ومستنداً إلى ما ورد على لسانه، قال المؤرخ أوري ميلشطاين، الذي أجرى المقابلة مع باراك، إن رئيس الوزراء السابق سعى إلى محاولة التوصل لاتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين، مشيراً إلى أن هذا التوجه جاء بعد تمكنه من إنجاز مشروعه الاستراتيجي المتمثل في إخراج جيش الاحتلال من جنوب لبنان.
وأضاف أن باراك كان يحاول إنجاز اتفاقية سلام مع الفلسطينيين لاستكمال مسيرة التسوية التي تمثلت بالتوصل لاتفاق "أوسلو"، التي بدأها كل من رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين ووزير خارجيته شمعون بيريس.
ولفت ميلشطاين إلى أن باراك تحفظ على الملحق الأمني في اتفاق "أوسلو"، حيث شبهه بـ"الجبنة السويسرية"، في إشارة إلى الإشكاليات التي تعتريه.
وأشار ميلشطاين إلى أن باراك قبل توجهه لإنجاز اتفاق نهائي مع الفلسطينيين لم يأخذ بعين الاعتبار فقط تجارب تطبيق اتفاقات "أوسلو، واتفاق" "واي" الذي توصل إليه سلفه بنيامين نتنياهو والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بل تأثر بما ادعى أنه "نمط رؤية الإسلام للاتفاقات والمعاهدات الموقعة مع الآخرين".
وحسب ميلشطاين، فإن باراك يدعي أن نبي الإسلام محمد قام بخرق صلح الحديبية الذي توصل إليه مع قريش بعد عامين من توقيعه، مع أنه كان يفترض أن يمتد لعشر سنوات.
ولفت إلى أن باراك استخلص العبر من إعلان عرفات في جوهانسبرغ بعد نصف عام على التوقيع على "أوسلو" بأن الاتفاق يشبه صلح الحديبية.
وأشار إلى أن باراك كان معنياً باتفاق يحول دون إلحاق الهزيمة بإسرائيل عبر "خطة المراحل"، التي يدعي أن الدول العربية توافقت عليها بعد حرب الأيام الستة في قمة الخرطوم.
وأشار إلى أن هذه المخاوف دفعت باراك إلى تبني إستراتيجية مغايرة خلال مؤتمر "كامب ديفيد" تقوم على التوصل أولاً لاتفاق مشترك على إنهاء الصراع وبعد ذلك بحث التوصل لاتفاق شامل يتم تطبيقه على مراحل.
وعلى الرغم من أن الصحيفة لم تكشف، اليوم الخميس، عن التفاصيل التي أشار إليها باراك والتي أدت إلى فشل "كامب ديفيد"، إلا أنها نقلت عن باراك قوله للرئيس الأميركي حينها بيل كلينتون: "لا يوجد قوة في الدنيا يمكن أن تدفعني للانتحار"، في إشارة إلى أن باراك كان يرد على اقتراح أميركي لا ينسجم مع رؤيته للحل.
ويشار إلى أنه بخلاف ما نسبه ميلشطاين إلى باراك، فإن النبي الكريم لم يبادر إلى خرق صلح الحديبية، بل قريش هي التي أقدمت على ذلك عبر مهاجمتها قبيلة خزاعة التي كانت في حلف مع الدولة الإسلامية في المدينة المنورة.