إيران: مباحثات فيينا "بناءة" وسنواصل تقليص تعهداتنا حتى تتحقق مطالبنا​

28 يوليو 2019
اجتماع فيينا يناقش شكاوى إيران (أليكس هالدا/ فرانس برس)
+ الخط -
وصفت إيران اجتماع فيينا، اليوم الأحد، بـ "البناءّ"، مؤكدة أن المباحثات  جرت "على نحو جيد وسط أجواء إيجابية"، مشيرة إلى أنها "ستواصل تقليص تعهداتها النووية إلى حين تنفيذ مطالبها"، المتمثلة في تسهيل بيع نفطها ومعاملاتها المصرفية والمالية، وهما الخاضعان بشكل كامل للعقوبات الأميركية.

وأعلن المساعد السياسي للخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، بعيد مشاركته في اجتماع اللجنة المشتركة للأطراف المشاركة في الاتفاق النووي، في فيينا، أن الاجتماع ناقش "شكاوي إيران والدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) حول طريقة تنفيذ كل طرف للاتفاق النووي"، مضيفا أن كل طرف عبر عن موقفه و"جرت مباحثات جيدة".

وأوضح أن الاجتماع ناقش "التطورات الأخيرة سواء تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول تقليص إيران لتعهداتها أو عدم تنفيذ الأطراف الأوروبية لتعهداتها تجاه الاتفاق النووي"، لافتا إلى أن "المناقشات كانت تفصيلية وبناءة".
وأكد عراقجي "لا يمكنني القول إننا قمنا بحل جميع المشاكل، لكن قُدمت تعهدات كثيرة".
ومضى عراقجي قائلا إن جميع الأطراف المتبقين في الاتفاق النووي أكدوا على "الالتزام بتعهداتهم للحفاظ عليها"، مشددا، في ذات الوقت، على أن إيران ستواصل مسار تخفيص تعهداتها النووية إلى حين تحقيق مطالبها.
وأضاف المسؤول الإيراني أن "المشاكل جادة ويجب رفعها"، لافتا إلى اتفاق المجتمعين على "عقد اجتماع لوزراء الخارجية (للدول الأعضاء) لاحقا".
وقال في هذا الصدد إن اجتماع وزراء الخارجية "بحاجة إلى تحضيرات وتمهيدات"، مشيرا إلى احتمال عقد اجتماعات أخرى على مستوى الخبراء "لكي يخوض الوزراء مناقشات أكثر جدية لتحقيق إنجازات ملموسة".
وأوضح أنه "تقرر أن تبدأ فرق العمل في المجالات الاقتصادية أعمالها قريبا"، مضيفا أن الهدف من ذلك هو "الوصول إلى حلول عملياتية لتنفيذ الاتفاق النووي".
وقبيل بدء اجتماع فيينا، اليوم، قال عراقجي في تصريحات للتلفزيون الإيراني، "لا نريد جلسة استعراضية لالتقاط صور، بل نريد اجتماعاً يحقق نتائج واضحة".
وأشار عراقجي، إلى أن اجتماع اليوم في فيينا يأتي تحضيراً لاجتماع مرتقب سيعقد لاحقاً على مستوى وزراء خارجية الأطراف المشاركة في الاتفاق النووي، قائلاً إن "أحد المواضيع التي سيناقشها المجتمعون اليوم هو تحديد جدول أعمال اجتماع وزراء الخارجية".
وذكر عراقجي أن توقيف بريطانيا لناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" في مياه جبل طارق في الرابع من الشهر الجاري، يعتبر "انتهاكاً للاتفاق النووي وعلى الدول الأعضاء في الاتفاق ألا تمنع الصادرات النفطية الإيرانية"، مشددا على أنه ستتم مناقشة هذا الموضوع خلال اجتماع اليوم للجنة المشتركة للاتفاق النووي.
وفيما كانت تجري المناقشات في فيينا اليوم الأحد، يخوض وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، مباحثات في طهران، مع الرئيس الإيراني حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني في سياق جهود الوساطة التي تقوم بها سلطنة عمان لخفض التوتر في الخليج، وهددت طهران باستئناف العمل في مفاعل أراك النووي، في محاولة يبدو أنها هدفت إلى الضغط على المجتمعين في فيينا لتلبية مطالبها.



ونقل نائب إيراني عن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، قوله إن إيران بدأت في "إعادة تصميم مفاعل أراك للماء الثقيل".

وقال النائب المتحدث باسم الكتلة الأصولية المستقلة، مهرداد لاهوتي، وفقاً لما أوردته وكالة "تسنيم" الإيرانية، إنّ صالحي قال، اليوم، خلال لقائه مع أعضاء الكتلة، إنّ إيران تنفذ خطوات تقليص تعهداتها النووية بشكل تدريجي.

وكانت طهران قد أعلنت، قبل تنفيذ المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها في السابع من الشهر الجاري، أنها ستقوم خلال المرحلة بتفعيل مفاعل أراك، لكنها أجّلت ذلك واقتصرت خطواتها في المرحلة الثانية على رفع تخصيب نسبة اليورانيوم إلى 4.5 في المائة، أي أكثر من 3.67 في المائة، وهو الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي.
وفي الوقت التي دشنت فيه المرحلة الثانية من تقليص التعهدات، أعلن المساعد السياسي للخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، أنه "تم تأجيل تحديث مفاعل أراك بعد حصول تقدم فني في المباحثات مع الدول الأعضاء في الاتفاق النووي لتنفيذ تعهداتها في ما يتعلق بهذا المفاعل".
وهدد عراقجي بأن بلاده "ستعيد تشغيل مفاعل أراك في حال لم يلتزم أعضاء الاتفاق النووي بالجدول الزمني المتفق عليه حول تنفيذ تعهداتهم تجاه هذا المفاعل".
وانعقد الاجتماع الجديد في فيينا، بينما عقد الاجتماع السابق في الثالث من يوليو/ تموز في المدينة نفسها، وأخفق في تحقيق نتائج تنقذ الاتفاق النووي. واعتبرتها طهران "غير كافية" لتعود إلى تنفيذ كامل تعهداتها النووية، على الرغم من ترحيبها "الخجول" بإعلان الترويكا الأوروبية الشريكة في الاتفاق (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) تدشين آلية "إنستكس" المالية، التي أسستها هذه الأطراف أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي.
وبعد أربعة أيام من الاجتماع، في السابع من الشهر الجاري، نفذت إيران المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، التي شملت رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 4.5%، متخطية عتبة الـ 3.67% المنصوص عليها في الاتفاق النووي.

كما أن اللجنة المشتركة للاتفاق النووي اجتمعت اليوم الأحد على وقع منح إيران مهلة الستين يوماً الثانية لشركاء الاتفاق النووي، لتنفيذ مطالبها المتمثلة في تسهيل بيع نفطها ومعاملاتها المصرفية المحظورة.
وتنتهي المهلة في السابع من سبتمبر/أيلول القادم، قبل أن تنتقل طهران إلى تنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص التعهدات النووية، التي لم تعلن عن الخطوات التي ستتخذها فيها، لكنها بعد تنفيذ المرحلة الثانية، أطلقت تهديدات بأنها قد تشمل رفع مستوى التخصيب إلى أكثر من 20%، ملوحة في الوقت نفسه بالانسحاب من الاتفاق النووي.
وتؤكد طهران أن الأطراف الأوروبية "لم تف بتعهداتها" حتى اللحظة، وأن قناة "إنستكس" رغم إعلان تدشينها، لم تنفذ أي عمليات مالية بعد، معتبرة هذه القناة "مقدمة لتنفيذ أوروبا 11 تعهداً"، كانت قد وعدت الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) إيران بتنفيذها بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في الثامن من مايو/ أيار 2018، كما يقول وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف. وأوضح ظريف أن هذه التعهدات تشمل مجالات اقتصادية، مثل بيع إيران نفطها وتسهيل معاملاتها المالية، لتتمكن من جني ثمار مكاسبها الاقتصادية من الاتفاق النووي.

وخلال الأسبوع الماضي، أوفد الرئيس الإيراني حسن روحاني، المساعد السياسي للخارجية عباس عراقجي، إلى فرنسا "كمبعوث خاص" لنقل رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في إطار حراك دبلوماسي تقوده باريس للحفاظ على الاتفاق النووي.
وسبقت زيارة عراقجي لباريس زيارة المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق من الشهر إلى طهران، حاملاً رسالة إلى روحاني.
ويهدف الحراك الفرنسي الذي تأثر أخيرا بأزمة الناقلات بين طهران ولندن، إلى إيجاد حلول للحفاظ على الاتفاق النووي من جهة، وبما يساهم ذلك من جهة أخرى في خفض التصعيد والتوترات في المنطقة.
وتحدثت وسائل إعلام إيرانية أخيرا عن أن فرنسا تقدمت بمقترح تحت عنوان "التجميد مقابل التجميد"، أي أن تجمد إيران خلال هذه المرحلة تقليص تعهداتها النووية مقابل أن توقف واشنطن عقوبات في المجال النفطي، بحيث تمنح إعفاءات لبعض مشتري النفط الإيراني لمواصلة شرائه.
والأربعاء الماضي، أشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إلى أن دولا، لم يسمها، "قدمت مقترحات كثيرة لنوقف تقليص تعهداتنا، على أساس أن تقوم الأطراف الأخرى بخطوات"،
وأكد روحاني أن هذه المقترحات "لم تكن متوازنة ومتعادلة، لافتا إلى أن "تقليص التعهدات أمر مؤقت، وفي حال نفذت بقية الأطراف تعهداتها سنعود إلى مرحلة ما قبل تخفيص التعهدات".
وتشترط طهران تمكنها من بيع نفطها وتسهيل معاملاتها المالية والمصرفية لكي تنفذ كامل تعهداتها النووية المنصوص عليها في الاتفاق النووي.