اصطدمت محاولات النظام السوري لضرب اتفاق سوتشي حول محافظة إدلب، بردّ روسيا هذه المرة، التي تبدو مع تركيا مصرتين على الحفاظ على هذا الاتفاق في وجه سعي النظام لإفشاله. لكن التهديد الأخطر راهناً يتمثّل في المخاوف من وقوع مواجهات عسكرية عنيفة بين "هيئة تحرير الشام"، التي تُشكّل "جبهة النصرة" نواتها الصلبة، وبين "الجبهة الوطنية للتحرير"، أكبر تجمّع لفصائل المعارضة في شمال غربي سورية، بعد خلاف دامٍ بينهما في ريف حلب الغربي، أدى إلى سقوط ضحايا وتوتر ميداني.
وبعدما ادّعى وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، أن "الإرهابيين لا يزالون موجودين بأسلحتهم الثقيلة في إدلب، وهذا مؤشر على عدم رغبة تركيا بتنفيذ التزاماتها، وبالتالي ما زالت مدينة إدلب تحت سيطرة الإرهاب المدعوم من تركيا والغرب"، جاء الرد من روسيا، إذ أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، عدم وجود أي تهديدات تقوّض اتفاق سوتشي حول منطقة وقف التصعيد في إدلب، مشيراً إلى أن أنقرة تبذل جهوداً كبيرة للوفاء بالتزاماتها.
وقال بيسكوف للصحافيين في تعليقه على تصريحات المعلم: "نحن لا نلمس أي تهديد حتى الآن" لاتفاق سوتشي. ولفت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يقل فقط خلال القمة الرباعية في إسطنبول يوم السبت الماضي، إن أنقرة تنفذ التزاماتها حول اتفاق إدلب، بل أشار إلى أن الوضع معقد جداً هناك، حيث يستمر إطلاق النار من حين لآخر، لافتاً إلى أن الأمور لا تسير بشكل مثالي لدى الجانب التركي كما هو مقرر في الخطة. وأضاف: "الرئيس بوتين قال إننا نفهم كيف أن الوضع في الحقيقة شديد التعقيد. لكن الأمر الرئيسي هو أن روسيا ترى حقاً أن الجانب التركي يبذل جهوداً للوفاء بجميع الاتفاقات القائمة". وشدّد بيسكوف على أنه سيتم إبلاغ النظام السوري بالتفصيل بشأن ما تضمنته المناقشات حول اتفاق إدلب خلال قمة إسطنبول.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، إن تركيا ستكون أول المتدخلين في حال تصرّفت المجموعات الإرهابية والراديكالية في محافظة إدلب بشكل مخالف لاتفاقية سوتشي. وخلال مؤتمر صحافي، بعد اجتماع مع نظيريه الآذري والإيراني في إسطنبول أمس الثلاثاء، أوضح الوزير التركي أن إيران تعتبر أكثر دولة داعمة لاتفاقية سوتشي المبرمة بين تركيا وروسيا، وأن طهران لديها مساهمات كبيرة في إنجاح مسار أستانة واتفاقية سوتشي. وأشار إلى أهمية التعاون بين الدول لتحقيق الاستقرار والأمان في منطقة الشرق الأوسط، موضحاً أنه لا توجد مشاكل كبيرة في إدلب حالياً. وأكد أن أنقرة تدعم وبقوة وحدة الأراضي السورية وإيجاد حل سياسي للأزمة القائمة فيها، وتؤكد في الوقت ذاته استمرارها في مكافحة الإرهابيين.
اقــرأ أيضاً
وفي خضم المساعي التركية والروسية لتثبيت وقف إطلاق النار في شمال غربي سورية وفق اتفاق سوتشي المعلن في 17 سبتمبر/ أيلول الماضي، جاء الاقتتال بين "هيئة تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير"، فيما تُبذل جهود من أجل تطويق الخلاف الدامي بين الطرفين، خوفاً من انزلاقه إلى مواجهات عسكرية كبرى.
وعن أسباب هذا الاقتتال، قال عضو المكتب الإعلامي في "الجبهة الوطنية للتحرير" محمد أديب، إن "هيئة تحرير الشام" أرسلت قوات لاقتحام مقرات الجبهة في بلدة كفر حمرة في ريف حلب الغربي "متجاوزة بذلك اتفاق صلح سابقاً بين الطرفين". وأشار أديب، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن مسلحي الهيئة أطلقوا الرصاص على مقاتلي الجبهة، ما أدى إلى حصول اشتباكات نتج عنها مقتل عنصرين من الهيئة وإصابة عدد من مقاتلي الجبهة، مضيفاً: "استنفرت الهيئة حواجزها في المنطقة، وأصدرت أمراً باعتقال مقاتلي الجبهة في المناطق المحررة، كما أرسلت تعزيزات إلى ريف حلب الغربي، واعتقلت أحد الوجهاء للضغط على أهالي كفر حمرة". وأوضح أن الهيئة طلبت عقد لقاء مع الجبهة للتوصل إلى اتفاق جديد يتضمن فتح مقرات للهيئة في البلدة، لكن "الهيئة غدرت بوفد الجبهة الذي ذهب للمفاوضات واعتقلت أفراده".
ونفى أديب ما أورده المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل عدد كبير من الطرفين في المواجهات، مشيراً إلى أن الجبهة فقدت يوم الإثنين قائداً ميدانياً في قسم الهندسة جراء قصف قوات النظام لبلدة حيان شمال غربي حلب. واعتبر أن "هيئة تحرير الشام تحاول تزوير الوقائع وقلب الحقائق من خلال البيانات التي تصدرها، وهي التي بدأت بالاعتداء على الجبهة الوطنية للتحرير".
وكانت "هيئة تحرير الشام" قد اتهمت فصائل في "الجبهة الوطنية" باغتيال قياديين تابعين للهيئة هما "أبو تراب" شرعي قاطع عندان، و"أبو محمد أكرم" نائب مسؤول قاطع الشمال في الهيئة، زاعمة في بيان لها أن "بعض مكوّنات الجبهة تقوم بخطوات متسارعة بإدخال الساحة إلى أتون حرب لا تبقي ولا تذر، ولا يستفيد منها إلا النظام المجرم وحلفاؤه"، وفق البيان. من جهتها، قالت الجبهة في بيان لها إنها حريصة على الحفاظ على الساحة ومنعها من الانزلاق إلى أي اقتتال داخلي، مؤكدة حقها بالدفاع عن عناصرها واستعادة مقراتها، داعية "هيئة تحرير الشام إلى تحكيم العقل".
كذلك أكّد القيادي في "الجبهة الوطنية للتحرير" النقيب عبد السلام عبد الرزاق، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "حتى الآن هناك محاولة لتطويق أي اقتتال، ومحاولة السيطرة عليه قبل الاتساع، لكن هناك دائماً استهدافاً لفصائل ضمن الجبهة الوطنية من قبل هيئة تحرير الشام".
ويأتي الاقتتال الجديد ضمن سلسلة من الاحتراب الداخلي بين "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة السورية على مدى سنوات، ويسعى كل طرف إلى تحجيم الآخر والحد من نفوذه في شمال غربي سورية الذي بات المعقل الأبرز لكل من الهيئة والجبهة. وكان اقتتال قد نشب بين الهيئة وفصائل تابعة للمعارضة السورية في 20 فبراير/ شباط الماضي، أدى إلى انتزاع فصائل تابعة للجبهة مناطق في محافظة إدلب من الهيئة التي لا تزال تسيطر على أكثر من نصف مساحة المحافظة، بما فيها مدينة إدلب مركز المحافظة. كذلك تسيطر الهيئة على مدن حارم، وسلقين، وسرمدا، والدانا، ومعبر باب الهوى، وخان شيخون.
وتسيطر فصائل المعارضة، التي انضوت أخيراً في "الجبهة الوطنية للتحرير"، على باقي مناطق محافظة إدلب، وأبرزها مدينة معرة النعمان التي باتت اليوم معقل الثورة والمعارضة الأبرز، ومدينة أريحا، وجبل الأربعين، ومدينة بنش، وبلدات في جبل الزاوية، بالإضافة إلى معظم سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، وأجزاء من ريف حماة الشمالي الذي تتقاسمه مع فصائل تابعة للجيش الحر غير منضوية في "الجبهة الوطنية"، أبرزها "جيش العزة". وكان اقتتال قد نشب بين الهيئة و"حركة أحرار الشام" في منتصف العام الماضي، أدى إلى خسارة الحركة أهم مواقعها في إدلب، لعل أهمها معبر باب الهوى الحدودي، وأكد سعي الهيئة للتفرد بقرار الشمال الغربي من سورية.
ولطالما اتهمت "هيئة تحرير الشام" فصائل المعارضة المسلحة بمحاولة الحصول على ثقة أطراف خارجية بشن حرب عليها، فيما تؤكد هذه الفصائل أن الهيئة ماضية في مشروع فرض هيمنتها على كامل الشمال الغربي من سورية. يُذكر أنه وفق اتفاق سوتشي، تم إنشاء منطقة آمنة في إدلب بين مناطق النظام والمعارضة بحدود بين 15 و20 كيلومتراً، وخالية من السلاح الثقيل، على أن يتم فتح الطريقين الدوليين حلب - حماة، وحلب - اللاذقية، قبل نهاية العام الحالي، واللذين يمران في مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة و"هيئة تحرير الشام". والتزمت كل من الهيئة والمعارضة بالاتفاق، وسحبت الأخيرة سلاحها الثقيل من المنطقة، فيما سحبت الهيئة سلاحها وعناصرها.
وقال بيسكوف للصحافيين في تعليقه على تصريحات المعلم: "نحن لا نلمس أي تهديد حتى الآن" لاتفاق سوتشي. ولفت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يقل فقط خلال القمة الرباعية في إسطنبول يوم السبت الماضي، إن أنقرة تنفذ التزاماتها حول اتفاق إدلب، بل أشار إلى أن الوضع معقد جداً هناك، حيث يستمر إطلاق النار من حين لآخر، لافتاً إلى أن الأمور لا تسير بشكل مثالي لدى الجانب التركي كما هو مقرر في الخطة. وأضاف: "الرئيس بوتين قال إننا نفهم كيف أن الوضع في الحقيقة شديد التعقيد. لكن الأمر الرئيسي هو أن روسيا ترى حقاً أن الجانب التركي يبذل جهوداً للوفاء بجميع الاتفاقات القائمة". وشدّد بيسكوف على أنه سيتم إبلاغ النظام السوري بالتفصيل بشأن ما تضمنته المناقشات حول اتفاق إدلب خلال قمة إسطنبول.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، إن تركيا ستكون أول المتدخلين في حال تصرّفت المجموعات الإرهابية والراديكالية في محافظة إدلب بشكل مخالف لاتفاقية سوتشي. وخلال مؤتمر صحافي، بعد اجتماع مع نظيريه الآذري والإيراني في إسطنبول أمس الثلاثاء، أوضح الوزير التركي أن إيران تعتبر أكثر دولة داعمة لاتفاقية سوتشي المبرمة بين تركيا وروسيا، وأن طهران لديها مساهمات كبيرة في إنجاح مسار أستانة واتفاقية سوتشي. وأشار إلى أهمية التعاون بين الدول لتحقيق الاستقرار والأمان في منطقة الشرق الأوسط، موضحاً أنه لا توجد مشاكل كبيرة في إدلب حالياً. وأكد أن أنقرة تدعم وبقوة وحدة الأراضي السورية وإيجاد حل سياسي للأزمة القائمة فيها، وتؤكد في الوقت ذاته استمرارها في مكافحة الإرهابيين.
وفي خضم المساعي التركية والروسية لتثبيت وقف إطلاق النار في شمال غربي سورية وفق اتفاق سوتشي المعلن في 17 سبتمبر/ أيلول الماضي، جاء الاقتتال بين "هيئة تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير"، فيما تُبذل جهود من أجل تطويق الخلاف الدامي بين الطرفين، خوفاً من انزلاقه إلى مواجهات عسكرية كبرى.
وعن أسباب هذا الاقتتال، قال عضو المكتب الإعلامي في "الجبهة الوطنية للتحرير" محمد أديب، إن "هيئة تحرير الشام" أرسلت قوات لاقتحام مقرات الجبهة في بلدة كفر حمرة في ريف حلب الغربي "متجاوزة بذلك اتفاق صلح سابقاً بين الطرفين". وأشار أديب، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن مسلحي الهيئة أطلقوا الرصاص على مقاتلي الجبهة، ما أدى إلى حصول اشتباكات نتج عنها مقتل عنصرين من الهيئة وإصابة عدد من مقاتلي الجبهة، مضيفاً: "استنفرت الهيئة حواجزها في المنطقة، وأصدرت أمراً باعتقال مقاتلي الجبهة في المناطق المحررة، كما أرسلت تعزيزات إلى ريف حلب الغربي، واعتقلت أحد الوجهاء للضغط على أهالي كفر حمرة". وأوضح أن الهيئة طلبت عقد لقاء مع الجبهة للتوصل إلى اتفاق جديد يتضمن فتح مقرات للهيئة في البلدة، لكن "الهيئة غدرت بوفد الجبهة الذي ذهب للمفاوضات واعتقلت أفراده".
ونفى أديب ما أورده المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل عدد كبير من الطرفين في المواجهات، مشيراً إلى أن الجبهة فقدت يوم الإثنين قائداً ميدانياً في قسم الهندسة جراء قصف قوات النظام لبلدة حيان شمال غربي حلب. واعتبر أن "هيئة تحرير الشام تحاول تزوير الوقائع وقلب الحقائق من خلال البيانات التي تصدرها، وهي التي بدأت بالاعتداء على الجبهة الوطنية للتحرير".
وكانت "هيئة تحرير الشام" قد اتهمت فصائل في "الجبهة الوطنية" باغتيال قياديين تابعين للهيئة هما "أبو تراب" شرعي قاطع عندان، و"أبو محمد أكرم" نائب مسؤول قاطع الشمال في الهيئة، زاعمة في بيان لها أن "بعض مكوّنات الجبهة تقوم بخطوات متسارعة بإدخال الساحة إلى أتون حرب لا تبقي ولا تذر، ولا يستفيد منها إلا النظام المجرم وحلفاؤه"، وفق البيان. من جهتها، قالت الجبهة في بيان لها إنها حريصة على الحفاظ على الساحة ومنعها من الانزلاق إلى أي اقتتال داخلي، مؤكدة حقها بالدفاع عن عناصرها واستعادة مقراتها، داعية "هيئة تحرير الشام إلى تحكيم العقل".
كذلك أكّد القيادي في "الجبهة الوطنية للتحرير" النقيب عبد السلام عبد الرزاق، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "حتى الآن هناك محاولة لتطويق أي اقتتال، ومحاولة السيطرة عليه قبل الاتساع، لكن هناك دائماً استهدافاً لفصائل ضمن الجبهة الوطنية من قبل هيئة تحرير الشام".
وتسيطر فصائل المعارضة، التي انضوت أخيراً في "الجبهة الوطنية للتحرير"، على باقي مناطق محافظة إدلب، وأبرزها مدينة معرة النعمان التي باتت اليوم معقل الثورة والمعارضة الأبرز، ومدينة أريحا، وجبل الأربعين، ومدينة بنش، وبلدات في جبل الزاوية، بالإضافة إلى معظم سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، وأجزاء من ريف حماة الشمالي الذي تتقاسمه مع فصائل تابعة للجيش الحر غير منضوية في "الجبهة الوطنية"، أبرزها "جيش العزة". وكان اقتتال قد نشب بين الهيئة و"حركة أحرار الشام" في منتصف العام الماضي، أدى إلى خسارة الحركة أهم مواقعها في إدلب، لعل أهمها معبر باب الهوى الحدودي، وأكد سعي الهيئة للتفرد بقرار الشمال الغربي من سورية.
ولطالما اتهمت "هيئة تحرير الشام" فصائل المعارضة المسلحة بمحاولة الحصول على ثقة أطراف خارجية بشن حرب عليها، فيما تؤكد هذه الفصائل أن الهيئة ماضية في مشروع فرض هيمنتها على كامل الشمال الغربي من سورية. يُذكر أنه وفق اتفاق سوتشي، تم إنشاء منطقة آمنة في إدلب بين مناطق النظام والمعارضة بحدود بين 15 و20 كيلومتراً، وخالية من السلاح الثقيل، على أن يتم فتح الطريقين الدوليين حلب - حماة، وحلب - اللاذقية، قبل نهاية العام الحالي، واللذين يمران في مناطق تسيطر عليها فصائل المعارضة و"هيئة تحرير الشام". والتزمت كل من الهيئة والمعارضة بالاتفاق، وسحبت الأخيرة سلاحها الثقيل من المنطقة، فيما سحبت الهيئة سلاحها وعناصرها.