أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء اليوم السبت، اتصالاً هو الخامس من نوعه، خلال الشهرين الأخيرين، مع نظيره الإيراني حسن روحاني، تركّز على تطورات الاتفاق النووي والعلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية، وفقاً لما أورده موقع الرئاسة الإيرانية.
وفيما تبذل فرنسا جهوداً لإنقاذ الاتفاق النووي من خلال إجراء مشاورات مستمرة مع كل من إيران والولايات المتحدة الأميركية، وصف روحاني هذه الجهود بأنّها "جادة"، معتبراً أنّ زيارة وزير خارجيته محمد جواد ظريف إلى فرنسا، أخيراً، "نالت أهمية واهتمام الرأي العام والأوساط السياسية في المنطقة والعالم".
وأضاف روحاني أنّ بلاده "تسعى إلى الحفاظ على الاتفاق النووي وتبذل الجهد في هذا السياق"، مشيراً إلى أنّ "تنفيذ جميع أطراف الاتفاق النووي تعهداتها وتأمين الملاحة الحرة في كافة الممرات المائية في الخليج ومضيق هرمز، يشكلان هدفين لإيران في مباحثاتها الراهنة مع أوروبا".
واعتبر الرئيس الإيراني أنّ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي "هدف إلى خلق مشاكل كثيرة في علاقات إيران مع بقية الدول"، معرباً عن أسفه "من عدم اتخاذ أوروبا خطوة في طريق تنفيذ التزاماتها" تجاه الاتفاق.
ولم يغب موضوع التفاوض المباشر بين إيران والولايات المتحدة عن الاتصال الهاتفي بين ماكرون وروحاني، إذ أكّد الأخير أنّ "رفع كافة العقوبات المفروضة على إيران يمهد الأرضية للمفاوضات" مع واشنطن.
كذلك هدّد روحاني بأنّ بلاده "ستنفذ المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها ما لم تطبق أوروبا التزاماتها"، في السابع من الشهر المقبل، بعد انتهاء مهلة الستين يوماً الثانية، وذلك في إشارة إلى أنّ الحراك الفرنسي لم يفضِ بعد إلى هذه النتيجة المرجوّة من قبل طهران.
إلا أنّ الرئيس الإيراني أشار في الوقت نفسه إلى أنّ الخطوات التي ستتخذها إيران خلال المرحلة الثالثة "ستكون قابلة للعودة عنها مثل بقية الخطوات السابقة"، ليوحي بذلك أنّ خطوات المرحلة الثالثة ليست "أقوى وأشد" كما توعدت بها طهران خلال الآونة الأخيرة، وذلك على ما يبدو محاولة إيرانية لمنح المزيد من الفرصة للحراك الفرنسي الذي أعلنت الرئاسة الإيرانية، أخيراً، أنّه أحرز "تقدماً جيداً"، وأنّ واشنطن أبدت "انعطافات" في التعامل معه.
كذلك شدّد روحاني، خلال الاتصال مع ماكرون، على رفض طهران تغيير فحوى الاتفاق النووي، قائلاً إنّ "مضمون الاتفاق النووي غير قابل للتغيير وعلى جميع الأطراف الالتزام به".
في السياق، أشارت تقارير إعلامية إلى أنّ واشنطن ربطت موافقتها على إعفاءات على العقوبات المفروضة على النفط الإيراني بإطالة أمد القيود المفروضة على إيران في الاتفاق النووي إلى ما بعد عام 2025، الذي تنتهي فيه صلاحيته، وكذلك استمرار حظر بيع الأسلحة إلى إيران إلى ما بعد أكتوبر/ تشرين الأول 2020، حيث بموجب القرار الرقم 2231 المكمل للاتفاق النووي ينتهي الحظر في هذا التاريخ.
ولم تقتصر المشاورات بين الرئيسين الإيراني والفرنسي على تطورات الاتفاق النووي فحسب، حيث تناول قضايا إقليمية، ليعتبر روحاني أنّ "الأزمة اليمنية لن يكون لها حل عسكري"، داعياً إلى "الحوار السياسي والقيام بخطوات لازمة للوصول إلى سلام عادل وأمن مستدام" في اليمن، وفق تعبيره.
كذلك تطرّق روحاني إلى الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على العراق وسورية ولبنان، معتبراً أنّ "إشعال حرب جديدة في المنطقة لن ينفع أي دولة". وقال إنّ "قادة الكيان الصهيوني يرتكبون اليوم أخطاء كثيرة في الحسابات في المواجهة مع بقية الدول بما فيها إيران والعراق ولبنان وسورية".
وأضاف "أنهم يعلنون عن تصرفاتهم العدوانية باعتزاز بدلاً من الاعتذار"، داعياً فرنسا كدولة عضوة في المجلس الأمن إلى "بذل الجهد لتنفيذ قرارات المجلس وحماية ميثاق الأمم المتحدة".
ماكرون: نتائج جيدة للمباحثات الثنائية
وخلال الاتصال، وصف الرئيس الفرنسي نتائج مباحثات بلاده مع إيران حول الاتفاق النووي بـ"الجيدة"، من خلال القول إنّ "الخبراء الإيرانيين والفرنسيين توصّلوا إلى نتائج جيدة في طريق حل المشاكل"، وفقاً لما أورده موقع الرئاسة الإيرانية.
ودعا ماكرون إلى مواصلة المباحثات بين البلدين، قائلاً إن "استمرار المفاوضات وحل المشاكل عبرها قرار صائب، وينبغي مواصلة هذا المسار حتى تحقيق نتيجة مطلوبة".
كذلك حذّر من انهيار الاتفاق النووي، قائلاً إن "الكثير من المتطرفين في الساحة الدولية سيفرحون بذلك"، ليدعو إلى "البحث عن حل لتأمين المصالح للأطراف".
وأضاف ماكرون في هذا الصدد أنّ فرنسا "تتابع حل المشاكل السياسية والاقتصادية في التعاملات مع إيران وإزالة التوتر في المنطقة".
ووصف زيارة ظريف إلى فرنسا بأنها "إيجابية"، قائلاً إنها "أظهرت إرادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في تأمين مصالح إيران والتعهد بمبدأ التفاوض".
ودعا الرئيس الفرنسي إلى "تعزيز التعاون بين إيران وفرنسا لحل القضايا والمشكلات الإقليمية، منها الأزمة اليمنية".