أحدث هذه المحاولات يأتي عبر "تفخيخ" الوفد المفاوض، من خلال اللعب على قائمة "المنظمات الإرهابية" التي يشترط النظام السوري تحديدها قبل بدء المفاوضات، إذ يعمد الروس إلى مقايضة قبول روسيا بفصيلي حركة "أحرار الشام" الإسلامية، و"جيش الإسلام"، بموافقة الولايات المتحدة على الضغوط الروسية للقبول بشخصيات عديدة تريدها موسكو.
ويؤكد عضو الائتلاف السوري المعارض، سمير نشار، وجود ضغوط سياسية روسية، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن "روسيا تضغط على الهيئة العليا للمفاوضات عن طريق الابتزاز السياسي، عبر القول إن (أحرار الشام) و(جيش الإسلام) منظمتان إرهابيتان وهناك ضرورة لإبعادهما عن المفاوضات"، لافتاً إلى أن "روسيا تعرف في الوقت نفسه أن هذين الفصيلين كانا قد وقّعا على البيان الختامي الذي يدعو إلى الحل السياسي".
ويوضح نشار أنه "مع رفض الهيئة العليا لهذا المطلب، يمكن للوسيط الأميركي أو الدولي أن يطرح مقابل القبول بـ (أحرار الشام) و(جيش الإسلام)، قبول شخصيات مثل (رئيس الاتحاد الديمقراطي الكردي) صالح مسلم، و(رئيس مجلس سورية الديمقراطية) هيثم مناع، ورئيس (الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير) قدري جميل، وآخرين، لتفخيخ وفد المعارضة وزرع الخلافات بين المعارضين"، مبيّناً أن "هذا الضغط هو أحدث شكل من أشكال الضغوط، التي يبدو أن الأميركيين يميلون إلى قبولها".
اقرأ أيضاً: تحفّظات متبادلة تستبق المفاوضات السورية... ولا جدول أعمال بعد
كما تشتكي مصادر في الائتلاف السوري من الضغوط الروسية السياسية، وتكشف عن ضغوط أخرى تعمد روسيا من خلالها إلى إضافة أسماء على الهيئة العليا للتفاوض بالاعتماد على القرار 2254، لخارطة الانتقال السياسي في سورية.
وتقول المصادر لـ"العربي الجديد"، إن "الضغوط الحالية تتجلى في محاولة روسيا إضافة من تعتبرهم معارضة أساسية لا يمكن الذهاب من دونها إلى جنيف، إلى وفد الهيئة العليا للمفاوضات، أو الذهاب بوفد ثالث ينضم للهيئة والنظام السوري في جنيف، وأبرزهم مناع ومسلم وممثله في أوروبا خالد عيسى، وجميل، ورئيس المنبر الديمقراطي السوري سمير العيطة، إضافة إلى أسماء أخرى مثل ريم تركماني وعباس حبيب ورندة قسيس".
وتضيف المصادر أن "روسيا تعتمد على أن جزءاً كبيراً من هذه الأسماء، قد حضرت إما في منتدى موسكو 1 أو 2 أو في مؤتمر القاهرة، وبما أن القرار الدولي 2254، قد وضع في اعتباره الهدف المتمثّل في جمع أوسع نطاق ممكن من أطياف المعارضة، باختيار السوريين الذين سيقررون من يمثّلهم في المفاوضات ويحددون مواقفهم التفاوضية، وذلك حتى يتسنى للعملية السياسية أن تنطلق، وأحاط علماً بالاجتماعات التي عقدت في موسكو والقاهرة وبما اتخذ من مبادرات أخرى تحقيقاً لهذه الغاية، فإن روسيا تعمل باسم القرار نفسه".
أما الأمين العام للائتلاف الوطني السوري، محمد يحيى مكتبي، فيؤكد لـ"العربي الجديد" أن "مثلث العدوان، إيران، والنظام، وروسيا، يريد من المعارضة الجلوس على طاولة التفاوض لتوقيع صكّ استسلام وإذعان"، مشدداً على أنّ "هذا الأمر لن يحدث إطلاقاً"، ومطالباً المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا "بأن يكون حيادياً ونزيهاً".
وينبّه مكتبي إلى أن "الائتلاف لمس أنّ المبعوث الأممي يتجاوب مع الضغوط الروسية والإيرانية، وينقل كل ما يحصل إلى مربع روسيا، التي تبحث عن معارضة وفق قياس (رئيس النظام السوري بشار) الأسد، لتتقاسم معه حكومة لا طعم ولا لون ولا رائحة لها، تكون الوزارات السيادية بيد النظام، ويتكرم بوزارات هامشية مثل الرياضة والسياحة".
وكان المنسّق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، قد اعتبر أن التفاوض مع النظام السوري في أمر لا يملكه، "سيجعل العملية التفاوضية فاقدة للمصداقية ويعرّضها للفشل الذريع". وقال حجاب في تصريحات صحافية مكتوبة الخميس، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، إن "القوى الحليفة للنظام تستهدف الفصائل المعتدلة تحت ذريعة الإرهاب، لذا يتعين إطلاق مبادرة دولية توقف القتال وتوحّد الجهود الدولية في محاربة تنظيم داعش"، مبيّناً أن "الاستمرار في الانتهاكات الإنسانية وإطالة أمد الصراع سيخدم أجندات الجماعات الإرهابية الساعية لاستهداف المنظومات الأمنية العالمية، وأمن أوروبا".
اقرأ أيضاً: سباق المعارضة والنظام على مناطق "داعش" بريف حلب