إيبولا يزيد من معاناة ليبيريا وانتقادات للمشاركة الدولية

28 سبتمبر 2014
إيبولا مازال يحصد الأرواح (GETTY)
+ الخط -

وضعت كبيرة المسؤولين الطبيين في ليبيريا نفسها قيد الحجر الصحي مدة 21 يوماً، عقب وفاة مساعدتها متأثرة بمرض إيبولا. قالت برنيس دان، نائبة وزير الصحة، التي مثلت ليبيريا في مؤتمرات إقليمية عن مكافحة الوباء المستمر، اليوم السبت، إنها لا تعاني من أي أعراض تتعلق بإيبولا إلا أنها تريد التأكد من أنها لم تصب بالعدوى.

وتقول منظمة الصحة العالمية: إن فترة 21 يوماً هي فترة الحضانة القصوى لفيروس إيبولا، الذي قتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص في أرجاء غرب أفريقيا كافة والذي انتشر بقوة خاصة في ليبيريا.

وأفادت إحصاءات منظمة الصحة العالمية التي صدرت الجمعة أن 150 شخصاً لقوا حتفهم في ليبيريا خلال يومين فقط.

وطلبت الحكومة الليبيرية من المواطنين إبقاء أنفسهم معزولين مدة 21 يوماً، إذا كانوا يعتقدون أنهم أصيبوا بالعدوى. ومع ذلك أدى انتشار المرض غير المسبوق الى صعوبات في تتبع عمليات الاتصال بالضحايا، ووضع أولئك الذين ربما يتعرضون للخطر قيد الحجر الصحي.

وعبر عشرات من أقارب مرضى إيبولا انقطعت أخبارهم منذ أيام، عن غضبهم أمام عيادة في حي فقير في مونروفيا، وفجأة ساد الهدوء عندما خرجت شاحنتان من باحتها تنقلان جثثاً.

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية الذي يدير العيادة: "إن المركز الصحي الذي فتح، الأحد، أصبح مكتظاً الاثنين. وهو يضم 120 سريراً، وكان فيه الجمعة 206 مرضى".

وقالت جانجاي جلبلاي "أقاربنا في الداخل. لا يمكننا الدخول لنراهم. أريد أن أرى ابني!". وأتت الأحد مع الفتى جوشوا (12 عاماً) من حيّها الـ72 في عاصمة ليبيريا "حيث تنتشر حالات إيبولا بكثافة". وتضيف أنها لم تتلق مذ ذاك "معلومات من السلطات التي تقول دائماً، إن علينا الانتظار. آتي كل يوم، وأريد أن أرى ابني! ربما قد يكون توفي".

ويحرس رجل يرتدي اللباس الأبيض الواقي من فيروس إيبولا الباب الذي يدخل إليه المرضى والمحاط بجدران مرتفعة وضعت فوقها الأسلاك الشائكة.

ونقل جورج وليامز (58 عاماً) زوجته وابنته الثلاثاء إلى المركز "على دراجته". وانقطعت أيضا أخبارهما لكنه "يثق في الأطباء والحكومة".

ويسخر الأشخاص الأربعون الموجودون في المكان من أقواله ويرفع البعض صوراً لأقارب يعالجون ويجلب البعض الآخر أكياسا صغيرة يسلمونها الحارس.

ويقول فينلي فريمان (32 عاماً) "إنه طعام لوالدتي. تحدثت إليها هاتفيّاً أمس ولا تزال تصلي". ثم تفتح الأبواب ويسود الصمت وتخرج شاحنتان تابعتان للصليب الأحمر ببطء تنقل كل واحدة نحو عشر جثث. وتجهش امرأة بالبكاء تتبعها أخرى ويعلو الصراخ ويسود الغضب.

وقال مسؤول في منظمة الصحة العالمية باحراج "هناك نظام يسمح للمرضى بالتحدث إلى أسرهم على مسافة بضعة أمتار، لكنه لم يشغل بعد على ما يبدو".

وعيادة أيلاند كما كل المراكز الصحية لمكافحة مرض إيبولا في مونروفيا التي تديرها منظمات غير حكومية، لم تعد قادرة على احتواء الفيروس الذي أثر كثيراً على النظام الصحي البسيط في ليبيريا التي شهدت حروباً أهلية لـ14 عاماً (1989-2003).

وفي الجانب الآخر من المدينة بات مركز منظمة أطباء بلا حدود غير الحكومية الذي يضم 160 سريراً، يرفض استقبال المرضى منذ أيام لعجزه عن استيعاب مزيد منهم.

وعاد عامل بلجيكي في المجال الإنساني كان يتولى استقبال أو رفض مرضى، إلى بلاده محبطاً لأنه اضطر إلى طرد مصابين كانوا أحياناً ينازعون. وقالت إحدى زميلاته طالبة عدم كشف اسمها "يقول كثيرون إنها أصعب مهمة قاموا بها". وتداركت "لكن منذ الخميس تراجع عدد المرضى قليلاً ولم نعد نرفض استقبالهم. ربما لأن مراكز جديدة فتحت أبوابها".

وبسبب توافر الأموال فتحت في العاصمة مراكز جديدة سرعان ما اكتظت بالمرضى. وتأمل أطباء بلا حدود بتأمين 500 سرير إضافي خلال شهر. فيما أمن الجيش الأميركي 25 سريراً لأفراد الطواقم الطبية الذين يصابون بالفيروس.

وقال فرانك ماهوني، ممثل المراكز الفدرالية الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية منها "خلال الأسبوعين أو الأسابيع الثلاثة المقبلة سيكون لدينا أكثر من ألف سرير في مونروفيا".

وفي مونروفيا وحدها أكثر من نصف عدد الوفيات الـ3000 من أصل 6000 إصابة جراء تفشي فيروس إيبولا الخطير والذي قد يصيب 20 ألف شخص بحلول نوفمبر/تشرين الثاني في حال لم يتم تعزيز وسائل مكافحته.

والخميس قالت رئيسة ليبيريا، أن جونسون سرليف، في نداء استغاثة للأمم المتحدة "لا يمكننا أن نسمح بأن يتحقق السيناريو الكارثي الذي يقضي فيه 100 ألف من مواطنينا الأبرياء بسبب مرض لا يفهمونه". وقال نحو عشرة من العاملين في المجال الانساني، إن الوسائل ليست المشكلة الرئيسية. وذكر أحدهم أن "المعدات متوافرة وما ينقصنا هو خبراء في المجال الصحي".

وأضاف "العاملون الأجانب في المجال الإنساني يخافون"، لافتا إلى أنه "بعد الزلزال في هايتي في 2010 شاركت 820 منظمة غير حكومية. أما في ليبيريا فعددها يقل عن عشر".

المساهمون