ابنة العالم

01 ديسمبر 2015
المرنيسي (صورة لـ "دي غوي")
+ الخط -

كلّما كان النور كبيراً، كلّما بأفوله كانت العتمة أكبر. فراغ يغشى فجأة المجال الفكري ويهز الحركة النسائية ويصيب السوسيولوجيا المغربية باليتم.

فاطمة المرنيسي كانت بؤرة لكل هذه المكوّنات المضيئة في تاريخ المغرب الحديث: الحركة النسائية كانت في حاجة إلى السوسويولوجيا، والسوسيولوجيا المغربية كانت في حاجة إلى فاطمة المرنيسي كي تؤنثها.

"كل ما لا يؤنث لا يعول عليه"؛ هي مفردة بصيغة الجمع.

امرأة حقيقية لن تتكرر، ليس فقط لأنها كاتبة اختارت نضال الكلمة لتفكيك الإدغام الثقافي في لعنته الذكورية، بل كذلك لأنها اختارت الحفر في الأراضي المهجورة للسوسيولوجيا، الأراضي التي تحرج الباحثين ويتوجس منها السياسيون ويحاربها الفقهاء.

لفاطمة المرنيسي شجاعة علمية تقاطع فيها علم الاجتماع بقضايا النساء بهموم الشباب وبرهان المجال القروي وكل الهوامش المنسية التي تنحسر عنها الأضواء.

شجاعة هذه المرأة كانت أيضاً في تحررها من غشاوة الفكر الجاهز، فقد كانت مستعدة لمراجعة مواقفها باستمرار ولم يكن الغرب أبدا فردوسها المفقود، الغرب "المرادف" للفكر الحر ولقيم العدالة الإنسانية والمساواة لم يسلم أبداً من معولها العلمي وحسّها النقدي. التاريخ يصنعه الاستثنائيون بالتأكيد، واليوم يفقد العالم إحدى بناته الاستثنائيات.

المساهمون