إيران أعدّت سيناريوهات للالتفاف على الحظر النفطي والمالي

09 نوفمبر 2018
الريال الإيراني أكبر المتأثرين بالتدابير العقابية الأميركية (Getty)
+ الخط -

لا تبدي طهران قلقاً كبيراً من حصول تبعات ثقيلة على ميزان مبيعاتها النفطية، فقد باتت النية الأميركية المعلن عنها سابقاً والرامية لتصفير عداد الصادرات النفطية بحكم المنتهية بالنسبة لها، لا سيما بعد أن منحت واشنطن إعفاءات لتسع دول أحدثها العراق، فسمحت لها بشراء النفط الإيراني وكذا استيراد الكهرباء والغاز وإنما بشروط.

لكن وبذات الوقت بدأت طهران تتحدث عن بدائل ستتبعها في الفترة المقبلة، لتستمر ببيع النفط، الذي تشكّل عائداته شرياناً وعصب حياة لاقتصادها، رغم يقينها أيضاً بأن معدل الصادرات سينخفض ولن يبقى على حاله، بحسب مسؤولين فيها.

وفي تصريح لرئيس منظمة تنمية التجارة الإيرانية مجتبى خسروتاج نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية منتصف الأسبوع، فإن شركات تصدير النفط في بلاده لديها الخبرة للالتفاف على الحظر الأميركي المجرّب سابقاً، دون أن ينفي أن طهران تواجه حرباً اقتصادية حقيقية.

كما رأى خسروتاج أنه لا ينبغي الإفصاح عن الخطط والسياسات البديلة لإنقاذ النفط الإيراني في ظل هذه الظروف الحساسة على حد تعبيره، ونوه لوجود حذر شديد في التعامل مع مسألة تأمين بضائع الداخل، وهو ما جعل الحكومة تخفّض صادراتها من السلع بشكل متعّمد في الفترة الأخيرة.

وفي هذا السياق، قال العضو في لجنة الطاقة البرلمانية علي غلمرادي إن لدى إيران دراية كاملة بالعقوبات الأميركية التي وصلتها أخيراً وبنتائجها المتوقعة كونها اختبرتها سابقاً، مؤكداً هو الآخر على وجود سيناريوهات وخطط بديلة لضمان بيع النفط مستقبلاً، موضحاً أنه لا يمكن الإعلان عنها وهو ما اتفق عليه مجلس الشورى والحكومة معاً.

وتابع غلمرادي في حديثه مع "العربي الجديد" بالقول إن إيران ستتخذ القرارات المناسبة وهناك خطط أصبحت جاهزة، منوهاً أن البلاد ستستفيد من القدرات المحلية، ومن العلاقات الدولية، فهذا ضروري للصمود بوجه ما وصفه بالقرارات الأميركية أحادية الجانب.




إلا أنه أشار إلى خيار بيع النفط عبر البورصة وشركات القطاع الخاص في إيران، وهذا بحد ذاته قد يساهم بالالتفاف على العقوبات التي ستطاول شركات النفط الحكومية أولاً.

وأبدى العضو في لجنة الطاقة ثقة بنجاعة الخطط المطروحة لأن النفط الإيراني يؤثر مباشرة على السوق العالمية التي لن يسمح الفاعلون فيها بحصول تخبط وارتفاع شديد في الأسعار إثر قلة المُنتج، وهو ما ينعكس بشدة على مورّدي النفط، قائلاً إن الحاجة الدولية ستقف عائقا بوجه تحقيق أحلام الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب.

وعن التوقعات، لم ينف المسؤول الإيراني احتمال حصول نتائج سلبية، لكنه أكد أن "الخطط البديلة ستعطي دوراً أكبر للسوق الحرة وللقطاع الخاص، وستفتح مساحة الاستفادة من العلاقات مع شركاء في الإقليم، وهو أمر مجرب سابقا وترك نتائج إيجابية، وما يريده المعنيون في إيران اليوم مرتبط بضرورة تقليص الخسائر للحد الأدنى".

من ناحيته، أشار المفاوض النووي السابق والسفير الإيراني الحالي في لندن حميد بعيدي نجاد، إلى أن مؤسسات ومنظمات الطاقة الدولية توقعت سابقاً انخفاض صادرات نفط بلاده إلى ما دون المليون برميل في اليوم بعد وصول الحظر الأميركي، لكن استمرار شرائه من قبل ثماني دول وخاصة تلك الآسيوية جعل التوقعات الخاصة بالأرقام ترتفع إلى مليون و850 ألف برميل، موضحاً في صفحته على إنستغرام أن الطرق التي ستتخذها إيران من شأنها رفع صادرات النفط خلال فترة العقوبات عن الحد الذي كانت تتخيله أميركا.

ولتحقيق ذلك يدور الحديث عن العديد من السبل والطرق وليس عن الإعفاءات الأميركية وحسب، فوكالة بلومبيرغ الأميركية رأت أن الحظر الأميركي لوحده لن يوقف صادرات نفط إيران، فهناك سبل للبيع بشكل غير رسمي، أو عبر وسائط، إلى جانب وجود احتمال مقايضة النفط بالسلع، وهي الخيارات التي قد تقررها وتتبعها إيران لبيع 800 ألف برميل نفط يومياً.

وكان روبين ميلز المدير التنفيذي لشركة (قمر) انيرجي للطاقة وزميل سابق غير مقيم لشؤون لطاقة في مركز بروكنجز الدوحة قد قال إن إيران كانت قادرة على تحريك 200 ألف برميل في اليوم بشكل سري، وهذا ما من شأنه تحسين وضعها المالي حتى لو أنه لا يترك تأثيراً بالغاً على السوق العالمية.

وتوقعت مؤسسة "فاكتز غلوبال إنرجي" في وقت سابق، أن تبيع إيران 800 ألف برميل في اليوم في عام 2019، منها 20 ألفا عن طريق جارتها العراق، إلى جانب أنها ستستخدم أفغانستان وباكستان لتمرير النفط.

وذكر الخبير في الشؤون الاقتصادية علي دوستي أن لدى وزارتي الصناعة والنفط خططا عدة، وتعتمد كثيراً على العلاقات مع الجيران، وعلى سبيل المثال فإن تركيا وأفغانستان إلى جانب بعض الدول المجاورة، قد تفتح الباب أمام إيران لإخراج نفطها، وهو ما قد يشكّل لها متنفساً اقتصادياً مستقبلاً.

وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن العلاقات مع بعض الدول الآسيوية كالهند والصين ستساعد إيران كثيراً، مشيراً إلى خطط مقايضة النفط بالسلع كذلك، فضلاً عن بيع النفط بالعملة المحلية وهو ما يعني التفاف إيران على نظام التحويلات المالية المستهدف بعقوبات أميركا كذلك، مشيراً إلى أن طهران ستعتمد على أفراد وشركات كما حصل خلال زمن العقوبات المشددة في العام 2011، ورأى أنه من الطبيعي أن تتعامل البلاد مع تفاصيل هذه الخطط بتحفظ وسرية.

وبحسب منظمة أوبك، فقد حققت إيران معدلات صادرات تجاوزت مليونين ومائة ألف برميل، وتعتمد طهران في موازنتها على العائدات الناجمة عن هذه الصادرات بشكل كبير، كما أن 65% من زبائن نفطها من الآسيويين، ويأتي من بعدهم مشترون أوروبيون.
المساهمون