إقرار المساواة بثلاثة أيام!

20 يناير 2018
ثمّة حاجة إلى تدخّل شمولي (أوزكان بيلغين/ الأناضول)
+ الخط -
أقرّ القانون اللبناني إجازة الأبوّة في لبنان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مانحاً الرجال ثلاثة أيام "كاملة". وعقّب على إقرار القانون الذي صدر أخيراً في الجريدة الرسمية، وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان قائلاً إنّه جاء "تطبيقاً لقاعدة تقاسم الأدوار بين النساء والرجال".

لا شكّ في أنّ خطوة إقرار القانون تمثّل اعترافاً من قبل الدولة اللبنانية بحقّ الرجال في إجازة أبوّة، لاحظةً بذلك أنّ دورهم لا يقتصر أو لا يجب أن يقتصر على دور الإعالة أو الإنتاج فحسب. لكن ثمّة مشكلة تكمن في مستويَين، الأوّل في المدّة التي منحها القانون حتى يقضي الرجل وقتاً نوعياً مع أسرته، والثانية في الفهم العام لمبدأ "تقاسم الأدوار" بين النساء والرجال.

حول مدة إجازة الأبوّة، قد تحتاج نساء بعد الولادة إلى أيام ثلاثة كاملة في المستشفى، ما يعني أنّ إجازة الأبوّة الممنوحة من الدولة اللبنانية للرجال لن تكون مخصصة لـ"تقاسم الأدوار بين النساء والرجال". فالزوج/ الأب سوف يقضي إجازته في متابعة أوراق الخروج من المستشفى أو الاهتمام بالزائرين أو الذهاب إلى المنزل لأخذ قسط من الراحة، وما إلى ذلك. بالتالي، لن يتسنّى له تمضية وقت نوعي مع طفله المولود حديثاً ومع زوجته. وفي حين تبدأ مرحلة الاستقرار في المنزل، يتوجّب على الرجل العودة إلى عمله على أن تسعين المرأة بشبكة دعم نسائية (أو عاملة أجنبية) لمتابعة أمور الطفل والمنزل. وهكذا، فإنّ الهدف المرجوّ من الإجازة يُدحض، ما يدلّ على أنّ القانون ربما لم يُبنَ على واقع المجتمع الحالي.

أمّا المشكلة الثانية فهي "موضوع المساواة في تقاسم الأدوار" كهدف آخر لإجازة الأبوّة. تذهب جذور مشكلة تقاسم الأدوار بين النساء والرجال إلى أبعد من إقرار إجازة أبوّة أو دخول النساء إلى سوق العمل. فالأدوار التقليدية التي يرتاح المجتمع حين يمارسها الرجال هي العمل وتلبية احتياجات الأسرة، أمّا في حالة النساء فتتمثل بالتربية والاهتمام بشؤون الأسرة. وما زال الأمر حتى الآن مجرّد دخول خجول لكلّ واحد من الطرفَين إلى "حيّز الآخر أو مجال العمل الذي فرضه عليه المجتمع". ودخول النساء إلى سوق العمل، لم يكن لأنّ ذلك حقّ لهنّ، الدافع وراءه كان الحاجة الاقتصادية التي دفعت المرأة إلى إيجاد فرصة عمل "لإعالة الزوج" الذي بدوره يقوم بإعالة الأسرة. كذلك هو الأمر مع "دخول" الرجال إلى مجال رعاية الأسرة، الذي وعلى الرغم من إقرار القانون، ما زال بعيداً كلّ البعد عن المساواة في الأدوار. بالتالي، فإنّ مسألة المساواة بين النساء والرجال في الأدوار في حاجة إلى تدخّل شمولي لتغيير الأعراف والذهنية والمنظومة والقوانين في آن واحد، وليس الاكتفاء بثلاثة أيام فقط.

(ناشطة نسوية)

دلالات
المساهمون