ويقع جبل سنجار أقصى شمال العراق، على الحدود بين محافظتي نينوى العراقية والحسكة السورية، ويبلغ ارتفاعه 1400 متر، ويسكنه أتباع الديانة الإيزيدية وبعض العرب والمسيحيين منذ مئات السنين، ويعتبره الإيزيديون من أماكنهم المقدسة.
وقال حمه شيخو، أحد وجهاء الإيزيديين في سنجار لـ"العربي الجديد": "في الثالث من أغسطس/آب 2014، كان الإيزيديون على موعدٍ مع حدثٍ خطير سبّب لهم كثيراً من الآلام حين هاجم تنظيم "داعش" منطقة جبل سنجار وقتل نحو 500 شاب ورجل إيزيدي، وخطف نحو خمسة آلاف فتاة وامرأة إيزيدية، وبعد 48 ساعة من ذلك الهجوم حوصرت 30 ألف عائلة في جبل سنجار بلا ماء ولا طعام وتوفي حينها نحو سبعين طفلاً وخمسين شيخاً من شدة العطش".
وتابع شيخو "كان يوماً أسود في تاريخ الإيزيديين، وقد فر آنذاك أكثر من 200 ألف إيزيدي هرباً من القتل على يد التنظيم إلى كردستان بنسائهم وأطفالهم هائمين على وجوههم بحثاً عن الأمان".
ولا يختلف حال بعض الأقليات الأخرى عن حال الإيزيديين فقد هجر منطقة جبل سنجار والمناطق المحيطة به عدد كبير من الشبك والتركمان والمسيحيين، وتحصّنوا في جبل سنجار هرباً من "داعش"، بعد سيطرته على بلدات تلعفر وسنجار في محافظة نينوى.
وقال الناشط هوسر آزاد إن "مائتي ألف إيزيدي وعدداً كبيراً من التركمان والشبك والمسيحيين فروا من بلدات سنجار وتلعفر بعد سيطرة تنظيم الدولة "داعش" على الموصل، وكانوا في أوضاع إنسانية قاسية بلا ماء ولا طعام، واتخذوا من كهوف الجبل وشعابه مأوى لهم خشية ملاحقتهم من قبل التنظيم، وكان من الصعوبة البالغة إيصال الماء والغذاء لهم، فلجأت الحكومة إلى إيصال تلك المواد عبر المروحيات لإنقاذهم".
وبين آزاد أن "أكثر من 16 مخيماً للإيزيديين منتشرة في عدة مناطق بكردستان تضم من فروا قبل عام، وكثير منهم اليوم قدموا أوراقهم للأمم المتحدة طلباً للجوء الإنساني في الدول الأوروبية".
ودان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، بان كوبيش، في بيان ما وصفها "بالمأساة البشعة" التي ارتكبها التنظيم في سنجار عام 2014، بهدف إبادة مجتمعات بأكملها على خلفيات ومعتقدات دينية".
وأوضح كوبيش "عاجلاً أو آجلاً سيقدم المحرضون على هذه الجرائم ومرتكبوها إلى العدالة وستتم معاقبتهم، ولن ننسى تلك الجريمة البشعة التي ارتكبوها بحق الإنسانية على أسسٍ عرقية ودينية".
وحذر كوبيش من تغييرات ديمغرافية في المنطقة، قد تهدد النسيج الاجتماعي في العراق، مؤكداً وقوف المجتمع الدولي إلى جانب العراق لمساعدته في مواجهة هذه الأزمة، ومبيناً أنَّ مؤتمراً دولياً سينطلق في باريس بشأن ضحايا الهجمات العرقية والدينية في الشرق الأوسط، وفق خطة أعدتها الأمم المتحدة.
من جانبه تذكّر مجلس النواب العراقي واقعة جبل سنجار في حفل تأبيني أقامه لمناسبة مرور عامٍ على سيطرة "داعش" على تلك المنطقة، وقال رئيس الجمهورية العراقية، فؤاد معصوم، في كلمة له إنَّ "الإرهابيين ارتكبوا فظائع في سنجار تتطلّب عرضها على الجهات الدولية باعتبارها جرائم ضد الإنسانية".
واستنكر علماء دين وشيوخ عشائر ما جرى للإيزيديين في منطقة جبل سنجار قبل عام، موضحين أنَّ الإسلام لا يسمح بالاعتداء على أتباع الديانات والأقليات على أسس عرقية أو عقائدية، وبين رجل الدين محمد عبد السميع العبيدي أنَّ "ما جرى للإيزيديين على يد تنظيم الدولة لا يختلف عما جرى لأهالي الفلوجة وجرف الصخر وصلاح الدين وديالى على يد المليشيات الشيعية من قتل وذبح وتشريد، وهذا لا يمت إلى الإسلام بصلة".
فيما استنكر شيوخ عشائر عرب ما تعرض له الإيزيديون، وبين الشيخ علي الموصلي أنَّ "نينوى ولآلاف السنين شهدت تعايشاً رائعاً لمختلف الديانات والأعراق والطوائف"، مشدداً على أن شيوخ العشائر "لا يقبلون بأي اعتداء على أي من مكونات الشعب العراقي".