إجراءات ومخاوف
المواطن السوري أبو زاهر رمضان، الذي كان يستعد، صباح الإثنين، لنقل زوجته إلى مشفى دمشق العام في منطقة المجتهد، لمراجعة الطبيب بعدما مضى على خضوعها لعملية جراحية أكثر من 15 يوما، بدا القلق واضحا على وجهه، إذ قال لـ"العربي الجديد": "عقب الإعلان عن وجود أول إصابة بفيروس كورونا في سورية، أصبح الذهاب إلى المشفى مغامرة، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين تكون مناعتهم ضعيفة، أو من لديهم أمراض مزمنة، أو خضعوا لعمليات جراحية، كما هو الحال بالنسبة لزوجتي".
وأضاف "عندما خرجنا في الصباح كانت غالبية المحال التجارية مغلقة، لكن كانت هناك حركة أشخاص في الشوارع، وفي وسائل النقل العامة من سيارات الأجرة إلى باصات النقل الداخلي، إلا أنها أقل بكثير مما هو معتاد"، وتابع "لكن في المشفى الوضع كان أكثر ازدحاما، وخاصة في العيادات التي قيل لي إنها ستغلق أبوابها يوم غد الثلاثاء".
أما عائلة أبو طارق مهنا، فقد بدأت تحزم أمتعتها استعدادا للسفر إلى بلدتها خارج دمشق، قبل أن يتوقف النقل بين المحافظات. وقال أبو طارق: "أشعر بأن الحياة غدا ستتوقف بدمشق، مع إغلاق المحلات التجارية وتوقف وسائل النقل مساء الإثنين عن العمل".
وأضاف "تبقى القرية أفضل للعزل، فالمساحات بين المنازل أوسع، ولن نكون بحاجة إلى ركوب وسائل نقل عامة، كما لا يوجد ازدحام على محلات بيع المواد الغذائية والخضر والفواكه، حتى الخبز يتم توزيعه عبر معتمد خاص، وهذا يقينا من الوقوف في الطوابير الكبيرة أمام الأفران".
وكان مدير فرع الشركة السورية للمخابز في دمشق نائل اسمندر، قد تحدث في تصريح صحافي، عن إجراءات خاصة لتنظيم حصول المواطنين على الخبز، عبر تخصيص ممرات جديدة للأفران، وذلك عبر تنظيم حركة الدور على المخابز وآلية دخول وخروج المواطن من المكان المخصص لتأمين المادة وتلافي أي تداخل، عبر خلق مسافات في الدور بالتنسيق مع شرطة المحافظة وشرطة المنطقة التابعة لها، كما تمت إزالة جميع مناشير الخبز قرب الأفران لمنع وقوف المواطن بعد الحصول على الخبز.
كما سيتم إرسال سيارات توزيع خبز لعدد من الأحياء، وقد بدأت في مناطق جنود الأسد والدويلعة ونهر عيشة وعش الورور وتجمع أفران ابن العميد، بمعدل 500 ربطة خبز يومياً لكل منها.
وبيّن أن هذه الإجراءات بدأ تطبيقها بالفعل ويعول عليها في تخفيف الازدحام الحاصل من خلال التنسيق بين وزارتي التجارة الداخلية وحماية المستهلك والداخلية.
أما أنور عبد الحي، وهو سائق ميكروسرفيس على أحد خطوط النقل الداخلي في دمشق، فيجلس أمام منزله الكائن في أحد أحياء جنوب دمشق، يدخن السجائر بشراهة، غارقا في التفكير، يسأل عن احتمال تمديد مدة تعليق عمل وسائل النقل الداخلي.
وكانت حكومة النظام قد أعلنت أنه سيتم تعليق عمل وسائل النقل لمدة 15 يوما، على أن يتم ذلك مساء الإثنين لوسائل النقل الداخلي، ومساء يوم الثلاثاء لوسائل النقل بين المحافظات.
سيقتلنا الجوع قبل كورونا
وقال عبد الحي: "اليوم محتارين إن كنا سنموت من كورونا أم من الجوع، فأنا وأمثالي كثر نعمل بنظام المياومة، إن عملت أحصل على أجر وإن لم أعمل فلا أجر لي، ومع غلاء المعيشة، بالكاد ما أحصل عليه يكفي لتأمين الحاجات الأساسية لعائلتي".
وتابع "فمن أين سأدفع إيجار المنزل بعد أيام، وكيف سأجلب حاجيات عائلتي، وخاصة أنني دفعت مبلغاً إضافياً لشراء بعض المنظفات والمعقمات؟".
يضيف ساخرا "قرأت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أن الحكومة ستوزع على كل أسرة مبلغ 50 ألف ليرة سورية وسلة غذائية، هل يمكن أن تشعر بوجعنا وتوزع هذه المعونة؟"، لكن سرعان ما يجيب نفسه قائلا "إنه حلم إبليس في الجنة".
من جهته، توجه سعيد حلاوة، وهو يعمل في محل لبيع الأقمشة في منطقة الحريقة بقلب دمشق، ليستلم أجرته عن أيام عمله خلال الشهر الحالي؛ ركب باص النقل الداخلي، وراح ينظر من النافذة يراقب المارة، محدثا "العربي الجديد"، عن "ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخاصة الخضر والفواكه، بنسب وصلت إلى 30 في المائة"، وحديث الناس عن عزم الحكومة على فرض حظر تجول في المدينة، بعدما أغلقت الأسواق وعطلت الكثير من الجهات العامة، وقرار إيقاف باصات النقل العام".
وأضاف "سأحاول شراء بعض المواد الغذائية من محل الجملة وأنا عائد إلى المنزل"، معربا عن أمله بأن "لا يطول هذه الوضع"، فهو يشعر بالقلق جراء توقف مصدر رزقه الوحيد.
تزايد الطلب على الكمامات والمعقمات
وحكت الصيدلانية سلوى ق. لـ"العربي الجديد"، طالبة عدم ذكر اسم عائلتها لأسباب خاصة، عن ازدياد الإقبال على شراء المعقمات وخاصة الكحول والكمامات الطبية، التي تزداد أسعارها يوما بعد آخر، لافتة إلى أنه "منذ الإعلان عن انتشار فيروس كورونا في العالم إلى اليوم، ارتفع ثمن عبوة الكحول سعة 200 ملم من 125 إلى 1200 ليرة سورية، والكمامة الطبية من 50 ليرة إلى 250 ليرة، إضافة إلى ازدياد الطلب على فيتامين سي وبعض الأدوية الخاصة بتقوية المناعة والمكملات الغذائية، لكن المشكلة أن هناك نقصا في هذه المستلزمات والأدوية".
ولفتت إلى أن الناس، بحسب ما تراه، "يعيشون حالة من القلق، فمنهم من لديه شعور مضاعف بالخطر، ويحاول أن يخزن أدوية ووسائل وقاية ومعقمات وحتى مواد غذائية، مقابل من يستهتر في التعامل مع مخاطر انتشار الفيروس، فتجد منهم من يضع الكمامة الطبية بطريقة خاطئة، ومنهم من يرتدي قفازا طبيا لكنه يضع يده على وجهه، معتقدا أن القفاز هو الحماية، في حين ينصح بارتدائه ليحمي الشخص من انتقال الفيروس إلى اليدين، وخلال ارتدائه يجب أن لا يلامس وجهه، وينصح أن ينزع بطريقة آمنة ويتم التخلص منه فور الدخول إلى المنزل، إضافة إلى غسل اليدين والوجه بالماء والصابون بشكل جيد".
يشار إلى أن النظام السوري أعلن، يوم الأحد الماضي، عن أول إصابة بفيروس كورونا على الأراضي السورية، بحسب وزير الصحة لديه نزار يازجي، مبينا أنها "فتاة قادمة من خارج البلاد، وحاليا تم اتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل معها"، في حين كان النظام قد أعلن عن حزمة عريضة من الإجراءات الوقائية، آخرها تعليق عمل وسائل النقل العامة وإغلاق المنافذ الحدودية.