أخيراً رفضها مطالبات الحوثيين باستبداله. وأظهرت إدارة ترامب اهتماماً واضحاً باليمن، في الأسابيع الأولى لتسلمها السلطة، ابتداء، من تدشين أول عملية عسكرية بإنزال في اليمن، استهدف مشتبهاً بهم بالانتماء إلى تنظيم "القاعدة". كما أرسلت واشنطن المدمرة "يو إس إس كول"، إلى باب المندب، بعد استهداف الحوثيين فرقاطة سعودية في البحر الأحمر منذ أسابيع.