ابتسامة علاء

17 مارس 2015
لم يعوّقه قصر قامته عن الاختلاط بالناس (محمد الحجار)
+ الخط -

عندما يعتلي علاء إحدى خشبات المسرح أو يبدأ بسرد الطرائف المضحكة، يجذب أنظار الحضور واهتمامهم. فهو منذ 16 عاماً، يحاول رسم الابتسامة على وجوه أهل قطاع غزّة وخصوصاً الأطفال.
وعلاء مقداد (32 عاماً) لم يعوّقه قصر قامته عن الاختلاط بالناس، لا بل على العكس ساعده ذلك في دخول قلوب كثيرين. يقول لـ "العربي الجديد" إن عروضه تهدف إلى "التفريغ النفسي بالدرجة الأولى". ومذ بدأ ينشط في هذا المجال، أصبح معروفاً على مستوى القطاع، حتى أن جمعيات من الضفة الغربيّة طلبته لإحياء بعض العروض، إلا أن المعابر أعاقت حركته.

ويتذكّر علاء أوّل عرض قدّمه على المسرح أمام الناس في عام 1999. في ذلك اليوم، لوّن وجهه ورسم عليه ابتسامة المهرّج وظهر أمام الناس الذين تفاجأوا به. فتلك كانت المرّة الأولى التي يشاهدون فيها رجلاً قصير القامة يقدّم عرضاً في غزّة. أما هو، فراح يقترب منهم ويوزّع الابتسامات عليهم ويمازحهم. فشعر بالسعادة وأحب المجال كثيراً. هكذا بدأت عروضه الاستعراضيّة الفكاهيّة.

ولأن جمهوره الأبرز من الأطفال، كانت الشخصيتان الكرتونيّتَان "بيكاتشو" و"سمسم" أبرز الشخصيات التي تقمّصها في عروضه منذ عام 2000 ولغاية 2008. ومن ثم استبدلها بشخصيات أخرى مثل "سبونج بوب" و"سنفور" و"توم" و"جيري" لشدّة حب الأطفال لها.
ويشير علاء إلى أن "الناس يلجأون إلى هذه العروض للهروب من الواقع. وعدد كبير من الذين شاهدوني أنا والمهرّجين الآخرين مرّة، راحوا يتابعوننا في العروض اللاحقة في مختلف الأماكن".

إلى ذلك، شارك علاء في فرقة السيرك الفلسطيني الذي تأسس قبل عام، تحت اسم "النمر الوردي". تجدر الإشارة إلى أن أعضاء الفرقة هم نفسهم الذين كانوا يشاركون علاء في عروضه السابقة.
ويخبر علاء هنا أنه "عندما كانت تفتح المعابر، كانت تحضر إلى القطاع فرق سيرك من مصر ودول المغرب العربي وغيرها. وهذا ما دفع مجموعة من الشباب إلى تأسيس فرقة تجمع مواهب الاستعراض من كل أنحاء القطاع، وقد وقع الاختيار عليّ لأقدّم عروض تهريج".
قبل عامين ونصف العام، تزوّج علاء الذي يعدّ قزماً من شابة لا تعاني قصر القامة، وأنجبا طفلة أسمياها إيلين تبلغ اليوم من العمر عاماً ونصف العام. وعندما يتحدّث عن عائلته يصفها بالعائلة السعيدة. وفي إعالة أسرته، يعتمد علاء على الحفلات والعروض كمصدر رزق أساسي. لكنه يشكو من عدم تبنّيه وفرقته من أي من الجهات.

من جهة أخرى، يمثّل علاء المنتخب الفلسطيني في رمي الجلة والرمح لفئة ذوي الإعاقة، وهو يمارس الجري لمسافات طويلة ويتدرّب مع نادي الجزيرة الرياضي في غزّة الذي يضمّ فريقاً للأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة. إلى ذلك، يهتمّ علاء برياضة كمال الأجسام، ويصل في خلال تمرينه إلى حمل 150 كيلوغراماً من الأثقال على الرغم من قصر قامته.
ويروي علاء أنه خاض العديد من المنافسات على مستوى قطاع غزّة والمخصّصة لذوي الإعاقة، وحقّق نتائج جيّدة أهلته للترشّح وخوض منافسات في الخارج. لكنه لم يتمكن من المشاركة في العديد من البطولات العربيّة الخاصة بذوي الإعاقة بسبب إغلاق المعابر، وآخرها مسابقة ألعاب القوى لفئة ذوي الإعاقة في الكويت التي انتهت قبل أسابيع، وبطولة مماثلة أخرى في تونس قبل أشهر عدّة.

ويلفت علاء إلى أن نسبة كبيرة من الأشخاص ذوي الإعاقة في غزّة، يعانون من العزلة وسط غياب لأبسط حقوقهم. لكنه يصرّ على وجوب انخراطهم أكثر في المجتمع، "هكذا يتعلمون الابتسام".
تجدر الإشارة إلى أن لعلاء ثلاث أخوات قصيرات القامة أيضاً. لكنهنّ نجحن في الانخراط في المجتمع، فاثنتان منهنّ تعملان في المحاسبة والثالثة في مجال الخدمة الاجتماعيّة.
دلالات
المساهمون