22 نوفمبر 2024
إيران ونظرية الحائط
خلال التدريبات العسكرية، يُنصح الجنود بأنهم، في أثناء الاشتباكات مع الأعداء، لا يجب أن يحشروا عدوهم في زاوية وظهره إلى الحائط. سبب هذه النصيحة أن وضع العدو في هذه الحالة المستعصية سيجعله في مرحلة استشراس قصوى للحفاظ على حياته، وهو ما يدفعه إلى أفعالٍ لا يمكن التكهن بها، أو إلى خياراتٍ انتحاريةٍ مؤذية. لذا، من المفضل دائماً، بحسب التعليمات العسكرية، ترك منفذ مفتوحٍ للطرف الآخر يبقي له طاقة أمل في إمكان البقاء.
مناسبة سرد هذه النظرية هو الوضع الإيراني اليوم بعد العقوبات الأخيرة التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ليس على طهران فحسب، بل على كل الدول والشركات التجارية الأميركية والأوروبية التي تتعامل مع إيران، فهذه العقوبات تبدو الأقسى، منذ بدء الأزمة بين إيران والغرب، وباتت أصداؤها تتردد على ألسنة المسؤولين الإيرانيين، وتداعياتها تظهر في الحياة اليومية للإيرانيين، وفي أبسط الأشياء.
على سبيل المثال، لم يتمكن المنتخب الإيراني لكرة القدم المشارك في كأس العالم في روسيا من الحصول على أحذية من شركة "نايك" العالمية، بسبب العقوبات الأميركية. في السياق نفسه، اشتكى مدرب المنتخب الإيراني، البرتغالي كارلوس كيروش، من أن منتخبات عالمية كثيرة ترفض لعب مباريات ودية مع إيران خشية العقوبات الأميركية، وذلك بعدما اعتذر المنتخب اليوناني عن اللعب، فلجأ الإيرانيون إلى منتخب ليتوانيا. وقال المدرب "إنهم ينتقدوننا كثيرا، لكن على من يفعل ذلك أن يعلم أن إيران تعاني من مشاكل، لا أحد يريد أن يلعب معنا".
كذلك الأمر بالنسبة إلى الصفقات التي أبرمتها إيران بعد توقيع الاتفاق النووي، والتي باتت تنهار الواحدة تلو الأخرى، بعدما أعلنت بوينغ الانسحاب من صفقة الطائرات مع إيران، وهو ما دفع طهران إلى التوجه نحو مقاضاة الشركة الأميركية.
هذه الأصداء المعلنة للعقوبات الأميركية لا بد أن لها تداعيات مكتومة كثيرة في الداخل الإيراني، وخصوصاً على الصعيد الشعبي الذي احتفل برفع العقوبات بعد توقيع الاتفاق النووي، ثم ما لبث أن صدم بالانسحاب الأميركي منه، والعودة إلى عقوبات أقسى من ذي قبل، وخصوصاً أن الأوروبيين المتمسكين بالاتفاق لم يعودوا قادرين على الإكمال فيه وحدهم، وشركاتهم باتت مهددة أيضاً بسيف العقوبات، بل بدأت بعضها فعلياً بالخروج من السوق الإيراني، على غرار ما فعلت بعض شركات السيارات التي أعلنت سابقاً نيتها فتح مصانع لها في طهران.
تداعيات داخلية من هذا النوع بدأت تقلق النظام في إيران، خصوصاً فريق المحافظين الذين كانوا معارضين بالأساس للاتفاق النووي، غير أنهم استفادوا لاحقاً من رقع القيود الغربية للمضي في "تصدير الثورة". يبدو القلق بشكل واضح في تصريحات رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، والتي أظهرت أن طهران فعلياً بات "ظهرها إلى الحائط"، وهي مستعدة للقيام بأي شيءٍ للخلاص من الأزمة الجديدة التي تعيشها. إذ نقل التلفزيون الرسمي عن لاريجاني قوله للمتظاهرين، في يوم القدس العالمي، إن "إسرائيل والسعودية هما مصدر الفوضى في المنطقة. مثلث الشر المكون من إسرائيل والسعودية وأميركا يسعى إلى عزل إيران، ويريد تحويل المنطقة إلى مشهد فوضوي.. أمن المنطقة سيكون مهدّداً إذا ما حاصروا طهران".
تهديد واضح وصريح، غير أنه مشكلته الأساسية أنه جاء متأخراً جداً، فأمن المنطقة ليس مهدّداً، بل هو في حالة اشتعال منذ فترة، والفضل في ذلك لإيران وغيرها من الدول، ومنها إسرائيل والسعودية وأميركا التي ذكرها لاريجاني في تصريحه، لكنه أغفل دور بلاده أيضاً.
مناسبة سرد هذه النظرية هو الوضع الإيراني اليوم بعد العقوبات الأخيرة التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ليس على طهران فحسب، بل على كل الدول والشركات التجارية الأميركية والأوروبية التي تتعامل مع إيران، فهذه العقوبات تبدو الأقسى، منذ بدء الأزمة بين إيران والغرب، وباتت أصداؤها تتردد على ألسنة المسؤولين الإيرانيين، وتداعياتها تظهر في الحياة اليومية للإيرانيين، وفي أبسط الأشياء.
على سبيل المثال، لم يتمكن المنتخب الإيراني لكرة القدم المشارك في كأس العالم في روسيا من الحصول على أحذية من شركة "نايك" العالمية، بسبب العقوبات الأميركية. في السياق نفسه، اشتكى مدرب المنتخب الإيراني، البرتغالي كارلوس كيروش، من أن منتخبات عالمية كثيرة ترفض لعب مباريات ودية مع إيران خشية العقوبات الأميركية، وذلك بعدما اعتذر المنتخب اليوناني عن اللعب، فلجأ الإيرانيون إلى منتخب ليتوانيا. وقال المدرب "إنهم ينتقدوننا كثيرا، لكن على من يفعل ذلك أن يعلم أن إيران تعاني من مشاكل، لا أحد يريد أن يلعب معنا".
كذلك الأمر بالنسبة إلى الصفقات التي أبرمتها إيران بعد توقيع الاتفاق النووي، والتي باتت تنهار الواحدة تلو الأخرى، بعدما أعلنت بوينغ الانسحاب من صفقة الطائرات مع إيران، وهو ما دفع طهران إلى التوجه نحو مقاضاة الشركة الأميركية.
هذه الأصداء المعلنة للعقوبات الأميركية لا بد أن لها تداعيات مكتومة كثيرة في الداخل الإيراني، وخصوصاً على الصعيد الشعبي الذي احتفل برفع العقوبات بعد توقيع الاتفاق النووي، ثم ما لبث أن صدم بالانسحاب الأميركي منه، والعودة إلى عقوبات أقسى من ذي قبل، وخصوصاً أن الأوروبيين المتمسكين بالاتفاق لم يعودوا قادرين على الإكمال فيه وحدهم، وشركاتهم باتت مهددة أيضاً بسيف العقوبات، بل بدأت بعضها فعلياً بالخروج من السوق الإيراني، على غرار ما فعلت بعض شركات السيارات التي أعلنت سابقاً نيتها فتح مصانع لها في طهران.
تداعيات داخلية من هذا النوع بدأت تقلق النظام في إيران، خصوصاً فريق المحافظين الذين كانوا معارضين بالأساس للاتفاق النووي، غير أنهم استفادوا لاحقاً من رقع القيود الغربية للمضي في "تصدير الثورة". يبدو القلق بشكل واضح في تصريحات رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، والتي أظهرت أن طهران فعلياً بات "ظهرها إلى الحائط"، وهي مستعدة للقيام بأي شيءٍ للخلاص من الأزمة الجديدة التي تعيشها. إذ نقل التلفزيون الرسمي عن لاريجاني قوله للمتظاهرين، في يوم القدس العالمي، إن "إسرائيل والسعودية هما مصدر الفوضى في المنطقة. مثلث الشر المكون من إسرائيل والسعودية وأميركا يسعى إلى عزل إيران، ويريد تحويل المنطقة إلى مشهد فوضوي.. أمن المنطقة سيكون مهدّداً إذا ما حاصروا طهران".
تهديد واضح وصريح، غير أنه مشكلته الأساسية أنه جاء متأخراً جداً، فأمن المنطقة ليس مهدّداً، بل هو في حالة اشتعال منذ فترة، والفضل في ذلك لإيران وغيرها من الدول، ومنها إسرائيل والسعودية وأميركا التي ذكرها لاريجاني في تصريحه، لكنه أغفل دور بلاده أيضاً.