حذر خبراء اقتصاد من أن مذكرات التفاهم، التي وقعتها مصر خلال المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ منتصف مارس/آذار الماضي، لم يتم تفعيلها حتى الآن، مشيرين إلى أنه بعد مرور ثلاثة أشهر تصبح هذه التفاهمات لا قيمة لها.
وقال الخبراء إن الوقت يمر دون تفعيل مذكرات التفاهم المبرمة، مما يفقدها قيمتها، مضيفين أن ما تم الحصول عليه بعد المؤتمر الاقتصادي هو الودائع الخليجية فقط التي تعد بمثابة ديون مستحقة السداد.
ووفقا لتصريحات وزير الاستثمار المصري، أشرف سالمان، فإن مذكرات التفاهم قد ينتج منها
عقود لتنفيذها خلال 30 يوماً أو 60 يوماً أو 90 يوماً.
وبلغ إجمالي الاتفاقيات التي وقعت بالمؤتمر 92 مليار دولار، وقال الخبير الاقتصادي، محمد النجار، إن مؤتمر شرم الشيخ مر عليه الآن أكثر من 60 يوماً دون تفعيل أي مذكرة من مذكرات التفاهم التي تم توقيعها، وتتبقى مدة 30 يوماً أخرى وتنتهي المهلة التي قطعتها الحكومة على نفسها لتفعيل هذه المذكرات وتطبيقها على أرض الواقع، وفقاً لتصريحات وزير الاستثمار.
وأشار النجار في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن مذكرات التفاهم تفقد قيمتها وتصبح كأن لم تكن بعد مرور 90 أو100 يوم من بدء الاتفاق عليها، وبالتالي قد تخسر مصر خسارة كبيرة جداً نتيجة عدم إقناع المستثمرين والمشاركين في المؤتمر الاقتصادي بتطبيق هذه المذكرات.
ولفت إلى أن المؤتمر لم يسفر إلا عن القروض التي حصلت عليها مصر من الدول الخليجية الثلاث (السعودية والإمارات والكويت)، مضيفا أن هذه القروض بسعر فائدة مرتفع جداً يقدر بحوالى 2.5%، مما يعد ديوناً إضافة على الاقتصاد المصري.
ورأى أن المؤتمر حقق نجاحاً سياسياً ولم يحقق نجاحاً اقتصادياً، موضحاً أن حضور ممثلين عن 95 دولة يعد رسالة سياسية يوجهها النظام بأنه في حالة استقرار.
اقرأ أيضاً: مصر: توقف 2500 مصنع في 5 سنوات
من جانبه قال المستشار السابق في صندوق النقد الدولي، فخري الفقي، إن المؤتمر الاقتصادي لم يسفر عن شيء يذكر حتى الآن، مستدركاً أنه ما زال هناك أمل للحكومة لتحويل مذكرات التفاهم الى أرض الواقع.
وأضاف الفقي في تصريح خاص، إلى أن عدم وجود مجلس شعب وعدم وجود قانون موحد للاستثمار سيحول دون دخول أي استثمارات فعلية لمصر، بخاصة أن المستثمر الأجنبي يحتاج إلى بيئة تشريعية متكاملة، موضحاً أن إلزام المستثمر بالحصول على تراخيص من أكثر من 70 جهة حكومية يمثل عقبة في وجه الاستثمار، ويعوق الاستثمار المحلي والأجنبي، في حين أن الإجراءات التي يحتاجها المستثمر في دولة مثل الإمارات لا تتعدى الـ48 ساعة فقط.
وأشار إلى أن ما خرجت به مصر من المؤتمر الاقتصادي هو الحصول على القروض الخليجية التي رفعت الاحتياطي المصري لأكثر من 20 مليار دولار.
وقال مصدر مسؤول في اتحاد الصناعات المصرية، فضل عدم ذكر اسمه، إن النظام الحالي لا يهتم بالمستثمر المحلي، ويركز اهتمامه على المستثمرين العرب وزيادة حصة الجيش في الاقتصاد.
وأوضح المسؤول لـ"العربي الجديد"، أن الجميع كان يتوقع ألا يسفر المؤتمر الاقتصادي عن
شيء، وسيدور كله في فلك مذكرات تفاهم لا تلزم المستثمر الأجنبي بضخ أي استثمارات في مصر، وأن ما تم في المؤتمر عبارة عن عرض الوزارات المختلفة ما لديها من مشروعات، وقامت بعض الشركات بتوقيع مذكرات تفاهم حول رغبتها في شراء أو تنفيذ تلك المشروعات، دون أي التزام عليها باستكمال التوقيع على العقود النهائية.
ولفت النظر إلى مناخ الاستثمار في مصر الذي أصبح غير مشجع للمستثمر المحلي "ابن البلد"، خاصة في ظل تضخم وتوغل الجيش في الاقتصاد بشكل فج، ومحاولته الدخول في كل المشروعات ومنافسة القطاع الخاص دون وجه مقارنة، حيث يحصل الجيش على مستلزمات الإنتاج والعمالة مجاناً ولا يدفع ضرائب أو أي مستحقات.
وأشار الى أن الدولة لم تشجع الصناعات المصرية والتوسع في إنشاء المشروعات أو إعادة تشغيل المصانع المغلقة والمتعثرة، موضحاً أن كل القوانين المنظمة للاستثمار والتجارة تحتاج إلى تعديل، وبعض هذه القوانين يعود إلى فترة حكم الملك فاروق.
وأضاف أن مؤتمر شرم الشيخ فشل فشلاً كبيراً من الناحية الاقتصادية، حيث لم يحقق اي نتائج ملموسة حتى الآن رغم مرور شهرين كاملين، متوقعا عدم تفعيل المذكرات التي تم الاتفاق عليها مستقبلا، وأرجع ذلك إلى حالة التوتر السياسي والتخبط وأحكام الإعدام التي تصدر كل شهر، وأخيراً التحفظ على الأموال والعودة لعصر التأميمات.
وكان وزير الاستثمار المصري قال في تصريحات صحافية مؤخرا، إن إجمالي المشروعات التي تم توقيعها خلال المؤتمر الاقتصادي 60 مشروعاً، من بينها 14 عقداً معلقاً على شرط"، دون أن يوضح ماهية الشرط.
وتحاول مصر البحث عن فرص لإنعاش اقتصادها، بعد انحسار الاستثمارات الأجنبية على مدار أكثر من 4 سنوات من الاضطرابات المتواصلة، كما تراجعت إيرادات السياحة والتصدير، ما فاقم من الأوضاع المعيشية في البلاد.
اقرأ أيضاً: مصر: رحيل شركات عالمية رغم وعود حكومية بجذب الأموال