قال خبراء عقاريون اليوم الأحد، إن هناك توجها من بعض الشركات ومؤسسات استثمارية في الخليج، إلى الاستثمار العقاري والفندقي في الأسواق الأميركية والأوروبية وتحديداً البريطانية.
وأرجع الخبراء ذلك الإقبال، إلى تراجع المخاطر الاستثمارية نتيجة لاستقرارها الأمني والسياسي، علاوة على التسهيلات والعوائد الكبيرة التي تحققها تلك الأسواق للمستثمر العقاري الخليجي.
وفي الآونة الأخيرة، عادت ثقة المستثمرين من دول الخليج بشكل ملحوظ لشراء عقارات سكنية وتجارية وفندقية في السوق العقارية بالولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، يراها الخبراء بأنها الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وكان بنك "إنفستكورب للاستثمارات البديلة" البحريني قد أعلن في بيان اليوم، عن استحواذه على محفظة من خمسة عقارات سكنية في الولايات المتحدة الأميركية، في اثنتين من أسرع المناطق نمواً بولايتي فلوريدا ومينيسوتا، بقيمة إجمالية بلغت نحو 220 مليون دولار.
وقال محمد الشروقي، الرئيس التنفيذي المشارك لـ إنفستكورب "تتماشى صفقتا الاستحواذ الجديدتان مع استراتيجيتنا التي تركز على الاستثمار في عقارات مرغوبة وعالية الجودة، في أسواق تتسم بقوة الطلب وتتمتع بمقومات تتيح تحقيق عوائد نقدية جذابة".
وأضاف الشروقي فى بيان البنك "مع تراجع نسبة امتلاك المنازل في الولايات المتحدة، يتزايد الطلب على العقارات المخصصة للإيجار مع توافر نمو ثابت في أسعار الإيجارات، ومعدلات إشغال عالية".
وبحسب بيانات صادرة عن مؤسسة "ريل كابيتال أناليتكيس" للدراسات والأبحاث، تعتبر "إنفستكورب" من ضمن المؤسسات الأجنبية العشر الأكثر استثماراً في سوق العقارات الأميركية على مدى السنوات العشر الماضية.
وتتجاوز قيمة العقارات التي استحوذ عليها البنك المدرج في بورصة البحرين، في الولايات المتحدة خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، نحو 1.5 مليار دولار، وبلغ عدد صفقات الاستثمار العقاري التي نفذها خلال السنوات العشرين الماضية، أكثر من 400 صفقة بقيمة إجمالية تتجاوز 13 مليار دولار.
وكانت مجموعة "جي إف إتش المالية" البحرينية، التي تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، قد انضمت إلى ركب الاستثمار العقاري في أميركا خلال أكتوبر/ تشرين الأول، بعد استحواذها على محفظة للعقارات الصناعية في ست مناطق مختلفة بالولايات المتحدة الأميركية، قيمتها 125 مليون دولار.
وبحسب إحصاءات حديثة، يقدّر حجم الاستثمارات الخليجية في السوق العقارية الأميركية بحوالي 5 مليارات دولار سنوياً، وتبيع الشركات العقارية الخليجية العاملة في الولايات المتحدة 50 ألف وحدة سنوياً.
وأظهرت بيانات "ريال كابيتال أنالاتيكس"، والتي تم تحليلها من قبل وكالة العقارات البريطانية "سافيلس"، أن مستثمرين خليجيين اشتروا ملكيات عقارية في بريطانيا بمبلغ يفوق 5.9 مليارات دولار بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي (2015)، مقابل 4.8 مليارات دولار نهاية الفترة المماثلة فى العام السابق عليه.
وضخ المستثمرون الخليجيون نحو 45 مليار دولار في العقارات السكنية والتجارية في السوق البريطانية بين 2007 و2013، وهو ما يفوق حجم الاستثمارات العقارية المحلية في الشرق الأوسط بسبعة أضعاف، بحسب بيانات شركة سي.بي.آر.آي المتخصصة بالقطاع العقاري في بريطانيا.
وبحسب تقرير منفصل للشركة ذاتها، حافظت لندن على موقعها في رأس المدن الجاذبة لرؤوس الأموال الوافدة من الخليج خلال النصف الأول من 2015، مع تلقيها لـ 2.8 مليار دولار، ما يمثل 24% من إجمالي استثمارات الشرق الأوسط الخارجية.
وقال محمد التركي الخبير العقاري ومدير العقارات في شركة الوليد لإدارة العقارات (خاصة ومقرها دبي) "من الملاحظ أن الشركات الخليجية تتجه بقوة إلى الاستثمار في سوق العقارات الأميركية والأوروبية، إضافة إلى الأصول الفندقية التي تلقى اهتماما كبيراً من جانب المؤسسات الاستثمارية في المنطقة".
وأضاف التركي، أن هذا الإقبال الكبير من جانب مستثمري الخليج يعود في الأساس إلى انخفاض المخاطر الاستثمارية فى تلك الأسواق، بسبب استقرارها الأمني والسياسي إلى جانب توافر حالة من الاستقرار النسبي الاقتصادي، لافتاً إلى أن العوامل الاقتصادية الإقليمية مثل هبوط أسعار النفط، والتواترت السياسية ببعض البلدان المجاورة، يجعل من تلك الأسواق ملاذاً آمناً لمستثمري الخليج.
وتابع الخبير العقاري، "السوقان الأميركية والبريطانية على وجه التحديد لا تزالان تتمتعان بالجاذبية للمستثمر العقاري من الخليج في ظل توافر فرص النمو، كما يوفران عوائد مرتفعة وأرباحا مجزية.. ويقدر العائد السنوي للاستثمار العقاري في بريطانيا بين 5 إلى 10%، فيما يتراوح بين 8 و 11% في الولايات المتحدة الأمريكية".
وتوقع محمد التركي نمواً كبيراً في التدفقات الاستثمارية الآتية من دول مجلس التعاون الخليجي إلى عقارات لندن وأميركا خلال العام الجاري، في ظل الإقبال العالمي على الاستثمار العقاري في السوقين.
من جهته، أكد علي العوضي، المدير الإداري لشركة ويتاس للوساطة العقارية، أن نمواً فعلياً تحقق في الطلب على العقارات الأميركية من قبل المستثمرين من منطقة الخليج.
وأضاف العوضي في اتصال هاتفي مع الأناضول من البحرين، أن عوائد الاستثمار العقاري في السوق تختلف من ولاية لأخرى ومن مدينة إلى أخرى، إلا أنها تتراوح في المتوسط بين 8% و 12% سنوياً وهي نسبة جيدة.
وتابع، "هناك العديد من العوامل الأخرى أيضا مثل ارتفاع أعداد السياح العرب إلى بعض المدن الأميركية إضافة إلى تواجد عدد كبير من الطلبة الخليجيين هناك، وهو ما يشجع المستثمرين على شراء وتأجير عقارات في مناطق تمركز الطلبة".
وتمثل السوق الأميركية نحو 55% من السوق العقارية العالمية، وهي الأكثر جاذبية على مستوى العالم، لما تتمتع به من ضخامة وعمق وتنوع، إضافة إلى قابلية العقارات الكبيرة للتداول والتسييل، وهو ما يندر أن يتوفر في أسواق أخرى.