إهانة معالي الوزير

08 نوفمبر 2017
لم تردّ المذيعة على الإهانة (عن فيسبوك)
+ الخط -
تعرّض وزير الدولة لشؤون النازحين في لبنان، معين المرعبي، بكلام ذكوري للإعلامية ليندا مشلب خلال اتصال هاتفي مباشر على الهواء. قال ما قاله وأعاده بصورة متكررة في إيحاءات ذكورية جنسية قاصداً إحراج الإعلامية على الهواء. انتشرت تفاصيل الحدث على مواقع التواصل الاجتماعي ملاقياً ردود فعل مستنكرة ومستهجنة لما قاله الوزير.

في هذا الحدث مستويان يمكن التوقف عندهما. يتمثل المستوى الأول بالحادثة الفردية التي حصلت بين الوزير والمذيعة، وما تعكسه من شعور لدى السياسي - الرجل بالتفوّق الذكوري، وعدم توانيه عن إهانة شخص على الهواء وبشكل مباشر ومتكرر، في إيعاز بأنه يسيطر على موازين القوى وله الحق بالإيذاء والمهانة. أما المستوى الثاني فيتمثل بضرورة عدم عزل هذه الحادثة الفردية عن سياق سياسي - ذكوري عام تعاني منه العديد من النساء في مجال الإعلام وفي مجالات العمل السياسي عموماً.

ليست بعيدة ملاحظات وزير الخارجية جبران باسيل الذكورية تجاه الموظفة في بعثة الأمم المتحدة الدائمة إلى نيويورك، أو غيرها من الإساءات المباشرة أو الإيحاءات المبطنة التي تتعرض لها مذيعات الأخبار على الشاشات اللبنانية. قد يشير أحدهم إلى أن بعض السياسيين في لبنان يعمدون إلى الإهانة والشتم بغض النظر عن جندر الإعلامي أو الإعلامية. هذا الواقع صحيح (ما يؤشر إلى مستوى الخطاب السياسي اللبناني)، لكن الواقع أيضاً أن الذكورية والنظر إلى الإعلاميات النساء كأدوات جنس هو بلا شك أمر موجّه حصراً إلى الإعلاميات النساء، ما يشير إلى تمييز جنسي وجندري فاقع تجاههن.

بالعودة إلى الحادثة بين الوزير والمذيعة، نجد في تفاصيلها أن الوزير عاد وكتب على صفحته ما اعتبره اعتذاراً للإعلامية، ومما قاله: "مجدداً أدعو الإعلامية ليندا مشلب إلى زيارة فندق الريتز في السعودية لتتأكد بنفسها من أن ما يزعمه البعض ليس صحيحاً... ودعوتي هذه ليست ذكورية ولا تقلّل من احترام أحد. والدعوة لها ولمن يريد التأكّد".

ظن الوزير أن صياغة الجملة على هذا النحو قد يحفظ له ماء الوجه، وأنه بإعادة وضع ما قاله ضمن سياق عفوي وبريء قد يزيل عنه آثار الذكورية التي طمسته. في الخلاصة إن كلام الوزير المرعبي ذكوري ومهين وقد لا يكون الاعتذار المباشر الذي وجهه للمذيعة ولأسرتها أي معنى لأنه وضع ضمن سياق تبييض الصورة سياسياً وليس الاعتذار الحقيقي من كرامة الشخص.

على الهامش، يلفتنا الاستفزاز الذي قد يدفع الشخص إلى فقدان توازنه الانفعالي والنفسي والمنطقي. ولدى غياب هذا التوازن المنطقي، تسيطر جملة الموروثات، سواء كانت عنصرية أو ذكورية أو تمييزية، لتكون حاضرة كأول آلية دفاعية في محاولة لتقويض الشخص الآخر في المعادلة. وهنا يستوقفنا دائماً السبب الذي يستفز سياسيين في لبنان، ويمكن اختصاره بالمقولة المتداولة: "بيّي أقوى من بيّك".

* ناشطة نسوية
المساهمون