اجتماعات "الفيدرالي الأميركي" غداً... أسواق المال تترقب تحركات أسعار الفائدة

17 ديسمبر 2018
الأسواق تنتظر قرارات الاحتياطي الفيدرالي (Getty)
+ الخط -
تترقب أسواق  المال، في كافة أنحاء العالم، المؤتمر الصحافي الذي سيتحدث فيه جيرومي باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، في ختام اجتماعات البنك على يومين، غد الثلاثاء وبعد غد الأربعاء. 

وتشير التوقعات إلى أن المؤتمر سيشهد الإعلان عن رفع معدلات الفائدة  على أموال البنك بمقدار ربع في المائة، أو 25 نقطة أساس، مع تصريحات تطاول رؤية البنك، الأكثر تأثيراً على مستوى العالم، لآفاق الاقتصاد  العالمي والأميركي خلال العام المقبل.

تأتي اجتماعات البنك الفيدرالي هذا الأسبوع، والتي ستكون آخر اجتماعات العام الحالي 2018، في أجواء خاصة في الولايات المتحدة، سواء على مستوى الاقتصاد وأسواق المال، أو على مستوى الإدارة الأميركية التي تخوض العديد من المعارك، على أكثر من صعيد.

لكن وسط هذه المعارك، ظهرت بشارات سعيدة للمواطن الأميركي، كان أهمها انخفاض توقعات التضخم للفترة المقبلة.

وخلال المرحلة الماضية، ظهرت بعض آثار نفاد الوقود من الاقتصاد الأميركي، حيث بيّن منحنى العائد على سندات الخزانة الأميركية تسطحاً واضحاً في الأسابيع الأخيرة.

الأمر الذي دعا العديد من بنوك الاستثمار، مثل غولدمان ساكس، كما شركات إدارة الاستثمار الشهيرة، مثل بيمكو، إلى التحذير من اقتراب الاقتصاد الأميركي من الركود. كون منحنى العائد المتسطح قد ارتبط في العديد من الحالات السابقة بتعرض الاقتصاد الأميركي لأزمات.

وأيد تلك التوقعات العديد من المنظمات العالمية، مثل صندوق النقد الدولي، ممثلاً في كبير اقتصادييه موريس أوبسفلد، الذي أكد تأثر الاقتصاد الأميركي بتباطؤ النمو العالمي.

أيضاً منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD، التي حذرت من تأثير سلبي للنزاع التجاري بين الاقتصادين الأكبرين في العالم، الولايات المتحدة الأميركية والصين، على النمو الاقتصادي العالمي، وبالتأكيد فإن الولايات المتحدة ليست بمعزل عن تلك التأثيرات السلبية.
كما تزامنت التحذيرات السابقة مع انخفاضات كبيرة شهدتها أسواق الأسهم الأميركية خلال الأسابيع الماضية، الأمر الذي جعل المستثمرين يتوقون إلى المؤتمر الصحافي لمحافظ البنك المركزي باول بعد الاجتماعات المنتظرة.

من ناحية أخرى، أدى زوال أثر الحزم التحفيزية التي أقرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى تزايد توقعات تباطؤ الاقتصاد الأميركي. وتمثلت هذه الحزم في التخفيضات الضريبية غير المسبوقة وزيادة الإنفاق العسكري، مع تعثر حصول ترامب على زيادات أخرى في الإنفاق الحكومي، وبصفة خاصة ما يطلبه من اعتمادات لبناء الجدار على حدود المكسيك، مما يفرض على البنك الفيدرالي التمهل فيما يخص تحريك معدلات الفائدة خلال العام المقبل 2019.

وكذا، في الوقت الذي تسبب ارتفاع معدلات التضخم الأميركي، واقترابه من مستواه المستهدف (2 في المائة)، في أغلب فترات النصف الأول من العام الحالي، في تزايد التوقعات بتسريع وتيرة رفع معدلات الفائدة.

في المقابل أسهم انخفاض أسعار النفط، وأغلب سلع الطاقة، خلال الشهور الأخيرة في خفض توقعات التضخم، وبالتالي طمأنة المستثمرين فيما يخص تحركات البنك الفيدرالي، الذي يضع التضخم دائماً نصب عينيه، عند اتخاذ قرار يتعلق بمعدلات الفائدة.

وعلى نحوٍ متصل، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال شكلاً بيانياً، ذكرت أن مصدره شركة ريفينيتيف ليبر للتكنولوجيا المالية، أوضح أن الشهور الثلاثة الأخيرة شهدت خروج المستثمرين بمبالغ ضخمة من الأوراق المالية المحمية من التضخم التي تصدرها وزارة الخزانة الأميركية، والمعروفة اختصاراً باسم TIPS.

الأمر الذي يشير بصورة واضحة إلى انحسار توقعات ارتفاع التضخم خلال الفترة المقبلة، وفي نفس الوقت يمثل ارتداداً عن النهج الذي ساد خلال الشهور الأولى من العام.

ومع الإشارات المتضادة من الاقتصاد الأميركي، أوضح محمد العريان، الاقتصادي المصري الأميركي الشهير أن الأسبوع المقبل سيشهد العديد من الأحداث الهامة بالنسبة للاقتصاد العالمي والأسواق.

وقال العريان إن "الكثيرين يتوقعون رفع حذر لمعدل الفائدة"، وهو ما يُقصد به عادةً رفع الفائدة مع الإشارة في البيان الصحافي إلى احتمالية تقليل وتيرة الرفع في العام المقبل.

وعلى موقع التواصل الاجتماعي تويتر، غرد حساب معهد التمويل الدولي IIF قبل أيام على تسطح منحنى العائد في بعض فتراته، مشيراً إلى أن ذلك جعل حديث المدينة هو توقيت حدوث الركود (عوضاً عن احتمال حدوثه أو عدمه). 

وأوضح أن الأسواق حالياً تتوقع رفع معدلات الفائدة الأميركية مرة واحدة فقط خلال العام المقبل، مقارنةً بتوقعات سبتمبر / أيلول الماضي، التي أشارت إلى رفعين أو ثلاثة.

بدوره، أكد مارك هايفيلي، مسؤول الاستثمار العالمي في بنك يو بي اس السويسري، أن التصرف الحكيم في الوقت الحالي هو "رفع معدلات الفائدة بوتيرة أبطاً". 

وأشار في مقالٍ حديثٍ له إلى وصف رئيس البنك الفيدرالي لموقف الاقتصاد الأميركي الحالي بأنه "يشبه من يسير في غرفة المعيشة ببيته، وفجأة تنقطع الكهرباء، ماذا يتعين عليه أن يفعل حينئذٍ، لا بد أن يبطئ من خطواته".

ولفت هايفيلي إلى أن "أسواق مشتقات العقود الآجلة تعكس توقعات برفع معدلات الفائدة مرة واحدة فقط خلال العام المقبل 2019، بعدما كانت تشير إلى رفعين قبل أسابيع قليلة".

لكن هايفيلي أكد أن هذا التخفيف ليس أمراً مسلماً به، وأشار إلى نقطة نفسية هامة جداً، حيث اعتبر أن هناك احتمالاً أن يؤدي انتقاد ترامب لمعدلات الفائدة المرتفعة إلى تزايد رغبة البنك الفيدرالي في تأكيد استقلاليته، وإعلان ثقته في الاقتصاد، من خلال رفع معدلات الفائدة بوتيرة متسارعة.
المساهمون