إيمان أبو صبيح... فلسطينية قتل الاحتلال والدها واعتقل عريسها

31 ديسمبر 2018
الفلسطينية إيمان أبو صبيح (تويتر)
+ الخط -

اعتقلت قوات الاحتلال العريس الشاب رامي الفاخوري، من سكان حي باب حطة بالبلدة القديمة في القدس، قبل أكثر من أسبوعين، وبعد أقل من أسبوع واحد على زفافه على الشابة المقدسية إيمان أبو صبيح، ابنة الشهيد مصباح أبو صبيح.


وجهت لرامي تهمة الاحتفال بزفافه على أنغام أناشيد المقاومة، وتلويح شبان خلال الاحتفال برايات خضراء، وزعَم محققو الاحتلال أنها أعلام حماس، وحين عجزوا عن إثبات التهمة، قرر القاضي الإفراج عنه لعدم وجود مسوّغ لاستمرار اعتقاله أو محاكمته.
فجأة، عرض المحققون ورقة على القاضي، وإذا به يتراجع عن قراره، ويقرر اعتقاله إداريا لمدة ستة شهور بأمر من رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بصفته وزيرا للجيش، وقال القاضي مخاطبا عائلة رامي: "ليس لدي أية صلاحية للاعتراض، حلوا المشكلة مع نتنياهو".


كان هذا مختصر قصة العريس رامي الذي لم يهنأ بزوجته إيمان، إذ كان صديقا مقربا من والدها الشهيد حين كان شباب القدس يندفعون إلى ساحات المسجد الأقصى دفاعا عنه من تغول المستوطنين وجنود الاحتلال.

أما إيمان، فاعتقلت لأول مرة بعد استشهاد والدها في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2016، بعد أن قَتل اثنين من أفراد وحدة "ياسام" الخاصة التابعة لشرطة الاحتلال، وأصاب ستة آخرين في القدس، عقابا لها على مقطع فيديو تتحدث فيه عن ذكرياتها مع والدها الشهيد فجر اليوم الذي نفذ فيه هجومه الفدائي، وكان مقررا في ذلك اليوم أن يسلم نفسه لسلطات الاحتلال ليمضي محكومية بالسجن الفعلي لمدة أربعة شهور.


خلال حديثها عن والدها، لم تخف الابنة اليافعة فخرها بأبيها، وتحدثت بإسهاب عن اللحظات الأخيرة التي جمعتها به حين أيقظها من نومها فجرا، وفرش لها سجادة الصلاة على غير عادته ليوصيها بالحفاظ على صلاتها، ثم يغادر البيت وقد طبع على جبينها قبلة حانية.


بعد نحو ثلاثة أعوام، باتت الفتاة عروس الصديق الصدوق لوالدها رامي الفاخوري، والذي دخل سجون الاحتلال أكثر من مرة. والأسبوع الماضي، عادت إيمان لتقف مجددا أمام القاضي بسبب مقطع الفيديو نفسه، وتهمتها التحريض على الاحتلال، وأمضت بسببها نحو أسبوع محتجزة، قبل أن تتقرر محاكمتها في وقت لاحق، ويفرج عنها بشروط، من بينها الإبعاد عن القدس المحتلة لمدة شهرين، ومنع إجراء اللقاءات والمقابلات الصحافية، ومنع استخدام صفحات التواصل الاجتماعي، وكفالة مالية قيمتها 2500 شيقل.


حاول الاحتلال محاكمتها قبل زفافها بيومين، إلا أن محاميها قدم طلبا بالتأجيل إلى ما بعد الزفاف، وعقدت المحاكمة بعد يوم واحد من تحويل زوجها للاعتقال الإداري، ومرة أخرى أجلت المحاكمة إلى موعد آخر، وكان جداها وأعمامها وأشقاؤها يخشون أن تصدر المحكمة في ذلك اليوم قرارا بحبسها. وقال والد رامي: "خشينا كثيرا على إيمان، فبالأمس زج رامي في الاعتقال الإداري. هل يعقل أن يحدث لإيمان مع حدث مع رامي؟".

ظلت إيمان طويلا، وما زالت منشغلة بأن يظفر جثمان والدها بحريته من صقيع الثلاجات التي يحتجز بها منذ استشهاده قبل نحو ثلاث سنوات، واليوم يشغلها أيضا مصير عريسها الذي قد يمدد الاحتلال اعتقاله بعد ستة شهور، كون هذا النوع من الاعتقال يعطي سلطات الاحتلال حق تمديد حبس المعتقل.

ويخفف عن إيمان، تنفيذها وصية والدها بالمحافظة على صلاتها، ودراسة مهنة الصيدلة التي اختارتها بعد الثانوية العامة التي حصلت فيها على معدل 84% في الفرع العلمي.

ولا يفوت أفراد عائلة أبو صبيح وقفة أو اعتصاماً إلا ويطالبون بتحرير جثامين عشرات الشهداء من ثلاجات الاحتلال، كما يستذكرون الوقائع التي أعقبت استشهاد مصباح، كما يتذكرون معاناة الشهيد وكفاحه الطويل للاحتلال، وهو الذي عرف السجون منذ كان عمره 16 سنة، حين اعتقل للمرة الأولى؛ وأمضى عشرين شهرا، ثم توالت الاعتقالات بعد ذلك، وكان آخرها انتماء الشهيد لما عرف باسم "شباب الأقصى"؛ وكان آخر اعتقال له قبل استشهاده لمدة عام كامل.

وعن استهداف إيمان من قبل الاحتلال، قال عمها جابر: "تعرضت إيمان للاعتقال لمدة ثمانية أيام بحجة تصريحات نقلت عنها عبر وسائل الإعلام حول افتخارها بوالدها؛ وظلت في مراكز التحقيق ممنوعة من الزيارة أو لقاء محاميها تحت التحقيق والاستجواب، ومنذ ذلك الحين تتعرض لمضايقات من خلال جلسات المحاكمة التي تقرر في جلستها الأخيرة الأسبوع الماضي، تأجيل النظر في التهمة الموجهة إليها حتى العاشر من يناير المقبل".

وأضاف جابر أبو صبيح: "لم يقتصر الأمر على ابنة الشهيد، بل تعداه إلى والده الذي تعرض في إحدى جلسات النظر في تحرير جثمان نجله لمحاولة اعتداء من قبل متطرفين يهود. فيما اعتقل الاحتلال نجلَي الشهيد، صبيح وعز الدين، عدة مرات؛ حيث اعتقل عز الدين عقب عملية والده الفدائية وأمضى عاما كاملا بالمعتقل؛ واعتقل صبيح لمدة عشرة أشهر ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى".

وتابع: "ما تعرضت له ابنة شقيقي وأشقاؤها كان عقابا جماعيا من الاحتلال للأسرة، واستمرار احتجاز جثمانه حتى الآن هو إمعان في الانتقام من العائلة، فضلا عن استمرار المحاكمات والاعتقالات، واستمرار الاحتلال في مداهمة منزل الشهيد".

دلالات
المساهمون