إيضاح حول "وزير الثقافة العراقي"
تحت عنوان "في مسألة وزير الثقافة العراقي"، كتب الأستاذ معن البياري مقالاً في موقع وصحيفة "العربي الجديد" (الخميس: 11سبتمبر/ أيلول الحالي)، تعليقاً على/ وانطلاقاً مما كنتُ علّقتُ به على توزير فرياد راوندوزي على الثقافة في الحكومة العراقية.
ولكي لا نقع في الالتباسات التي قد يجرنا إليها التعليق، فأظهر وكأني معادٍ لـ"القومية الكردية"، ومنكراً على من ذكر من أسماء أدبية، كردية الأصول، ما كان لها من حضور ثقافي باللغة العربية، التي لم يعرف عنهم أنهم كتبوا بسواها، أو انتموا إلى ثقافة غير ثقافتها... ودفعاً لأي لبس، أو سوء تفسير، أود ايضاح الآتي، وأرجو نشره عملاً بحق الرد:
فما كتبته معترضاً على استيزار سياسي كرديّ على الثقافة في العراق، لم يكن منطلقه "كردية الوزير"، لأتلقى من المعترضين حشداً من الأسماء الثقافية والأدبية التي عُرفت بحضورها، وربما بدور بعضها في الثقافة العربية، ماضياً وحاضراً.. فأنا لا اعتراض لي على "الأصل" الذي منه ينحدر الشخص المستوزر، وإنما على "الشخص بذاته"، بما له من وضع سياسي ـ حزبي، وموقع، يجعل من عملية استيزاره على الثقافة أمراً لا يخدم الثقافة خدمة حقيقية، ولا يُقدم للمثقف العراقي ما يرجوه. فإن كان أحد المعروفين بتلونهم السياسي قد وصفه بـ"المثقف الكبير" فذلك لا يكفي شهادة على أهلية الرجل الذي لم يُعرف عنه، وليس للواقع الثقافي في العراق منه ما يُدلّل على ذلك ويؤكده.. فضلاً على أننا، مثقفين عراقيين، لا نعرف عن الرجل شيئاً قبل أن يُصبح رئيساً لتحرير صحيفة "الاتحاد"، لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو "منصب حزبي"، لا يدل، بالضرورة، على الأهلية والكفاءة في مجال آخر كمجال الثقافة.
ومن هذا الموقع، أصبح "عضواً دائماً" في الوفد المفاوض مع "الطرف الآخر" في الحكومة العراقية الهزيلة، فبرز بالتزامه قضيته، وتعصبه لقوميته، وتأديته المهام الموكولة إليه بأمانة وإخلاص لحزبه ولقوميته.
وجه الاعتراض، إذن، هو: كونه سياسياً صرفاً، وليس صاحب حضور ودور في الحياة الثقافية في العراق، ناهيك عن الثقافة العربية.
وعلى هذا، فإن ما حلً بالثقافة، وزارة ومؤسسات من بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وتدمير بناه كافة، وفي المقدمة منها البنى الثقافية، فنخرها، وأشاع الجهل، وأوكل للجهّل بالعملية الثقافية شؤونه، وسيّدَ عليها الأميين ثقافة من الوزراء.. فإن هذا لا يعني القبول باستمرار ذلك.
ومجيء وزير جديد له مثل هذه "المؤهلات" التي ذكرنا، وبحماسه الحزبي الذي يُمليه عليه التزامه، لا يعني أنه سيخرج بها من ذلك، أو يُخفف من حدّته.. فهو بحكم "حماسه الحزبي" الذي بدا في اجتماعاته السياسية، والتزامه "منطق الحزب" في المفاوضات، وتعصبه لقوميته، من يضمن أن لا يجعل منها "واجهة سياسية"، تخدم ما سبق ذكره، وليس "الثقافة الكردية" التي ما تزال ثقافة في طور النشوء... فيحوِّل الوزارة إلى غير ما ينبغي أن تكون له.
أودّ، مرة اخرى، أن أؤكد أنني لم أعترض على توزير السيد راوندوزي على الثقافة لكرديته، بل لبعده الكليّ عن الثقافة وشؤونها والعمل الثقافي وبرامجه.. وهو ما قد يقود هذه الوزارة إلى أرذل العمر، وهناك من استرذلها منذ أيام "مجلس الحكم" فوصفها أحد طيّبي الذِكْر بأنها "وزارة أم الجمبارات"(التي تستخدم للايقاع الراقص). أما أن يكون الوزراء السابقون الذين توالوا عليها أردأ من وزيرها الجديد المعيَّن، أو أفضل بقليل، فليس من الصحيح أن نجعل من الرديء مبدءًا للقياس.