يعد محمد فاهم، أحد أبرز رجال الأعمال اليمنيين، إذ يلقبه منافسوه ومواطني بلده، بـ"إمبراطور القمح" لأن مؤسسته (الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة)، تعتبر في مقدمة الشركات السبع، التي تستورد 90% من احتياجات اليمن من هذه السلعة الحيوية، بحسب إحصائيات موثقة صادره عن الغرفة التجارية والصناعية في صنعاء.
وبينما تكرر اسم "اليمن" في التقارير الدولية بوصفه أحد أفقر البلدان في العالم، فإن تسريبات "أوراق بنما"، تكشف مزيدا من الأسماء اليمنية المرتبطة بسياسيين ومتنفذين كبار، أخفوا أملاكهم فيما يعرف بالملاذات الضريبية الآمنة عبر امتلاكهم شركات أوفشور.
يساهم هذا التحقيق الاستقصائي في كشف الجانب المالي المستور لاثنين من أبرز الأسماء التي أزاحت "وثائق بنما" الستار عما كانوا يعتبرونها إلى حد قريب، ملاذات آمنةً للتهرب الضريبي وإخفاء أموال قد تكون جُمعت بطرق غير مشروعة.
اقــرأ أيضاً
إمبراطور القمح وسياسة إخفاء الأموال
في العام 2015، ظهر اسم محمد فاهم، للمرة الأولى في قائمة تسريبات كبار عملاء بنك اتش اس بي سي HSBC. هذه القائمة والتي عرفت بفضيحة SwissLeaks، عبارة عن بيانات لحسابات سرية سربها إرفيه فالشياني، الموظف السابق في بنك HSBC للسلطات الفرنسية؛ والتي كشفت مساعدة البنك عملاءه على اخفاء أموالهم والتهرب الضريبي من بلدانهم الأصلية.
وتكشف "العربي الجديد"، للمرة الأولى، ما تحتويه هذه التسريبات عن هذه الشخصيات اليمنية، ضمن سياق تحقيقها، إذ جاء فيها اسم محمد فاهم ومجموعه من أسرته المباشرة إلى جانب ما لايقل عن خمسين اسماً يمنياً آخر. ارتبطت حساباتهم في بنك HSBC بحسابات أخرى استخدمت ضمن شركات أوفشور مسجلة في مناطق تعتبر ملاذات ضريبية آمنه تمنح عملاءها سرية عالية حول تعاملاتهم المالية، وتفرض ضرائب رمزية أو قد لا تفرض وتتميز بسهولة إخفاء الأموال ومرونة في حركتها دون قيود أو تتبع مصادرها أو وجهاتها.
واستخدمت تلك الحسابات في بنك HSBC، لأغراض كثيرة منها "غسيل أموال وتهرب ضريبي وإخفاء أموال عن أعين السلطات الرسمية في البلدان الأصلية لعملاء البنك"، بحسب تحقيقات قامت بها السلطات الضريبية السويسرية وغرمت البنك على إثرها.
وتكشف الأوراق، أن محمد فاهم، فتح حساباً في البنك في العام 1998 وسجل مهنته في أوراق البنك رئيساً لشركة عبدالله فاهم.، وتُظهر ذات الوثيقة حركة الأموال وتواريخها التي تمت من وإلى هذا الحساب؛ والذي استمر فاهم يستخدمه في تعاملاته المالية، ويستفيد من الخدمات المقدمة من البنك حتى منتصف العام 2007، الذي شهد عمليات إيداع وسحب أموال بلغت إحداها 22 مليون دولار.
التسهيلات المقدمة من بنك HSBC، ساعدت محمد فاهم في ربط حسابه بحسابات بنكية أخرى في نفس البنك، كما وثق معد التحقيق، وتعود تلك الحسابات إلى فتحي فاهم شقيق محمد فاهم، رئيس مجلس إدارة الشركة اليمنية لتوليد الكهرباء المحدودة؛ والتي أنشأت بشراكة بين الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة بنسبة 51% وبين الحكومة اليمنية بنسبة 49% من أسهم الشركة، لتنفيذ عدد من المشاريع في مجال الكهرباء، من أهمها مشروع محطة معبر الغازية لتوليد الكهرباء.
وتوقف المشروع بسبب مخالفات قانونية فى النظام الأساسي للشركة صاحبت إجراءات تأسيسها وأحالها رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي في العام 2013 إلى وزارة الشؤون القانونية لإعادة دراسة المشروع بحسب وزارة الكهرباء اليمنية. كما ارتبط الحساب بحسابات آخرى في البنك تعود ملكيتها لأفراد من أسرة محمد فاهم وهم نبيل فاهم وأحمد فاهم وعبدالله فاهم، وحساب آخر لسيدة لبنانية تدعى هدى منصور قسيس والتي أنشأت حسابها البنكي في العام 1999.
هدى قسيس التي سجلت مهنتها ربة منزل في أوراق البنك، قامت بحركة أموال في حسابها في تواريخ مختلفة شملت عمليات إيداع وسحب بين حسابها وحساب محمد فاهم. كما حصلت حركة أموال في حسابها مع حساب آخر في نفس البنك يعود لميخائيل قسيس.
ويقول إرفيه فالشياني، مسرب الحسابات المصرفية السويسرية،"عندما تذهب إلى بنوك الملاذات الضريبية، فأنت تتعامل مع شيء من الغموض، لأنك تملك العديد من الطرق التي يمكنك استعمالها لإخفاء ما لديك، تستطيع أن تشتري ممثلين عنك، وتستطيع أن تطلب من أشخاص أن يتم التعريف عنهم كمالكين مستفيدين للحساب، وتستطيع أن تختبئ خلف محام، ليقوم بتسجيل الحساب باسمه فيما تختبئ أنت تحت اسم مستعار".
القمح وشركات الأوفشور
لا تستخدم شركات الأوفشور فقط في التهرب الضريبي وإخفاء الأموال، بل تعتبر أداة فاعلة تقدم تسهيلات لمالكيها، فتستخدم في التقدم في العطاءات الحكومية كشركات أجنبية تملك عمر طويل وهو ما يسمى بشركات shelf co. وتستخدم في عقود استشارية وهمية لتخفيض ضريبة المبيعات، إصدار فواتير، أو سجلات وهمية صادرة عن شركة وسيطة لتقديمها في المعاملات الحكومية.
وبحسب خبير جمركي يمني، فضل عدم ذكر اسمه فإنه: "يتم التلاعب بهوية بلد المنشأ عبر شركات الأوفشور، كأن تقدم أوراق أن الشحنة المحملة على الباخرة (س) مصدرها الولايات المتحدة وأن الشركة الوسيطة (شركة أوفشور)، أرسلت الشحنة إلى قبرص لتنتقل من قبرص إلى اليمن عبر الباخرة (ص)، وتدخل الشحنة بأوراق رسمية تثبت أن المواد المستوردة أميركية، وتسوق وتباع على أساس أن بلد المنشأ القادمة منه الولايات المتحدة، وهو ما يعني هامش ربح أكبر بسبب اختلاف المواصفات والجودة.
وكانت وزارة النقل اليمنية ممثلة بمؤسسة موانئ البحر الأحمر قد منعت في يونيو/حزيران من العام 2013، الباخرة (سام جون ليبرتي) التي تعود للشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة، التي يرأس مجلس إدارتها فاهم، من إفراغ حمولتها المقدرة بـ65 ألف طن من مادة القمح الألماني في ميناء الصليف، وفي يوليو/تموز من العام نفسه، منعت مؤسسة موانئ البحر الأحمر إفراغ حمولة الباخرة (كابتن ايفن جيليوس ان ام) التي تحمل 55 ألف طن من مادة القمح الأميركي، والمملوكة لنفس الشركة بحسب بيان صادر من الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة.
أسباب المنع تعددت بحسب ما صرحت به الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة، التي قالت أن مؤسسة موانئ البحر الأحمر أعلنت أن سبب المنع كون الشحنة مخالفة للمواصفات، وأعلنت فيما بعد أن الحمولة زائدة وبأنها غير قانونية، وهو ما رفضته الشركة، واعتبرته تعنتاً من مؤسسة موانئ البحر الأحمر لإيقاف نشاطها بحسب كتاب رسمي أرسلته الشركة، لكن مؤسسة موانئ البحر الأحمر أعلنت في 7 يوليو/ تمّوز 2013 وقف عمل الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة (صوامع ومطاحن الصليف) في الميناء، للحفاظ على المال العام بحسب بيان صادر عن المؤسسة.
مُعد التحقيق قام بمقارنة كل ما تم استيراده من قمح والكميات المستوردة التي دخلت اليمن في العام 2013، عبر بيانات الأمم المتحدة المقدمة من جهات رسمية دولية عاملة في مجال تصدير واستيراد القمح، أظهرت تلك البيانات أن روسيا في العام 2013 صدرت إلى اليمن قمحاً مقارباً لنفس الكمية التي كانت على الباخرة (كابتن ايفن جيليوس ان ام) التي ذكرت الشركة أنها تحمل قمحا أميركيا.
ووفقا لخبير اقتصادي فإن أسعار القمح تختلف بحسب بلد المنشأ، فسعر الطن الواحد من القمح الأميركي بلغ 315 دولارا في العام 2013، بينما سعر القمح الروسي في نفس العام كان 209 دولارات للطن الواحد.
شركات أوفشور
لم تكن طريقة إدارة حساب إمبراطورالقمح اليمني، المرتبط بشبكة حسابات تحت مظلة بنك HSBC، إلا واحدة من الحيل المالية المعقدة التي استخدمها فاهم في حركة أمواله التي ربطها بشركات "أوفشور"، وفي "أوراق بنما" المسربة من شركة (موساك فونسيكا)، ارتبط فاهم مع عدد من أفراد أسرته وهن بناته (إقبال وأمل وأشواق)، بشركات أوفشور، إذ سجل محمد فاهم ثلاث شركات أوفشور بين الأعوام 2009 و2014 بحسب الوثائق التي حصل عليها معد التحقيق من جزر العذراء البريطانية وارتبطت ببنوك خاصة في منطقة "الأوفشور" لتسهيل العمليات المالية بين الشركات والحسابات المصرفية وحركة الأموال من وإلى تلك الحسابات.
وتوضح وثيقة تسجيل شركة أوفشور تحمل الاسم غلوسيستر لاند Gloucester Land Limited في جزر العذراء البريطانية بتاريخ 13 مارس/آذار 2014 أسهم وأسماء مالكيها وهم محمد فاهم وبناته الثلاث. وتملك الشركة مكتباً وإدارة خدمات في العاصمة البريطانية لندن. ولم يستعن فاهم بمدراء عادة ما يتم تكليفهم من شركة المحاماة Mossack التي تقدم خدمات تسجيل وإدارة الشركات، وتكون واجهة يختبئ خلفها المالكون الحقيقيون، إذ تكشف وثيقة تسجيل المدراء، أن محمد فاهم وابنته إقبال هم مدراء الشركة.
وكشفت وثيقة موقعة ومرسلة من فاهم بتاريخ 12 مارس/آذار 2014 أن الوثائق الأصلية للشركة وبيانات أعضائها محفوظة في منطقة حدة، صنعاء، اليمن، مع وجود نسخة من كل الوثائق في مقر تسجيل الشركة بجزر العذراء البريطانية.
وتملك الشركة مكتبا آخر لإدارة أعمالها من العاصمة الأردنية عمان، كما ظهر في فاتورة مطالبة بتسديد رسوم، مؤرخة بتاريخ 15 مارس/آذار 2015 مرسلة من شركة Mossack إلى عنوان في العاصمة الأردنية عمان.
ولاستكمال تسجيل الشركة أرسل بنك "SOCIETE GENERALE" (بنك أوفشور يقدم خدمات وتسهيلات أثناء وبعد تسجيل الشركات لعملائه، ويمنحهم سهولة في التحويلات البنكية من مركزه الرئيسي في لندن وفرعه في الأوفشور في جيرسي)، مذكرة مؤرخة بتاريخ 18 مارس/آذار 2014 ويؤكد فيها أن العناوين الخاصة بفاهم وبناته الثلاث المساهمين في الشركة هي منطقة حدة في العاصمة اليمنية صنعاء بغرض استكمال تسجيل شركة Gloucester Land Limited.
إلى ذلك، تُظهر الوثائق أن محمد فاهم المالك الوحيد لشركة أوفشور مسجلة باسم باسم "Commodities Trading and Services Limited" بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009 في جزر العذراء البريطانية.
الشركة استمرت تمارس نشاطها حتى نهاية العام 2012، بحسب ما أرسلت شركة Mossack فاتورة مطالبة برسوم إعادة تفعيل الشركة قبل تاريخ 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012.
اللافت أن شركة ثالثة تم تسجيلها باسم International Trading Commodities Limited، في نفس تاريخ تسجيل شركة "Commodities Trading and Services Limited"، ويملكها محمد فاهم بالشراكة مع شخص فرنسي يدعى اسماعيل فهمي بحسب جواز السفر المرفق في وثائق تسجيل الشركة. وتكشف وثيقة أخرى موقعة من إسماعيل فهمي بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، مطالبة اسماعيل فهمي باعتماده مديراً للشركة.
العليمي والملاذات الضريبة الآمنة
ومن ملاذات إمبراطور القمح إلى خبايا عبدالحافظ نجل نائب رئيس الوزراء اليمني السابق رشاد العليمي، والذي سبق أن ناقش الاتحاد الأوروبي في العام 2011 تجميد أرصدته ضمن أركان نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعد اندلاع ثورة الشباب اليمني ضد صالح في فبراير/شباط 2011.
وكان نائب رئيس الوزراء رشاد العليمي، أحد المسؤولين الذين أدرجت أسماؤهم ضمن دراسة التجميد، وبلغت أرصدته المجمدة في البنوك الألمانية 85 مليون يورو و300 مليون دولار أميركي، بحسب منظمة الشفافية الدولية ومصدر في المعارضة اليمنية وهو ما نشر في الإعلام العربي واليمني بتاريخ 26 نوفمبر 2011.
وشغل رشاد العليمي عدة مناصب هامة بين أعوام 2001 و2012، فعمل وزيراً للداخلية ووزيراً للإدارة المحلية ونائباً لرئيس الوزراء ورئيساً اللجنة الأمنية العليا في اليمن، وكان من الشخصيات المقربة من الرئيس السابق صالح قبل أن يعلن الانشقاق عنه مع بداية العمليات العسكرية لـ"عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية ضد الحوثيين وصالح.
لاحقاً أوقف قرار التجميد، بعد توقيع المبادرة الخليجية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 والتي قضت بتنحي صالح عن الحكم وحصوله مع كل من عمل معه على حصانة من أي ملاحقة قانونية، وبحسب البند رقم (3) من المبادرة الخليجية والذي ينص على أنه "في اليوم التاسع والعشرين من بداية الاتفاق يقر مجلس النواب بما فيه المعارضة القوانين التي تمنح الحصانة ضد الملاحقة القانونية والقضائية للرئيس ومن عملوا معه خلال فترة حكمه".
وهو ما التزمت به كل القوى السياسية ونتج عنه إسقاط أي دعاوى قانونية أو قضائية، بما فيها قرارات تجميد الأرصدة في البنوك الألمانية. ومن خلال هذا التحقيق، نكشف خبايا التعاملات المالية التي أديرت بواسطة عبدالحافظ نجل رشاد العليمي عبر الاستعانة بالملاذات الضريبية الآمنة.
الملاذات الآمنة
أصدرت السلطات اليمنية القانون رقم (30) لسنة 2006 بشأن الإقرار بالذمة المالية، بعد ضغوط مارستها جهات مانحة لليمن منها البنك الدولي والاتحاد الأوروبي لمزيد من الإصلاحات ومحاربة الفساد.
وبعد عامين من إقرار القانون وبالتحديد في أبريل/نيسان 2008 قدم رشاد العليمي - أثناء توليه منصب نائب رئيس الوزراء ووزيراً للداخلية إقرار ذمته المالية، (ضمن 1710 إقرار ذمة مالية قدمها مسؤولون في مختلف أجهزة الدولة)، إلى هيئة مكافحة الفساد متضمنة أملاكه وحساباته البنكية في الداخل والخارج ومصدر تلك الأملاك والحسابات البنكية. علما بأنه لا يمكن الكشف عن محتوى الإقرار المقدم لهيئة مكافحة الفساد، إلا بموافقة صاحب الإقرار أو بطلب من المحكمة، كما يمنع الدستور اليمني أي مسؤول حكومي من ممارسة أي أنشطة تجارية بصورة مباشرة أو غير مباشرة بحسب المادة (136).
كان لافتاً قيام عبدالحافظ نجل رشاد العليمي بإنشاء شركة أوفشور في الملاذات الضريبية الآمنة باسم "Harvest Resources Investment Co.LTD" في يونيو/ حزيران 2008 بعد شهرين فقط من تقديم والده لإقرار الذمة المالية إلى هيئة مكافحة الفساد.
عبد الحافظ كان قد تنقل منذ تخرجه كمهندس نفط، خلال فترة قصيرة بين مناصب هامة في وزارة النفط وشركة النفط اليمنية، عمل خلالها مديراً لوحدة الرقابة بوزارة النفط والمعادن ومديراً لإدارة متابعة الشركات إلى أن أصبح نائب مدير عام شركة النفط اليمنية للشؤون الفنية في نفس الفترة التي كان والده وزيراً للداخلية.
خلال تولي عبدالحافظ منصب نائب المدير التنفيذي لشركة النفظ اليمنية، (المسؤولة عن تخزين وتوزيع المشتقات النفطية للسوق المحلي واستيراده من الخارج عبر المناقصات الحكومية)، شككت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في صحة المناقصات واتهمت شركة النفط اليمنية بالتلاعب في إجراءات إرساء مناقصات استيراد المشتقات النفطي، بحسب وثائق حصلت عليها "العربي الجديد".
ووفقا لآلية عمل شركات الأوفشور فإن عبدالحافظ العليمي، سجل شركته Harvest Resources Investment Co.LTD في غير بلده (جزر العذراء البريطانية) ومقرها في (هونغ كونع) لتُدار من قبل أشخاص من اليمن والصين.
وتظهر الوثائق أن الموظف الحكومي عبدالحافظ العليمي سجل مهنته كـ"تاجر" في أوراق تسجيل شركة الأوف شور Harvest Resources Investment Co.LTD بتاريخ 10 يونيو 2008، وأوضحت وثيقة أخرى نقل مقر الشركة من جزر العذراء البريطانية إلى مدينة هونغ كونغ الصينية وبشراكة ثلاثة أشخاص صينيين هم: هونق فاي، ورن زونق، ووفينق يلن. وحصل معد التحقيق على وثيقة موقعة من قبل عبدالحافظ العليمي بتاريخ 10 يونيو 2008 لمنح نفسه صلاحيات مدير. وأثناء تسجيل الشركة أرفق عبدالحافظ بياناته الشخصية وجواز سفره اليمني والعنوان الخاص بشركته والتي حددها في حي بيت بوس في العاصمة اليمنية صنعاء.
وزيرا للنفط
وفق معلومات حصل عليها معد التحقيق، رفض الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تعيين عبدالحافظ العليمي وزيراً للنفط أثناء المشاورات الخاصة بتشكيل حكومة وحدة وطنية في العام 2014 لضرورة أن يكون وزير النفط شخصية مستقلة وتُجمع عليها كل القوى السياسية، لكن حزب المؤتمر الشعبي العام أصر على ترشيحه وزيراً للنفط على الرغم من صغر سنه وقلة سنوات خبرته.
وعند استفسار معد التحقيق حول أسباب رفض الرئيس حينها تعيين عبدالحافظ وزيرا للنفط، رد مسؤول في رئاسة الوزراء فضل عدم ذكر اسمه، أن الرئيس رفض لكون السبب الرئيسي من فرض عبدالحافظ العليمي وزيراً للنفط هو محاولة الرئيس السابق علي عبدالله صالح مواصلة السيطرة على إدارة وتسويق النفط، والعمل على عدم فتح ملفات النفط والفساد والتي لن تُفتح بسبب ولاء عبدالحافظ لصالح وقتها.
لا تعليق
تواصل مُعد التحقيق مع كل من محمد فاهم وعبدالحافظ العليمي عبر إرسال رسائل إلكترونية للرد والتعليق على كل ما ورد في التحقيق، لكن لم يصل أي رد حول الأسئلة التي تم إرسالها لهما حتى تاريخ نشر هذا التحقيق.
وبينما تكرر اسم "اليمن" في التقارير الدولية بوصفه أحد أفقر البلدان في العالم، فإن تسريبات "أوراق بنما"، تكشف مزيدا من الأسماء اليمنية المرتبطة بسياسيين ومتنفذين كبار، أخفوا أملاكهم فيما يعرف بالملاذات الضريبية الآمنة عبر امتلاكهم شركات أوفشور.
يساهم هذا التحقيق الاستقصائي في كشف الجانب المالي المستور لاثنين من أبرز الأسماء التي أزاحت "وثائق بنما" الستار عما كانوا يعتبرونها إلى حد قريب، ملاذات آمنةً للتهرب الضريبي وإخفاء أموال قد تكون جُمعت بطرق غير مشروعة.
إمبراطور القمح وسياسة إخفاء الأموال
في العام 2015، ظهر اسم محمد فاهم، للمرة الأولى في قائمة تسريبات كبار عملاء بنك اتش اس بي سي HSBC. هذه القائمة والتي عرفت بفضيحة SwissLeaks، عبارة عن بيانات لحسابات سرية سربها إرفيه فالشياني، الموظف السابق في بنك HSBC للسلطات الفرنسية؛ والتي كشفت مساعدة البنك عملاءه على اخفاء أموالهم والتهرب الضريبي من بلدانهم الأصلية.
وتكشف "العربي الجديد"، للمرة الأولى، ما تحتويه هذه التسريبات عن هذه الشخصيات اليمنية، ضمن سياق تحقيقها، إذ جاء فيها اسم محمد فاهم ومجموعه من أسرته المباشرة إلى جانب ما لايقل عن خمسين اسماً يمنياً آخر. ارتبطت حساباتهم في بنك HSBC بحسابات أخرى استخدمت ضمن شركات أوفشور مسجلة في مناطق تعتبر ملاذات ضريبية آمنه تمنح عملاءها سرية عالية حول تعاملاتهم المالية، وتفرض ضرائب رمزية أو قد لا تفرض وتتميز بسهولة إخفاء الأموال ومرونة في حركتها دون قيود أو تتبع مصادرها أو وجهاتها.
واستخدمت تلك الحسابات في بنك HSBC، لأغراض كثيرة منها "غسيل أموال وتهرب ضريبي وإخفاء أموال عن أعين السلطات الرسمية في البلدان الأصلية لعملاء البنك"، بحسب تحقيقات قامت بها السلطات الضريبية السويسرية وغرمت البنك على إثرها.
وتكشف الأوراق، أن محمد فاهم، فتح حساباً في البنك في العام 1998 وسجل مهنته في أوراق البنك رئيساً لشركة عبدالله فاهم.، وتُظهر ذات الوثيقة حركة الأموال وتواريخها التي تمت من وإلى هذا الحساب؛ والذي استمر فاهم يستخدمه في تعاملاته المالية، ويستفيد من الخدمات المقدمة من البنك حتى منتصف العام 2007، الذي شهد عمليات إيداع وسحب أموال بلغت إحداها 22 مليون دولار.
التسهيلات المقدمة من بنك HSBC، ساعدت محمد فاهم في ربط حسابه بحسابات بنكية أخرى في نفس البنك، كما وثق معد التحقيق، وتعود تلك الحسابات إلى فتحي فاهم شقيق محمد فاهم، رئيس مجلس إدارة الشركة اليمنية لتوليد الكهرباء المحدودة؛ والتي أنشأت بشراكة بين الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة بنسبة 51% وبين الحكومة اليمنية بنسبة 49% من أسهم الشركة، لتنفيذ عدد من المشاريع في مجال الكهرباء، من أهمها مشروع محطة معبر الغازية لتوليد الكهرباء.
وتوقف المشروع بسبب مخالفات قانونية فى النظام الأساسي للشركة صاحبت إجراءات تأسيسها وأحالها رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي في العام 2013 إلى وزارة الشؤون القانونية لإعادة دراسة المشروع بحسب وزارة الكهرباء اليمنية. كما ارتبط الحساب بحسابات آخرى في البنك تعود ملكيتها لأفراد من أسرة محمد فاهم وهم نبيل فاهم وأحمد فاهم وعبدالله فاهم، وحساب آخر لسيدة لبنانية تدعى هدى منصور قسيس والتي أنشأت حسابها البنكي في العام 1999.
هدى قسيس التي سجلت مهنتها ربة منزل في أوراق البنك، قامت بحركة أموال في حسابها في تواريخ مختلفة شملت عمليات إيداع وسحب بين حسابها وحساب محمد فاهم. كما حصلت حركة أموال في حسابها مع حساب آخر في نفس البنك يعود لميخائيل قسيس.
ويقول إرفيه فالشياني، مسرب الحسابات المصرفية السويسرية،"عندما تذهب إلى بنوك الملاذات الضريبية، فأنت تتعامل مع شيء من الغموض، لأنك تملك العديد من الطرق التي يمكنك استعمالها لإخفاء ما لديك، تستطيع أن تشتري ممثلين عنك، وتستطيع أن تطلب من أشخاص أن يتم التعريف عنهم كمالكين مستفيدين للحساب، وتستطيع أن تختبئ خلف محام، ليقوم بتسجيل الحساب باسمه فيما تختبئ أنت تحت اسم مستعار".
القمح وشركات الأوفشور
لا تستخدم شركات الأوفشور فقط في التهرب الضريبي وإخفاء الأموال، بل تعتبر أداة فاعلة تقدم تسهيلات لمالكيها، فتستخدم في التقدم في العطاءات الحكومية كشركات أجنبية تملك عمر طويل وهو ما يسمى بشركات shelf co. وتستخدم في عقود استشارية وهمية لتخفيض ضريبة المبيعات، إصدار فواتير، أو سجلات وهمية صادرة عن شركة وسيطة لتقديمها في المعاملات الحكومية.
وبحسب خبير جمركي يمني، فضل عدم ذكر اسمه فإنه: "يتم التلاعب بهوية بلد المنشأ عبر شركات الأوفشور، كأن تقدم أوراق أن الشحنة المحملة على الباخرة (س) مصدرها الولايات المتحدة وأن الشركة الوسيطة (شركة أوفشور)، أرسلت الشحنة إلى قبرص لتنتقل من قبرص إلى اليمن عبر الباخرة (ص)، وتدخل الشحنة بأوراق رسمية تثبت أن المواد المستوردة أميركية، وتسوق وتباع على أساس أن بلد المنشأ القادمة منه الولايات المتحدة، وهو ما يعني هامش ربح أكبر بسبب اختلاف المواصفات والجودة.
وكانت وزارة النقل اليمنية ممثلة بمؤسسة موانئ البحر الأحمر قد منعت في يونيو/حزيران من العام 2013، الباخرة (سام جون ليبرتي) التي تعود للشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة، التي يرأس مجلس إدارتها فاهم، من إفراغ حمولتها المقدرة بـ65 ألف طن من مادة القمح الألماني في ميناء الصليف، وفي يوليو/تموز من العام نفسه، منعت مؤسسة موانئ البحر الأحمر إفراغ حمولة الباخرة (كابتن ايفن جيليوس ان ام) التي تحمل 55 ألف طن من مادة القمح الأميركي، والمملوكة لنفس الشركة بحسب بيان صادر من الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة.
أسباب المنع تعددت بحسب ما صرحت به الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة، التي قالت أن مؤسسة موانئ البحر الأحمر أعلنت أن سبب المنع كون الشحنة مخالفة للمواصفات، وأعلنت فيما بعد أن الحمولة زائدة وبأنها غير قانونية، وهو ما رفضته الشركة، واعتبرته تعنتاً من مؤسسة موانئ البحر الأحمر لإيقاف نشاطها بحسب كتاب رسمي أرسلته الشركة، لكن مؤسسة موانئ البحر الأحمر أعلنت في 7 يوليو/ تمّوز 2013 وقف عمل الشركة اليمنية للاستثمارات الصناعية المحدودة (صوامع ومطاحن الصليف) في الميناء، للحفاظ على المال العام بحسب بيان صادر عن المؤسسة.
مُعد التحقيق قام بمقارنة كل ما تم استيراده من قمح والكميات المستوردة التي دخلت اليمن في العام 2013، عبر بيانات الأمم المتحدة المقدمة من جهات رسمية دولية عاملة في مجال تصدير واستيراد القمح، أظهرت تلك البيانات أن روسيا في العام 2013 صدرت إلى اليمن قمحاً مقارباً لنفس الكمية التي كانت على الباخرة (كابتن ايفن جيليوس ان ام) التي ذكرت الشركة أنها تحمل قمحا أميركيا.
ووفقا لخبير اقتصادي فإن أسعار القمح تختلف بحسب بلد المنشأ، فسعر الطن الواحد من القمح الأميركي بلغ 315 دولارا في العام 2013، بينما سعر القمح الروسي في نفس العام كان 209 دولارات للطن الواحد.
شركات أوفشور
لم تكن طريقة إدارة حساب إمبراطورالقمح اليمني، المرتبط بشبكة حسابات تحت مظلة بنك HSBC، إلا واحدة من الحيل المالية المعقدة التي استخدمها فاهم في حركة أمواله التي ربطها بشركات "أوفشور"، وفي "أوراق بنما" المسربة من شركة (موساك فونسيكا)، ارتبط فاهم مع عدد من أفراد أسرته وهن بناته (إقبال وأمل وأشواق)، بشركات أوفشور، إذ سجل محمد فاهم ثلاث شركات أوفشور بين الأعوام 2009 و2014 بحسب الوثائق التي حصل عليها معد التحقيق من جزر العذراء البريطانية وارتبطت ببنوك خاصة في منطقة "الأوفشور" لتسهيل العمليات المالية بين الشركات والحسابات المصرفية وحركة الأموال من وإلى تلك الحسابات.
وتوضح وثيقة تسجيل شركة أوفشور تحمل الاسم غلوسيستر لاند Gloucester Land Limited في جزر العذراء البريطانية بتاريخ 13 مارس/آذار 2014 أسهم وأسماء مالكيها وهم محمد فاهم وبناته الثلاث. وتملك الشركة مكتباً وإدارة خدمات في العاصمة البريطانية لندن. ولم يستعن فاهم بمدراء عادة ما يتم تكليفهم من شركة المحاماة Mossack التي تقدم خدمات تسجيل وإدارة الشركات، وتكون واجهة يختبئ خلفها المالكون الحقيقيون، إذ تكشف وثيقة تسجيل المدراء، أن محمد فاهم وابنته إقبال هم مدراء الشركة.
وكشفت وثيقة موقعة ومرسلة من فاهم بتاريخ 12 مارس/آذار 2014 أن الوثائق الأصلية للشركة وبيانات أعضائها محفوظة في منطقة حدة، صنعاء، اليمن، مع وجود نسخة من كل الوثائق في مقر تسجيل الشركة بجزر العذراء البريطانية.
وتملك الشركة مكتبا آخر لإدارة أعمالها من العاصمة الأردنية عمان، كما ظهر في فاتورة مطالبة بتسديد رسوم، مؤرخة بتاريخ 15 مارس/آذار 2015 مرسلة من شركة Mossack إلى عنوان في العاصمة الأردنية عمان.
ولاستكمال تسجيل الشركة أرسل بنك "SOCIETE GENERALE" (بنك أوفشور يقدم خدمات وتسهيلات أثناء وبعد تسجيل الشركات لعملائه، ويمنحهم سهولة في التحويلات البنكية من مركزه الرئيسي في لندن وفرعه في الأوفشور في جيرسي)، مذكرة مؤرخة بتاريخ 18 مارس/آذار 2014 ويؤكد فيها أن العناوين الخاصة بفاهم وبناته الثلاث المساهمين في الشركة هي منطقة حدة في العاصمة اليمنية صنعاء بغرض استكمال تسجيل شركة Gloucester Land Limited.
إلى ذلك، تُظهر الوثائق أن محمد فاهم المالك الوحيد لشركة أوفشور مسجلة باسم باسم "Commodities Trading and Services Limited" بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009 في جزر العذراء البريطانية.
الشركة استمرت تمارس نشاطها حتى نهاية العام 2012، بحسب ما أرسلت شركة Mossack فاتورة مطالبة برسوم إعادة تفعيل الشركة قبل تاريخ 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012.
اللافت أن شركة ثالثة تم تسجيلها باسم International Trading Commodities Limited، في نفس تاريخ تسجيل شركة "Commodities Trading and Services Limited"، ويملكها محمد فاهم بالشراكة مع شخص فرنسي يدعى اسماعيل فهمي بحسب جواز السفر المرفق في وثائق تسجيل الشركة. وتكشف وثيقة أخرى موقعة من إسماعيل فهمي بتاريخ 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، مطالبة اسماعيل فهمي باعتماده مديراً للشركة.
العليمي والملاذات الضريبة الآمنة
ومن ملاذات إمبراطور القمح إلى خبايا عبدالحافظ نجل نائب رئيس الوزراء اليمني السابق رشاد العليمي، والذي سبق أن ناقش الاتحاد الأوروبي في العام 2011 تجميد أرصدته ضمن أركان نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعد اندلاع ثورة الشباب اليمني ضد صالح في فبراير/شباط 2011.
وكان نائب رئيس الوزراء رشاد العليمي، أحد المسؤولين الذين أدرجت أسماؤهم ضمن دراسة التجميد، وبلغت أرصدته المجمدة في البنوك الألمانية 85 مليون يورو و300 مليون دولار أميركي، بحسب منظمة الشفافية الدولية ومصدر في المعارضة اليمنية وهو ما نشر في الإعلام العربي واليمني بتاريخ 26 نوفمبر 2011.
وشغل رشاد العليمي عدة مناصب هامة بين أعوام 2001 و2012، فعمل وزيراً للداخلية ووزيراً للإدارة المحلية ونائباً لرئيس الوزراء ورئيساً اللجنة الأمنية العليا في اليمن، وكان من الشخصيات المقربة من الرئيس السابق صالح قبل أن يعلن الانشقاق عنه مع بداية العمليات العسكرية لـ"عاصفة الحزم" التي تقودها السعودية ضد الحوثيين وصالح.
لاحقاً أوقف قرار التجميد، بعد توقيع المبادرة الخليجية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 والتي قضت بتنحي صالح عن الحكم وحصوله مع كل من عمل معه على حصانة من أي ملاحقة قانونية، وبحسب البند رقم (3) من المبادرة الخليجية والذي ينص على أنه "في اليوم التاسع والعشرين من بداية الاتفاق يقر مجلس النواب بما فيه المعارضة القوانين التي تمنح الحصانة ضد الملاحقة القانونية والقضائية للرئيس ومن عملوا معه خلال فترة حكمه".
وهو ما التزمت به كل القوى السياسية ونتج عنه إسقاط أي دعاوى قانونية أو قضائية، بما فيها قرارات تجميد الأرصدة في البنوك الألمانية. ومن خلال هذا التحقيق، نكشف خبايا التعاملات المالية التي أديرت بواسطة عبدالحافظ نجل رشاد العليمي عبر الاستعانة بالملاذات الضريبية الآمنة.
الملاذات الآمنة
أصدرت السلطات اليمنية القانون رقم (30) لسنة 2006 بشأن الإقرار بالذمة المالية، بعد ضغوط مارستها جهات مانحة لليمن منها البنك الدولي والاتحاد الأوروبي لمزيد من الإصلاحات ومحاربة الفساد.
وبعد عامين من إقرار القانون وبالتحديد في أبريل/نيسان 2008 قدم رشاد العليمي - أثناء توليه منصب نائب رئيس الوزراء ووزيراً للداخلية إقرار ذمته المالية، (ضمن 1710 إقرار ذمة مالية قدمها مسؤولون في مختلف أجهزة الدولة)، إلى هيئة مكافحة الفساد متضمنة أملاكه وحساباته البنكية في الداخل والخارج ومصدر تلك الأملاك والحسابات البنكية. علما بأنه لا يمكن الكشف عن محتوى الإقرار المقدم لهيئة مكافحة الفساد، إلا بموافقة صاحب الإقرار أو بطلب من المحكمة، كما يمنع الدستور اليمني أي مسؤول حكومي من ممارسة أي أنشطة تجارية بصورة مباشرة أو غير مباشرة بحسب المادة (136).
كان لافتاً قيام عبدالحافظ نجل رشاد العليمي بإنشاء شركة أوفشور في الملاذات الضريبية الآمنة باسم "Harvest Resources Investment Co.LTD" في يونيو/ حزيران 2008 بعد شهرين فقط من تقديم والده لإقرار الذمة المالية إلى هيئة مكافحة الفساد.
عبد الحافظ كان قد تنقل منذ تخرجه كمهندس نفط، خلال فترة قصيرة بين مناصب هامة في وزارة النفط وشركة النفط اليمنية، عمل خلالها مديراً لوحدة الرقابة بوزارة النفط والمعادن ومديراً لإدارة متابعة الشركات إلى أن أصبح نائب مدير عام شركة النفط اليمنية للشؤون الفنية في نفس الفترة التي كان والده وزيراً للداخلية.
خلال تولي عبدالحافظ منصب نائب المدير التنفيذي لشركة النفظ اليمنية، (المسؤولة عن تخزين وتوزيع المشتقات النفطية للسوق المحلي واستيراده من الخارج عبر المناقصات الحكومية)، شككت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في صحة المناقصات واتهمت شركة النفط اليمنية بالتلاعب في إجراءات إرساء مناقصات استيراد المشتقات النفطي، بحسب وثائق حصلت عليها "العربي الجديد".
ووفقا لآلية عمل شركات الأوفشور فإن عبدالحافظ العليمي، سجل شركته Harvest Resources Investment Co.LTD في غير بلده (جزر العذراء البريطانية) ومقرها في (هونغ كونع) لتُدار من قبل أشخاص من اليمن والصين.
وتظهر الوثائق أن الموظف الحكومي عبدالحافظ العليمي سجل مهنته كـ"تاجر" في أوراق تسجيل شركة الأوف شور Harvest Resources Investment Co.LTD بتاريخ 10 يونيو 2008، وأوضحت وثيقة أخرى نقل مقر الشركة من جزر العذراء البريطانية إلى مدينة هونغ كونغ الصينية وبشراكة ثلاثة أشخاص صينيين هم: هونق فاي، ورن زونق، ووفينق يلن. وحصل معد التحقيق على وثيقة موقعة من قبل عبدالحافظ العليمي بتاريخ 10 يونيو 2008 لمنح نفسه صلاحيات مدير. وأثناء تسجيل الشركة أرفق عبدالحافظ بياناته الشخصية وجواز سفره اليمني والعنوان الخاص بشركته والتي حددها في حي بيت بوس في العاصمة اليمنية صنعاء.
وزيرا للنفط
وفق معلومات حصل عليها معد التحقيق، رفض الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تعيين عبدالحافظ العليمي وزيراً للنفط أثناء المشاورات الخاصة بتشكيل حكومة وحدة وطنية في العام 2014 لضرورة أن يكون وزير النفط شخصية مستقلة وتُجمع عليها كل القوى السياسية، لكن حزب المؤتمر الشعبي العام أصر على ترشيحه وزيراً للنفط على الرغم من صغر سنه وقلة سنوات خبرته.
وعند استفسار معد التحقيق حول أسباب رفض الرئيس حينها تعيين عبدالحافظ وزيرا للنفط، رد مسؤول في رئاسة الوزراء فضل عدم ذكر اسمه، أن الرئيس رفض لكون السبب الرئيسي من فرض عبدالحافظ العليمي وزيراً للنفط هو محاولة الرئيس السابق علي عبدالله صالح مواصلة السيطرة على إدارة وتسويق النفط، والعمل على عدم فتح ملفات النفط والفساد والتي لن تُفتح بسبب ولاء عبدالحافظ لصالح وقتها.
لا تعليق
تواصل مُعد التحقيق مع كل من محمد فاهم وعبدالحافظ العليمي عبر إرسال رسائل إلكترونية للرد والتعليق على كل ما ورد في التحقيق، لكن لم يصل أي رد حول الأسئلة التي تم إرسالها لهما حتى تاريخ نشر هذا التحقيق.