إقالة ماسن تفتح سجالاً في ألمانيا عن علاقة الاستخبارات باليمين المتطرف

17 سبتمبر 2018
توتر داخل الائتلاف الحاكم بسبب قرار الإقالة (فرانس برس)
+ الخط -

قررت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، المضي في قرار إقالة رئيس جهاز الاستخبارات الداخلية، هانس غيورغ ماسن، بعد مشاورات أجرتها، نهاية الأسبوع، مع عدد من الوزراء وأعضاء في حكومتها، وفقا لما نقلت، ظهر اليوم الإثنين، صحيفة "دي فيلت" الألمانية.


وبحسب المصدر ذاته، فإن ميركل، وقبل مغادرتها إلى الجزائر، أعلمت زملاءها في الحكومة أن "ماسن لا يمكنه البقاء في منصبه، بعد تصريحاته التي تعد تدخلا متكررا في الشؤون السياسية".

ويأتي خبر الإقالة على خلفية سجال ساهمت فيه تصريحات ماسن بنفسه عن أحداث العنف وصدامات بين اليمين المتطرف وجماعات نازية ومعارضين لها، وهجمات تعرّض لها لاجئون، وفقا لوسائل إعلام وأشرطة فيديو جرى تداولها من مدينة كيمنتس في شرق البلد، إثر مقتل ألماني، قبل نحو ثلاثة أسابيع، على يد عراقي وسوري، طالبي لجوء مفترضين.

وخلقت تصريحات ماسن المثيرة للجدل عن "غياب إثباتات عن هجوم متشددين على لاجئين"، وتشكيكه في شريط فيديو باعتباره "أخبارا زائفة"، أجواء توتر داخل الائتلاف الحاكم، بعد إصرار زعيمة الحزب الاجتماعي الديمقراطي، أندريا ناليس، في اجتماع أزمة، الأسبوع الماضي، على استقالة ماسن، بعد أن بدأت المخاوف "عن علاقة رئيس جهاز الاستخبارات مع حزب البديل اليميني المتشدد، تنتشر أكثر فأكثر".

وطالب عدد من السياسيين الألمان، ماسن، بتقديم "أدلة تثبت أن شريط الفيديو (الذي يظهر اعتداءات يمينية متشددة على لاجئين) ليس سوى أخبار زائفة"، وهو ما لم يفعله الرجل، الذي اتهم أيضا وسائل الإعلام الألمانية بأنها ذهبت عمدا نحو "تشتيت انتباه الألمان عن حادث الطعن، بالتركيز على المظاهرات العنيفة". وهي أقوال أثارت مختلف الأطراف الألمانية عن علاقة الرجل بحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، واقتناع وزير الداخلية، هورست سيهوفر، بأقوال ماسن عن زيف الشريط، لكن الاجتماعي الديمقراطي لم يقتنع بما قدمه ماسن من حجج.

مخاوف العلاقة بين ماسن و"البديل" المتطرف تناولتها، أمس الأحد، "شبيغل" التي أشارت إلى أن رؤساء أجهزة الاستخبارات في عدد من الولايات "امتنعوا عن مشاركة ماسن، لعدة أشهر، بعض المعلومات الحساسة، خشية أن يقوم بتسريبها إلى حزب البديل من أجل ألمانيا"، وهو الأمر الذي أكدته أيضا "بيلد ام سونتاغ"، أمس الأحد، وتضمّن معلومات عن لقاءات رئيس جهاز الاستخبارات الألماني مع شبيبة الحزب المتشدد من بريمن وسكسونيا السفلى.

وقد جرى سابقا، في عدد من الاجتماعات غير الرسمية، بحسب صحيفة "بيلد"، توجيه اتهامات إلى ماسن عن علاقته بهذا الحزب، وبعضهم يذهب إلى اتهامه بأنه وراء تسريب مذكرة توقيف اللاجئين في حادثة الطعن في كيمنتس. وكان استطلاع، وفقا لـ"زايت أونلاين"، أظهر أن 55 في المائة من الألمان فقدوا الثقة في جهاز الاستخبارات الألماني بعد أحداث كيمنتس. كما أظهر باروميتر سياسي لمحطة "زد دي اف الألمانية"، يوم الجمعة، تراجع الثقة في الجهاز بين مؤيدي الأحزاب السياسية، خصوصا في اليسار ويسار الوسط.

وكان وزير الداخلية أعلن، في مؤتمر الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الحزب الشقيق لحزب ميركل، الديمقراطي المسيحي، في مينونخ، يوم أول من أمس السبت، أنه لا يتوقع انهيار الحكومة بسبب الاختلاف على ماسن.

ووفقا لمعلومات "دي فيلت"، ستعقد، عصر الثلاثاء، المستشارة الألمانية اجتماع أزمة مع الاجتماعي الديمقراطي والاجتماعي المسيحي، شريكيها في الحكومة، للخروج بموقف يقي الحكومة الألمانية من التفكك الذي يمكن أن تؤدي إليه مواقف ماسن ومطالب إقالته.

وتبدو أخبار إقالة ماسن بمثابة رمي الكرة في ملعب سيهوفر، المسؤول رسميا عن جهاز الاستخبارات الألماني، خصوصا نقل الصحافة الألمانية، ومنها "دي فيلت"، بحسب معلوماتها الخاصة، كلاما عن ماسن جاء فيه "إذا سقطتُ فسيسقط هو (سيهوفر) أيضا".

ويأتي كل هذا السجال الألماني على خلفية ما نشرته "زد دي اف" في قياسها لآراء الألمان حول "تهديد الديمقراطية الألمانية"؛ فقد عبّر نحو 72 في المائة عن رأيهم أن "اليمين المتطرف يشكل تهديدا لديمقراطيتنا، فيما 20 في المائة لا يرونه كذلك. ويبدو أن فهم تهديد اليمين المتشدد يختلف حين يتعلق الأمر بتهديد اليسار المتطرف، حيث ترى نسبة 48 في المائة أنه يشكل تهديدا للديمقراطية، فيما 49 في المائة لا يرونه كذلك".

المساهمون