إفادة من انتصار غزة

24 سبتمبر 2014
+ الخط -

قد يختلف كثيرون معي في التقدير، وهذا طبيعي جداً، لأن عالم الأفكار نسبي ومتحرك ومتغير، واختلاف وجهات نظرنا من صميم التنوع المبثوث في كل العوالم، والذي لا يجب أن يمنع أمتنا من الوحدة والتلاقي، ويبحث له عن تدبير معقلن، قد يصل إلى تطوير المشترك وتذويب الخلاف، إذا وجد النضج اللازم والقلب الواسع، وغلبت المصلحة الوطنية.

انتصرت غزة بالمقاييس الأرضية، إذا عرفنا أنها كانت محاصرة جواً وبراً وبحراً، وهي بقعة جغرافية معزولة محدودة ومسدودة من كل جانب، وانتصرت مع فارق العتاد الصهيوأميركي والمعدات الفلسطينية البسيطة لمختلف فصائل المقاومة، وإن كان بعضهم يريد أن يحصرها في "حماس" لحاجة في نفسه، وربما حقد وحسد و"أدلجة" لهذا النصر المظفر، والذي فرحت له الأمة جمعاء.

تُرى، كيف انتصرت غزة؟ وماذا يمكن أن نستفيد، ونحن نستشرف غداً مشرقاً زاهراً، ننتقل إليه كلما أخذنا بأسباب القوة، التي أمر الله بها من نصر إلى نصر، ومن حسن إلى أحسن؟

هناك فكرة ومبدأ وتربية وتنظيم، ومن لا تنظيم له لا قوة له، وهي مقولة إنسانية مشهورة، هناك فصائل تعددت مرجعياتها، وتوحدت مصلحتها الوطنية، وذابت خلافاتها أمام الكيان الصهيوني الغاشم وعدوانه وحربه، وهناك عمل دؤوب ومتواصل وبناء وحوار بين مختلف الفرقاء في فلسطين الأبية.

وأكبر من هذا، هناك مقاومة فكرية وإعلامية ونفسية اجتماعية متقدمة ومتنامية، مع امتداد هذه الصحوة الإسلامية المباركة، بينما كانت "فتح"، إلى الأمس القريب، تصول وتجول، وتستبد بالشرعية وبمنظمة التحرير الفلسطينية، وصمت الصف "الديمقراطي" العربي  للتقارب الفكري والمرجعي للإخوة اليساريين، ويعرف الجميع أين وصل "التفاوضيون" الذين علقوا الآمال على اتفاق أوسلو، بل مأساة "التنازلات"، التي لم تتوقف.

اليوم وغداً، المطلوب من الجميع، جعل فلسطين فوق المصالح الضيقة لأي فصيل، والانتصار للمواطن ولقضاياه في التحرر والكرامة والحرية وامتلاك القوة للدفاع عن نفسه. فقد جرّبنا الحل التفاوضي، أليس من العقل والحكمة أن نترك من صنعوا النصر والصمود أن يساهموا من باب التشاركية ودمقرطة الرأي وفتح الباب لآفاق جديدة في القضية، وأن يدلوا بدلوهم ويصنعوا مجداً، طالما حلمنا به جميعا؟

أيعقل مناضلونا، ويتخلوا عن الحزبية الضيقة والإيديولوجية المقيتة إلى حين، ويفتحوا آذانهم وقلوبهم للآخر، بكل اختلافاته واجتهاداته؟ أيمكن أن يفكر العقل الفلسطيني بعيداً عن الإملاءات الإسرائيلية والأميركية والإقليمية في مصير قضيته العادلة والمشروعة؟

13A7D85F-A336-4E2A-9594-0D759F5F666F
13A7D85F-A336-4E2A-9594-0D759F5F666F
المغرب
المغرب
المغرب